قصر “المصمك” تحفة معمارية تاريخية في الرياض
يُعد قصر المصمك المعلم التاريخي الأبرز في العاصمة الرياض لارتباطه بتاريخ تأسيس المملكة، ولروعة بنائه، وما يحويه من متحف يستقطب الآلاف من المواطنين والزوار.
تعود قصة بناء حصن المصمك إلى عهد الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، الذي شرع في تشييده عام 1282هـ – 1865م ضمن قصر كبير في الرياض.
وأطلق عليه المصمك – وفقًا لما ذكرته دارة الملك عبدالعزيز – نسبة لمواصفات بنائه السميكة والمرتفعة؛ ليظل على مدى 147 عامًا متربعًا وسط الرياض القديمة التي يقطعها آنذاك شارع شمالي جنوبي، يُسمى «السويلم»، وشرقي غربي يسمى «الثميري»، ومحاطة بسور طيني، يبلغ ارتفاعه 20 قدمًا، وله خمس بوابات، هي «الثميري، السويلم، دخنة، المذبح والشميسي».
استعمل هذا القصر وتحديداً في عام 1902 كمستودعٍ توضع فيه الأسلحة والذخيرة بعد أن تمّ فتح مدينة الرياض، وبقي على هذا الأمر إلى أنه يُستعمل هذا القصر اليوم كمتحفٍ، مخصصاً فيه معروضات عن توحيد المملكة العربيّة السعودية التي قامت بفضل الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ليكون معلماً تراثياً يتكلّم عن فترة مهمة في حياة المملكة وتأسيسها.
تنبع الأهمية التاريخية والحضارية لحصن أو قصر المصمك؛ مما مر وتعاقب عليه من أحداث تاريخية فارقة، وما حظي به من مكانة حضارية مميزة ومهمّة، إذ شهد القصر على معركة فتح الرياض التي استعاد فيها الملك عبد العزيز آل سعود مدينة الرياض لحكم أسرته من آل رشيد في العام 1902م، وما تزال آثار وشواهد تلك المعركة جلية حتى اليوم متمثلةً بأثر رمح معاون الملك عبد العزيز؛ “ابن جلوي” على باب قصر أو حصن المصمك الذي أطلقه على عجلان بن رشيد بهدف إصابته وقتله به، سوى أنه استقر في الباب مُحدثاً شرخاً فيه ما يزال شاهداً على الحدث حتى يومنا هذا.
وبعد اقتحامه والاستيلاء عليه من آل سعود؛ تحوّل القصر من حصنٍ ومقرٍ لإدارة شؤون الرياض من قِبل آل رشيد؛ إلى مستودع لأسلحة وذخيرة آل سعود لمدة عامين في بادئ الأمر، من ثم جرى تحويله إلى سجنٍ، ولُيصبح متحفاً ومعلماً تاريخي وأثريٍ تم افتتاحه لاحقاً في العام 1995م.
تقع بوابة قصر المصمك في جهته الغربيّة، أمّا ارتفاعها فهي 3.60 متراً، ويبلغ عرضها 2.65متراً، وهذه البوابة مصنوعة من الأثل وأيضاً من جذوع شجر النخيل، وسماكة الباب تبلغ 10 سم، حيث نجد فيه عوارض ثلاثة سمك كل واحدة هو 25 سم، ونجد فتحة في وسط الباب تُعرف باسم الخوخة، تُستعمل كبوابة ضيقة وصغيرة، فلا يستطيع دخولها إلاّ شخص منحني، يوجد في الباب حربة كسر رأسها، وهي شاهد على المعركة العنيفة التي حصلت مع الملك عبد العزيز وبعض خصومه هناك.
يوجد في القصر أيضاً مسجداً يقع إلى الجهة اليسارية من مدخله، يأتي هذا المسجد على شكل غرفة واسعة جداً، تحوي أعمدة عدّة، وعلى جدرانه بعض الرفوف تستخدم لوضع المصاحف عليها، ومازال محافظاً المسجد على المحراب، إضافة لوجود فتحات في الجدران والسقف تستعمل للتهوية.
في الجهة المواجهة لمدخل القصر نجد المجلس أو ما يعرف بالديوانيّة، وهو غرفة ذات شكل مستطيل، ونجد فيها وجار، وهذا الوجار هو تقليدٍ معروف في المنطقة، إضافة لوجود فتحات في السقف والجدران تستعمل من أجل الإنارة والتهوية، أمّا في جهة مدخل القصر الشماليّة الشرقيّة، فيوجد بئر للماء، يتمّ سحب الماء منه بواسطة الدلو.
في أركان القصر الأربعة هنالك برج ذو شكل اسطواني، يبلغ ارتفاع كلّ واحد 18 متراً، ويمكن الصعود إليه عن طريق درجٍ، حيث يمكن أن يستخدم الرمي من أعلى هذه البروج، أمّا سماكته فتبلغ 1.25 متراً.