طارق بن زياد فاتح الأندلس
شخصية إسلامية رمزية عظيمة نالت حظوة كبيرة لدورها المحوري في توسيع الدولة الإسلامية وفتح الأمصار في المغرب الأقصى وشبه الجزيرة الإيبيرية (الأندلس)، إنها شخصية القائد الإسلامي الكبير طارق بن زياد (50-101 هـ)، وهو أحد قادة الفتح الإسلامي في جيش والي أفريقيا موسى بن نصير في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم.
طارق بن زياد هو قائد من البربر قام بقيادة الفتح الإسلامي لإسبانيا، التي كانت خاضعة لحكم القوطيين وقد طلبوا من المسلمين مساعدتهم في إنهاء الحرب الأهلية؛ فاستجاب طارق بن زياد لذلك وقاد جيشاً قوامه 7000 رجل معظمهم من البربر، والسوريين، واليمنيين في عام 711، وتم إطلاق اسم طارق بن زياد على جبل طارق الذي يُعرف إلى الآن بهذا الاسم، وقام طارق بن زياد بحكم طنجة أيضًا.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
رغم تعدّد الروايات التاريخية حول أصول القائد المسلم طارق بن زياد إلا أنّ بعض المؤرخين يشير إلى أنّه ولد طارق بن زياد في منطقة خشنلة في بلاد المغرب العربي، وذلك في عام 670م الموافق 50هـ، ونشأ مع عائلته وقبيلته في بلاد المغرب العربيّ نشأة إسلاميّة، وتعلّم القراءة، والكتابة، وحفظ عدداً من سور القرآن الكريم، كما وحفظ عدداً من الأحاديث النبويّة الشريفة.
كان طارق بن زياد معروفًا بحنكته العسكرية وقوته الشخصية، وقد تم تعيينه من قبل موسى بن نصير لقيادة الحملة الإسلامية لفتح الأندلس في عام 711 ميلادي، عبر طارق مضيق جبل طارق، الذي سُمي بهذا الاسم تيمنًا به، وهبط بجيشه في شبه الجزيرة الأيبيرية.
فاتح الأندلس طارق بن زياد
تمكّن طارق بن زياد من فَتْح الأندلس عام 92 للهجرة، وكان ذلك بعد معركة خاضها ضدّ (لذريق) ملك القوط، ويُعتبَر طارق بن زياد من أشهر القادة العسكريّين في التاريخ الإسلامي، علماً بأنّ اسمه أُطلِق على جبل في جنوب إسبانيا، وهو الجبل الذي تجمَّع عنده جيش المسلمين في أثناء زَحْفهم نحو الأندلس؛ لفَتْحها.
وتشير الدراسات التاريخية أنّ طارق بن زياد وُلِد عام 50 للهجرة، وعلى الرغم من تعدّد الروايات حول أصوله إلا أنّه من المؤكد أنّ طارق بن زياد نشأ في بيئة إسلاميّة عربيّة خالِصة، وقد اتّسم ببسالته وشجاعته وهمّته العالية في الفتوحات، كما كانت له أوصاف جسمية ذكرها المؤرخون، مثل: هامته الضخمة، ولونه الأشقر، وقامته الطويلة.
جهاد طارق بن زياد وفتح الأندلس
كان حُبُّ طارق بن زياد للجهاد سبباً في التحاقه بالجيش الإسلاميّ بقيادة موسى بن نصير، ومشاركته في الفتوحات الإسلاميّة، وقد ظهرت براعته، ومهارته، وشجاعته في القتال، والقيادة، وهذا ما جعل موسى بن نصير يعتمد عليه في فتوحاته؛ حيث جعله على مُقدِّمة جيوشه الموجودة في المغرب، فأصبح طارق بن زياد قائداً للجيوش الإسلاميّة التي سيطرَت على بلاد المغرب الأقصى، كما أنّه وُلِّيَ على مدينة طنجة؛ ليتمكَّن من مُراقبة سبتة؛ تأهُّباً لفَتْحها.
استعدَّ طارق بن زياد؛ لفَتْح الأندلس بعد أن طلب أهلُها المساعدةَ من المسلمين، حيث كانوا يشتكون من ظُلم لذريق لهم، وكانت هذه فرصة جيّدة؛ لنَشْر الإسلام في الأندلس، ومُواصلة الفتوحات الإسلاميّة، فخرج جيش طارق إلى الأندلس، عابراً مَضيق البحر الأبيض المُتوسِّط، وتجمَّع المسلمون عند جبل طارق في الخامس من شهر رَجب من عام 92 للهجرة، فبنى طارق بن زياد حِصناً بالقُرب من هذا الجبل، ثمّ انطلقَ نحو ولاية الجزيرة الخضراء، واستطاع الاستيلاء على قِلاعها، وفي بلدة شذونة بالقُرب من وادي لكة (وادي برباط)، التقى جيش المسلمين بجيش لذريق، واستمرَّت المعركة مدّة ثمانية أيّام تحقَّق من بَعدها النصر للمسلمين، وفرّّ لذريق هارباً.
بعد انتهاء معركة وادي لكة، تابع طارق بن زياد فتوحاته للأندلس؛ فاتَّجه إلى طليطلة عاصمة القوط، وأرسل حملات عسكريّة نحو كُلٍّ من مالقة، وغرناطة، وكذلك قرطبة، وإلبيرة، و بعد رحلة طويلة، ومُتعِبة، تمكَّن من دخول طليطلة، فكان أوّل ما حرص عليه هو الإبقاء على السكّان الذين يعيشون فيها؛ حيث تركَ لهم كنائسهم، وأحسنَ مُعاملتهم، وحتى يكمل فَتْح الأندلس، وينشرَ الإسلام في كافّة أرجائها، أرسل إلى موسى بن نصير؛ ليمدَّه بالجنود، ممّا يُمكِّنه من تخليص الناس من ظُلم القوط، وهذا ما حَدث فعلاً؛ إذ انطلق موسى بجيش يبلغ 18 ألف جنديّ نحو الأندلس، وبعد أن التقى الجيشان، فُتِحت كُلٌّ من برشلونة، وسرقسطة، وطركونة.
كيف مات طارق بن زياد
وفاة طارق بن زياد لا تزال محل نقاش بين المؤرخين، وهناك عدة روايات حول ظروف وفاته بعض الروايات تشير إلى أنه اختفى بعد وصوله إلى الشام بصحبة موسى بن نصير بعد أن استدعاهما الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، ويُقال أنهما كانا على خلافٍ كبيرٍ معاً، ممّا جعل الوليد بن عبد الملك يعزل كلاً منهما واختفى طارق بن زياد بعدها ولم يعرف له أثر.
رواية أخرى تقول إنّ طارق بن زياد بعد عودته إلى الشام اختار أن يعيش بقية عمره في الصلاة والتفرغ للعبادة والبعد عن جميع المناصب والولايات ومات دون أن يعلم بأمره أحدٌ من العامة وفي كل الأحوال، توفي طارق بن زياد في عام 720 ميلادي.