آثار تفكك الأسرة على الأولاد
كيف يحدث التفكّك الأسري ، غالباً ما يكون هناك مشاكل وعيوب ، ربّما قد تكون مشاكل وعيوب صغيرة وسرعان ما تتطوّر بين الزّوجين ولعلّها تحدث أمام الأطفال في بعض الأحيان ، وهنا قد لا يدرك الزّوجين مدى خطورة هذه المشاكل وعيوب .إذ أنّها تؤدّي في أغلبها إلى الطّلاق وانفصال الزّوجين .
من هنا تبدأ المعاناة الحقيقيّة ، إذ يحكم القاضي بانفصال الأزواج عن بعضهم وحين يتم الإنفصال يذهب الزّوج إلى زوجته الجديدة ، والزوجة إلى حياتها الجديدة ، ربّما مع أهلها أو زوج اخر . متناسين أنّ هناك أبناء ، سيضيع مستقبلهم سواء أكانو إناث أم ذكور . حيث يذهب الأبناء فاقدين لمراقبة الأهل مع أصحاب السّوء ويتعلّمو منهم ما لا يصح تعلّمه ، على عكس وجودهم مع أبويهم حيث يتعلّمون الأخلاق والآداب الحسنة .
وربّما ينجرف الأبناء إلى التّدخين ، أسوة بزملائهم وقد يصل الأمر إلى الإدمان وهو من أخطر المشاكل وعيوب التي نواجهها في عصرنا الحالي . ويحتمل نتيجة لعدم وجود الأهل أن يصار بهم إلى مأوى ، أو سجون الأحداث والأولى بهم حضن أبويهم .وعلى غرار ذلك الإناث ، من آثار تفكّك الأسر على الإناث ، أن تفقد الفتاة حنان أهلها وتربية أهلها لها في كنف الإسلام تربية صالحة .أو أن يصل بها المطاف إلى بيت زوجها وهي لم تبلغ ، حيث أنّ هذه المشكلة من أخطر المشاكل وعيوب التي كانت وقد لاتزال تواجه الإناث في عالمنا العربي .
أرجو من القارئ الكريم التمعّن بالكلمات وعبارات التي كتبت والعلم بأنّها جزء بسيط من المشاكل وعيوب التي تواجه الأبناء بعد انتهاء علاقة الأزواج ببعضهما . وندعو الله بأن يحمي أسر المؤمنين كافّة وإنتاج جيل من الأبناء والبنات صالحين مؤمنين بدين الله.
1ـ آثار التفكك على الأفراد : ـ
أول ضحايا التفكك الأسري هم أفراد الأسرة المفككة فالزوج والزوجة يواجهان مشكلات كثيرة تترتب على تفكك أسرتهما فيصابان بالإحباط وخيبة الأمل وهبوط في عوامل التوافق والصحة النفسية وآلا ثار الأكثر خطورة هي تلك المترتبة على أولاد الأسرة المتفككة خصوصا إن كانوا صغار السن فأول المشكلات التي تواجههم فقدان المأوي الذي كان يجمع شمل الأسرة وهنا سوف يحدث التشتت حيث يعيش الأولاد أو بعضهم مع احد الوالدين والبعض الآخر مع الوالد الآخر.
2ـ آثار التفكك على علاقات الزوجين بالآخرين :
ينتج عن التفكك الأسري اضطرابات وتحلل في علاقات الزوجين بالآخرين خصوصاً الأقارب فإن كانت هناك علاقة قرابة بين أسرتي الزوجين فإنه غالباً وللأسف تتأثر سلبياً بما يحدث للزوجين فتحدث القطيعه بين الأسرتين .
3ـ آثار التفكك على نشر الانحراف :
يؤدي التفكك الأسري في بعض الأحيان إلي تهيئة الظروف لانحراف أفراد الأسرة خصوصاً الأولاد من البنين والبنات فعندما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها ينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي وضعف القدرة لدى الفرد على مواجهة المشكلات .
4ـ اثار التفكك على قيم المجتمع وثقافته :
يسبب التفكك الأسري اختلاًلاً في كثير من القيم التي يسعى المجتمع لترسيخها في أذهان وسلوكيات أفراده مثل الترابط والتراحم والتعاون والمسامحة ومساعدة المحتاج ولوقوف معه في حالات الشدة وغيرها من القيم الايجابية المهمة في تماسك المجتمع واستمراره .
الانحراف الاجتماعي :
يشير مفهوم الانحراف الاجتماعي بشكل عام إلي أنماط الفعل التي تمتثل للمعايير والقيم التي يعتنقها أغلبية أعضاء الجماعة أو المجتمع ويختلف ما يعد انحرافاً بذات القدر الذي تتباين به المعايير والقيم التي تميز الثقافات الفرعية المختلفة عن بعضها فالعديد من أشكال السلوك التي ينظر إليها بقدر كبير من التقدير من قبل جماعة ما قد تعد سلبية في نظر أبناء جماعة أخرى .
يدل لفظ “انحراف ” على مخالفة أي من الأنماط السلوكية السوية والمرغوبة اجتماعيا سواء كانت تلك الرغبة بنص القانون أو العرف أو القيم الثقافية السائدة وهكذا فإن الانحراف من المنظور الاجتماعي هو السلوك المخالف لما ترتضيه الجماعة .
الانحراف هو إتيان أي فعل لا تقبله النسبة الغالبة من أفراد الجماعة ويشمل الانحرافات القانونية وغير القانونية والسبب في الأخذ بالانحرافات غير القانونية هو أن العادات والأعراف والتقاليد والقيم الأخلاقية قد يزداد الاهتمام ببعض منها فترقى إلي مستوى القانون ويبقي بعضها الآخر دون ذلك وقد تكون السلوكيات المنحرفة بنص القانون أفعالاً خطيرة على آمن الجماعة وعلى حياة وأعراض أفرادها أو مقدساتهم ومكتسباتهم ومستقبلهم أو تطلعهم العام مما يتطلب شجب هذه الأفعال ومكافحتها فالأمر إذا يتعلق بأفراد الجماعة و معتقداتهم ووجهة نظرهم للأنماط السلوكية غير السوية وما يجب أن يجرم منها بنص القانون .
يشير السلوك المنحرف إذاً إلى الخروج أو الانحراف عن المعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع ويوضح روبرت ميرتون أن مفهوم السلوك في أساسة يعد مفهوماً أخلاقياً كما أنه يستخدم في اللغة اليومية للإشارة إلي ما يعرف بالسلوك السيئ بصفة عامة كما يشير ميرتون إلى نمطين أساسيين من السلوك المنحرف هما السلوك اللاتوافقي والسلوك المنحرف ويميز بينهما على النحو الأتي :ـ
1ـ الأفراد غير المتوافقين تتخذ معارضتهم ـ عادة ـ صفة العلانية على حين أن المنحرفين يحاولون ـ عادة ـ إخفاء انحرافاتهم فالمعارضون السياسيون يظهرون معارضتهم للنظام السياسي علانية بينما مرتكبو الجرائم يمارسون سلوكهم في الخفاء .
2ـ بينما يمثل سلوك غير المتوافقين تحدياً لشرعية المعايير الاجتماعية التي يعارضونها ويرفضونها فإن المنحرفين ينتهكون المعايير التي يعترفون بها فيحاول المنحرفون تبرير سلوكهم المنحرف ولكنهم لا يجادلون في أن السرقة انحراف والقتل خطيئة .
3ـ يسعى غير المتوافقين إلي تحقيق هدف أساسي يتمثل في تغيير المعايير الاجتماعية القائمة وإحلال معايير أخرى محلها يرون أنها أفضل من المعايير القائمة في حين أن المنحرفين لا يشغلهم سوي كيفية الهروب من العقوبات المرتبطة بمخالفة المعايير الاجتماعية القائمة بالفعل .
4ـ يسعى غير المتوافقين إلي تحقيق العدالة في الواقع الاجتماعي من خلال محاولتهم تغير البناء الاجتماعي لكن المنحرفين لا يكون لديهم شيئاً جديداً يقدمونه لأنهم يسعون إلي التعبير عن مصالحهم الخاصة وإشباع حاجاتهم الشخصية .
وبناء على ذلك ينطبق الانحراف الاجتماعي على أي سلوك لا يكون متوافقاً مع التوقعات والمعايير المقبولة داخل النسق الاجتماعي والتي يشارك فيها الشخص بقية أعضاء المجتمع .
وقد اهتم علماء الاجتماع بتحديد الفروق المرتبطة بالتسامح مع أنماط معينة من انتهاك المعايير ومما لا شك فيه أن جميع ألوان الانحراف عن المعايير الاجتماعية تواجه بالرفض والمعارضة من المجتمع .
وتتضمن النظرة المتكاملة للانحراف أنماطاً أربعة هي :ـ
1ـ انحراف الفرد عن الاهداف العامة للمجتمع أي أن تحديدة لأهدافه الذاتية ـ على المستويين القريب والبعيد ـ تم بمعزل عن تطلعات المجتمع وأهدافه .
2ـ انحراف الفرد عن الوسائل السوية والسلوكيات الأخلاقية التي تستخدم لتحقيق الغايات وفي هذه الحالة قد يسير المنحرف بمبدأ ” الغاية تبرر الوسيلة “
3ـ انحراف الفرد عن الأهداف والوسائل فالأهداف قد تكون غير مشروعه وكذلك وسائل تحقيقها غير مقبولة قانونياً واجتماعياً وأخلاقياً لدى المجتمع .
4ـ التطبيق الخاطئ والمسايرة الجامدة المفرطة للأهداف والوسائل ما يجعل الفرد يخرج عن التوقعات المشتركة .
نسبية الانحراف الاجتماعي :
الانحراف من الوقائع الاجتماعية التي لازمت المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور والانحراف ليس شيئاً مطلقاً بمعني أنه يدل على فعل ثابت له أوصاف محددة ولكنة نسبي تحدده عوامل كثيرة منها الزمان والمكان والثقافة فقد كانت بعض الأفعال في الماضي لا تعد انحرافاً ولكنها أصبحت انحرافاً في المجتمع المعاصر يحقر مرتكبوها ويعاقب عليها القانون .
إن الانحراف في العصر الحاضر قد يختلف معناه في مجتمع عنه في مجتمع آخر نظراً لاختلاف المجتمعات في عناصر ثقافتها وحضارتها وعلى الرغم من أن الانحراف ظاهرة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات الانسانية ، سواء كانت بدائية أم متطورة قديمة أم حديثة متخلفة أم متقدمة فإن ما نتناولة من أنماط النشاط ليس واحداً في الزمان والمكان مادام أساس الانحراف تابعاً لوجهة نظر المجتمع في زمان ما أو مكان ما ومن ثم فإن ما يجعل الفعل منحرفاً ليس الفعل ذاته ولذاته بل نظرة مجتمع بذاته إليه .
فالمجتمع هو الذي يحدد ما هو خطا وما هو صواب ، هو الذي يقرر ما إذا كان فعلاً معيناً يشكل انحرافاً أم لا ، ولما كانت المجتمعات تختلف من حيث بنائها وتاريخها وثقافتها فإنها تختلف في فهمها وفي تقديرها للخطأ والصواب ولما كانت قيم واتجاهات المجتمع تتغير وتتطور على مر الزمان فقد استتبع ذلك أن يكون الانحراف نسبياً فقد يعد مجتمع فعلاً معيناً في فترة ما انحرافاً ثم يبيحه فيما بعد .
والانحراف ليس نسبياً إلي الثقافات العامة فحسب ، بل إنه نسبي أيضاً للثقافات الفرعية داخل المجتمع الواحد نفسه ، وهناك من الانحرافات ما تعد أحياناً جناية وأحياناً أخرى جنحه ، حسب الثقافة الفرعية التي تتأثر بتقاليد وعادات معينة فالسطو في بعض البلدان العربية إذا وقع ليلاً يعد جناية لأنه حدث ليلاً ما يجعل الضرر أكبر مقارنة بما عليه الحال في وضح النهار لذلك يعد السطو نهاراً جنحة لأن الضرر يكون أقل .