فن و ثقافة

مهتمون بالتراث: لولا تدخل “سلطان بن سلمان” لاندثرت القيصرية وما حولها ولما احتفلنا بالانضمام للتراث العالمي.

نشهد غدًا حفل انضمام الواحة لقائمة التراث العالمي سوق القيصرية بالأحساء.

خالد عبد الرحمن / واس
قصة تغلب التراث على الحداثة ليتحقق الإنجاز العالمي أمام سوق القصرية التراثي يحتفل أهل الأحساء غدًا بانضمام واحتهم إلى قائمة التراث العالمي.
واختير هذا السوق لما يمثله من مَعْلَم تراثي مهم ورئيس في المحافظة، ولما يمثله من رمز لتمسك الإحسائيين بتراثهم وإعادة إحيائه.
ولسوق القيصرية قصة تجسد عودة الاهتمام بحماية المواقع التراثية وتأهيلها بعدما كانت مهددة بالاندثار، وهو نهج برز في السنوات الأخيرة في مناطق المملكة المختلفة نتيجة الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الذي كان له الدور الرئيس في حماية سوق القيصرية بالأحساء وإعادة إعماره بعدما كان مقررًا إقامة (مول) مكانه نتيجة الحريق الذي تعرض له في العام 1422هـ.
وقام سموه بالتواصل مع سمو المنطقة الشرقية وقتها الأمير محمد بن فهد وسمو محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي ورئيس البلدية المهندس فهد الجبير لمنع إقامة مول مكان السوق التراثي والعمل على إعادة بنائه بالطراز السابق، وأكد سموه أن وقفة الملك فهد رحمه الله والأمير محمد بن فهد كان لها الدور الكبير في عودة القيصرية مشيدًا بتعاون ودعم سمو محافظ الأحساء ورئيس البلدية الذي تجاوبوا مع سموه وعملوا بالشراكة مع الهيئة لإعادة إعمار السوق بطرازه التراثي القديم.
وأكد عدد من المهتمين بالتراث في الأحساء أنه لولا تدخل الأمير سلطان بن سلمان في إنقاذ القيصرية لتحولت إلى مول واندثرت المواقع التراثية التي حولها ولم يكن بالإمكان تسجيل الأحساء في قائمة التراث العالمي ونقف أمامها اليوم احتفالًا بذلك.
ويقع سوق القيصرية في حي الكوت بمحافظة الأحساء، واختلف في تاريخ بنائه ويعتقد أنه بني في عام 1862م، ويحتوي السوق على 422 محل، ويشبه بنائه طراز الأسواق العثمانية.
وقامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من خلال المسح الميداني لمواقع التراث والثقافة بمحافظة الأحساء في الفترة مابين 23-25/5/1422هـ، بتصنيف سوق القيصرية كأحد أهم المواقع الثقافية والعمرانية في المحافظة، وشرعت في العمل مع الشركاء المعنيين على توظيفه سياحيًا.
وبعد حدوث الحريق المفاجئ لسوق القيصرية في شهر شعبان عام 1422هـ بادرت الهيئة بالتنسيق مع المسؤولين لإعادة إعمار السوق لما يحمله من أهمية تاريخية واقتصادية، حيث كان هناك توجه لإنشاء سوق بالطراز الحديث “مول”، فقد قامت الهيئة بالتواصل مع سمو محافظ الأحساء ورئيس بلدية المحافظة والاجتماع بهما وتوضيح أهمية إعادة إعمار سوق القيصرية بطرازه التراثي كما كان عليه سابقًا، ووجدت الهيئة كل التجاوب والتعاون منهما.
وسعت الهيئة إلى تشكيل لجنة ضمت عددًا من المختصين من جامعة الملك فيصل ومن بلدية المحافظة ومن الهيئة لدراسة الحلول والبدائل المقترحة لتطوير وإعادة تأهيل سوق القيصرية.
ودعي سمو محافظ الأحساء ورئيس بلدية المحافظة ورئيس الغرفة التجارية بالأحساء وعدد من المختصين من جامعة الملك فيصل لمناقشة بدائل تطوير السوق، وتم اختيار البديل التاريخي الذي يركز على إعادة إعمار السوق كما كان عليه سابقًا.
وحرصت الهيئة والبلدية على ربط القيصرية مع العناصر التاريخية والثقافية والعمرانية في وسط مدينة الهفوف، بحيث تعكس في مجملها مركز مدينة الهفوف التاريخي.
وتبنت الهيئة دور الشراكة مع الجهات ذات العلاقة من خلال التنسيق مع الجهات ذات العلاقة وتقديم الخبرات والمقترحات التطويرية للمشروع.
ونتيجة لذلك تم إعادة البناء باستخدام مواد البناء المحلية، حيث روعي في بناء السوق كافة إجراءات الأمن والسلامة لمنع اندلاع حرائق مشابهة لما حدث في السابق.
وكان لرئيس بلدية محافظة الأحساء المهندس فهد الجبير دور كبير في تنفيذ المشروع بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب وزير الشئون البلدية والقروية آنذاك.
وأصبح السوق أحد المعالم التراثية الرئيسة في المحافظة والمنطقة ومن الركائز المهمة لتسجيل الاحساء في قائمة التراث العالمي.
وأكد المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب مدير فرع جمعية علوم العمران بالأحساء وأحد المهتمين بالتراث في كتابه «سوق القيصرية» إلى أن سوق القيصرية موجود منذ حوالي ستة قرون مع تاريخ وجود الاستيطان حوله، ومن ثم إنشاء مدينة الهفوف، إلا أنه من المؤكد أن هذا السوق قائم في القرن التاسع عشر لذكر الرحالة له في مذكراتهم ولوجود وثائق تدل على ذلك.
ولفت المهندس عبدالله الشايب الانتباه إلى أن مركزية مدينة الهفوف من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كان إحدى ثمار ذلك سوق القيصرية الذي يعد أكبر سوق في الخليج في حينه، وظلت القيصرية مركزًا تجاريًا على الرغم من النمو العمراني لمدينة الهفوف ووجود أسواق حديثة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى