في فن الخط.. معرض قطري يثمن تجربة السوداني عثمان وقيع الله
تستضيف المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، معرضا للخط العربي للفنان التشكيلي السوداني الراحل عثمان وقيع الله (1925 – 2007).
ويسلط المعرض الضوء على تجربة وقيع الله العربية الرائدة في فن الخط من خلال مجموعة من إبداعات الفنان الذي كرس حياته للفن والإبداع وترك وراءه أعمالا فنية رائعة في الفنون التشكيلية والخط العربي، حتى صار معروفا بـ”صاحب البعد الرابع”.
ويضم المعرض المستمر حتى العشرين من أغسطس الجاري، مجموعة من لوحات ومقتنيات الراحل عثمان وقيع الله، ويقارب المعرض مختلف مراحل الفنان، ليتعرف الزائر بشكل دقيق إلى الاتجاه المحدث والريادي للفنون التشكيلية في السودان.
وجاء افتتاح المعرض في الرابع عشر من أغسطس الجاري بحضور الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي مدير عام المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، وأحمد عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب سفير جمهورية السودان لدى الدولة، وجمع من المثقفين وعدد كبير من أبناء الجالية السودانية بالدوحة.
معرض يضم أعمالا رائعة لواحد من أهم الفنانين السودانيين، فهو مؤسس كلية الفنون الجميلة في السودان وله إنجازات كبيرة في مجال الخط العربي
وأعرب الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي عن سعادته باحتضان كتارا لمعرض الراحل عثمان وقيع الله والذي يعد من أبرز الفنانين المعاصرين عربيا، مشيرا إلى أن المعرض يحتوي على 82 عملا فنيا منها 42 لوحة في الخط العربي، إلى جانب مقتنيات خاصة به من أبرزها ثلاثة مصاحف كتبها بيده، وهي نسخ نادرة وتم جلب عدد من المقتنيات بالتعاون مع ابنة الفنان الراحل لتكون هذه المقتنيات في حوزة المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا فيما بعد.
وأشار مدير عام كتارا إلى أن مؤسسة الحي الثقافي احتضنت من قبل العديد من الفنانين السودانيين، وذلك بالتعاون مع السفارة السودانية بالدوحة، التي تحرص على تعزيز التعاون مع كتارا، بهدف التعريف بمختلف مفردات وعناصر الثقافة والتراث السوداني للجمهور في قطر.
ومن جهته، أكد أحمد بن عبدالرحمن سوار الذهب سفير جمهورية السودان لدى قطر، أهمية هذا المعرض الذي يضم أعمالا رائعة لواحد من أهم الفنانين السودانيين، فهو مؤسس كلية الفنون الجميلة في السودان وله إنجازات كبيرة في مجال الخط العربي.
وثمن جهود المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا في احتضان الثقافة والفنون السودانية، حيث احتضنت كتارا على مدار عام تقريبا أكثر من 5 معارض لفنانين سودانيين ومن قبلها المهرجان السوداني النوبي، ما يعزز التعاون الدائم بين السفارة السودانية وكتارا.
وأشاد بالتعاون الثقافي مع دولة قطر بمختلف المؤسسات الثقافية سواء وزارة الثقافة التي احتضنت فعاليات للجالية والثقافة السودانية أو نادي الجسرة الثقافي الذي يقوم باستضافة عروض فنية
ومسرحية سودانية، وكذلك متاحف قطر التي ترعى عددا من المتاحف السودانية، وكذلك البعثات السودانية الأثرية العاملة في السودان التي تواصل استكشافاتها بدعم من متاحف قطر.
جدير بالذكر أن الفنان السوداني الراحل قد أنجز بخطه المتفرد بعض المصاحف وعددا كبيرا من اللوحات القرآنية، وهو أستاذ مؤسس لكلية الفنون الجميلة، ولأول مرسم حر لفنان سوداني، وأسهم في تأسيس البرنامج الأوروبي في الإذاعة السودانية، وصمم أول عملة سودانية.
انجذب الفنان الراحل للخط العربي فسافر إلى مصر، وتتلمذ على يد سيد محمد إبراهيم في الخط العربي، وفي عام 1951 حصل على الإجازة في الخط، ثم عاد إلى السودان ليُدرس في كلية الفنون الجميلة التي كان هو أحد مؤسسيها في العام نفسه.
في عام 1952، أسس أستوديو عثمان كملتقى للفنانين والمثقفين في السودان. في عام 1967، كان شاعرا وإعلاميا من الطراز الأول وعمل في هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” في القسم العربي، وعمل خبيرا للخط العربي في شركة توماس لارو، المتخصصة في سك العملات النقية والورقية، وكانت له قدرة فائقة على الجمع بين أصول الخط التقليدية والاتجاه الحديث.
اشترك عثمان في معارض نظمها المتحف البريطاني في لندن كما تنقلت تلك المعارض لعام كامل حول بريطانيا. كما اشترك في معارض أخرى برعاية الأكاديمية الملكية، منها معرض أفريقيا العالمي للعام 1995 الذي بدأ بلندن ثم انتقل إلى السويد.
ويعتبر عثمان وقيع الله قامة مؤثرة في أجيال من أبناء بلده، فهو صاحب تجربة إبداعية شكلت إضافة قيمة وتجارب معاصرة في التشكيل والخط وتفوق منجزاته 600 عمل وكتب بكل أنواع الخطوط واستخدم القوالب
التركيبية بطرق غير تقليدية، محاولا التجديد، سواء عبر تنويع الخطوط الكلاسيكية من الكوفي والثلث والنسخ، أو عبر استخدام الألوان بطبقاتها المتعددة.
تفرد الفنان الراحل بأسلوب خاص يميز خطه أينما يشاهد، وأضاف لتجربته أسلوبا آخر جمع فيه بين الخط واللون أسماه “البعد الرابع”، وأطره برؤى فلسفية وتأملية.