سفر وسياحة

” أرخبيل سُقُطْرَى” في اليمن جنة من الطبيعة.

سقطرى هي أرخبيل يمني مكون من ست جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، على بعد 350 كم جنوب شبه الجزيرة العربية، يشمل الأرخبيل جزيرة رئيسية وهي سقطرى، وست جزر هي جزيرة سقطرى ودرسة وسمحة وعبد الكوري، وصيال عبد الكوري وصيال سقطرى وسبع جزر صخرية وهي صيرة وردد وعدلة وكرشح وصيهر وذاعن ذتل وجالص، وتعتبر جزيرة سقطرى أكبر الجزر العربية واليمنية، ويبلغ طول الجزيرة 125 كم وعرضها 42 كم ويبلغ طول الشريط الساحلي 300 كم، عاصمة الجزيرة حديبو، وبلغ عدد سكان الجزيرة حسب تعداد 2004م 175,020 ألف نسمة.

حيث ترجع شهرة سقطرى وأهميتها التاريخية إلى بداية العصر الحجري وازدهار تجارة السلع المقدسة، ونشاط الطريق التجاري القديم- طريق اللبان-، حيث اشتهرت سقطرى بإنتاج الند وهو صنف من أصناف البخور، وبإنتاج “الصبر السقطري” كأجود أنواع الصبر وزادت أهميتها وتردد ذكرها إلى شعوب حضارات العالم القديم التي كانت تنظر إلى السلع المقدسة نظرة تقديس البخور والمر والصبر واللبان ومختلف الطيب، وكانوا يسمون الأرض التي تنتج هذه السلع الأرض المقدسة ولهذا سميت جزيرة سقطرى عند قدماء اليونان والرومان بجزيرة السعادة.

الموقع من حيث الحياة الفطرية :

وهي في موقع استثنائي من حيث التنوع الكبير في نباتاته، ونسبة الأنواع المستوطنة، حيث أن 73% من أنواع النباتات (من أصل 528 نوعاً) و09% من أنواع الزواحف و59% من أنواع الحلزونيات البرية المتواجدة في الأرخبيل غير موجودة في أي مناطق أخرى من العالم ، أما بالنسبة للعصافير، فالموقع يؤوي أنواعاً هامة على المستوى العالمي (291 نوعاً، يتوالد 44 منها في الجزر، فيما يهاجر 58 منها بانتظام)، ومن بينها بعض الأنواع المهددة بالانقراض، وتتميز الحياة البحرية في سقطرى بتنوع كبير، مع تواجد 352 نوعاً من المرجان الباني للشعب، و730 نوعاً من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السراطين والكركند والإربيان.

تم تصنيف الجزيرة كأحد مواقع التراث العالمي في عام 2008، ولقبت “بأكثر المناطق غرابة في العالم”، وصنفتها صحيفة النيويورك تايمز كأجمل جزيرة في العالم ل عام 2010م نظراً للتنوع الحيوي الفريد والأهمية البيئية لهذه الجزيرة وانعكاسها على العالم، في أكتوبر من عام 2013، أصبحت محافظة أرخبيل سقطرى محافظة مستقلة عن محافظة حضرموت.

السبب وراء تسميتها بهذا الإسم : 

سُقُطْرَى هو الاسم الأصلي لهذه الجزيرة منذ القدم، وهو اسم عربي قديم ذكره المؤرخون القدامى، ويطلق عليها عدة مسميات على سبيل المثال: سقطرة، سوقطرة، سقوطرة، سوقطرا، سقطرا، سقوطرى، أسقطرى، سكوترة، سكوطرة، سوقوتيرا، ديوسقوريدس.

ضبط ياقوت الحموي اسمها في معجمة بضم أوله وثانيه وسكون طائه وألف مقصورة (سقطرى)، وروى الاسم بالمد في آخره (سقطراء) ويكتب ايضا بالتاء المربوطة (سقطرة) والأرجح سقطرى، ويعتقد أن الاسم سقطرى محرف عن الكلمة السنسكريتية (سكهادارا) و(دويفا سكهادارا) تعني جزيرة (دار السعادة) على أن مدى قدم التسمية الهندية غير معروف، مما قد يُرجح أن التسمية الهندية تحريف للاسم الاصل (سكرد) في لغة النقوش اليمنية القديمة، وقد دلل (والتر موللر) في بحثة عن اللبان على أن اسم المكان (سكرد) الوارد في نقش (كوربوس621 سطر 6) وفي نقش (ينبق 47 سطر- 5) هوالمقصود به سقطرى، أي أن سكهادارا تحريف بإبدال الدال والراء من سكرد، ولا اعتبار في مثل هذه الحالات لأصوات اللين، إذ هي لا ترسم في لغة النقوش اليمنية، كما أن إثبات الهاء أو إهمالها أمر شائع، وقد تقتضيه طبيعة رسم الاسم في الهندية.

واسم الجزيرة في المصادر اليونانية (بطليموس وبلينيوس) دو سكريدس /دو سكريدا وهي فيما يرجح أيضاً تحريف للاسم اليمني القديم نفسه سكرد حيث دو أو ديو السابقة في التسمية اليونانية هي على الارجح تحريف ذو أداة النسبة في لغة النقوش.

تاريخ أرخبيل سقطرى :

أقدم الآثار التي عثر عليها في سقطرى فهي موقع قديم يقع بالقرب من قرية راكف شرق الجزيرة يرجح أن يكون بقايا مشغل لصنع الأدوات الحجرية من أحجار الصوان (العصر الحجري)، وذلك حسب مصادر البعثة الروسية اليمنية التي عملت بالجزيرة إذ تغطي فيها اللقى الأثرية مساحة تقدر ب 1600 متر مربع، كما عثر في القرية على مجموعة من المدافن بها هياكل وجماجم وعظام وكذلك بقايا سكاكين حديد ودبوس برونزي وإناء كروي من الفخار الأحمر، ويرجح أن تاريخ تلك المدافن يعود للنصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد.

وفي منطقة أريوش عثر على مخربشات ورسوم صخرية لم يحدد تاريخها لكنها شبيهة بالنقوش اليمنية القديمة وكذلك النقوش والرسوم التي عثر عليها في الجزيرة العربية من صور سحرية ومناظر للانسان والحيوان، أما اللقى الأثرية التي عثر عليها في وادي حجرة فتدل على أن قطع من أواني فخارية مستوردة يعود تاريخها إلى القرن الثاني حتى القرن السادس للميلاد.

مع إنه من غير المعروف بالضبط متى أستوطن الإنسان أرخبيل سقطرى، إلا إن عالم الآثار الكسندر سيدروف-مدير متحف الشعوب الحضارية في روسيا ورئيس البعث الأثري الروسية في سقطرى يقول إنه قد تم العثور على موقع يعود إلى العصور الحجرية أي إلى ماقبل مليون ونصف المليون سنة، الأمر الذي يؤكد أن الانسان القديم سكن هذه المنطقة المهمة من العالم وقد تكون الجزيرة متلاصقة مع القارات الأخرى، مضيفاً بأن ديانة سكان الجزيرة قديمًا كانت كديانة سكان حضرموت الذين كانوا يعبدون الإله سين “ذو عليم” في العالم القديم، ونجد العديد من المؤرخين قد أشار إلى الجزيرة وخاصة المؤرخين الرومان والإغريق، وبعض المؤرخين والجغرافيين العرب.

مساحة الجزيرة وتضاريسها :

تبلغ مساحة جزيرة سقطرى حوالي 3,650 كيلومتر مربع ، من “رأس مومي” وهو أقصى الشرق إلى “رأس شوعب” أقصى الغرب 135 كيلومتر بينما أقصى امتداد بين الشمال والجنوب يصل إلى 42 كيلومتر.

تضاريس سقطرى :

تتمتع الجزيرة بتضاريس مختلفة، حيث توجد السهول والهضاب والمناطق الجبلية والمناطق الساحلية، ففي الوسط هضبة شديدة التضرس مكونة من الصخور الجيرية ويحيط بها سلاسل جبلية مكونة من الجرانيت ومخروطية الشكل شديد الارتفاع والانحدار، وتعد “جبال حجيرة” من أكثر السلاسل أرتفاعاً وامتداداً في الجزيرة، فيما نجد الشمال والجنوب عبارة عن سهول ساحلية تقطعها الحصى والأحجار الرملية مع وجود مناطق متفرقة للكثبان الرملية المنتمية للنوع الهلالي، ويتركز سكان الجزيرة على السواحل ويندر وجودهم في المناطق الجبلية.

وتتوزع تضاريس الجزيرة بين جبال وسهول وهضاب وأودية وخلجان وذلك كما يلي :

الجبال : 

تتوزع الجبال في جهات متفرقة من سطح الهضبة الوسطى، وأهمها سلسلة “جبال حجهر”، وأعلى قمة فيها يبلغ ارتفاعها 1505 متر، وتمتد هذه السلسلة من الجبال من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي لمسافة 24 كم تقريباً، ويزداد ارتفاعها في الوسط والشرق وتضيق وتنخفض في الغرب، كما توجد عدد من الجبال الأخرى أهمها “جبال فالج” إلى الشرق، أعلى قمة فيها 640 متراً، وجبال قولهل إلى الجنوب الغربي أعلى قمة فيها (978 متراً).

وديان سقطرى :

يوجد في جزيرة سقطرى عدد كبير من الأودية، وتتخذ مسارات واتجاهات عدة بحسب تأثيرات السطح وهي كما يلي:

  • وديان الشمال: تصب شمال الجزيرة في بحر العرب الواقعة إلى الشرق من مدينة حديبو، وتتميز بأحواضها الصغيرة وقصر مجاريها حيث لا تتعدى مسافة 7 كم تقريباً، وهي ذات تصريف كبير نظراً لاستمرار جريان المياه فيها على مدار العام مثل: وادي دانجهن، وادي حشرة، وادي دنية، وادي درابعة، وادي طوعق.
  • وديان الشمال الغربي: تصب في الشمال الغربي، وتقع إلى الشمال من جبل فادهن مطلو مثل: وادي دوعهر، وادي عامدهن، وادي جعلعل، وادي ديمجت وادي فرحة.
  • وديان الجنوب : التي تصب جنوب الجزيرة والواقعة إلى الشرق من جبل قرية وهي وديان ذات مجاري طويلة وأحواض متسعة وذات تصريف أكبر من الأودية الشمالية، نظراً لغزارة الأمطار الصيفية التي تسقط على السفوح الجنوبية وخاصة في “سهل نوجد” مما يؤدي إلى توفر المياه فيها بالإضافة إلى عدم تعرض هذا السهل للرياح الشديدة مما خلق ظروفاً مواتية لظهور نشاط زراعي محدودة، مثل: وادي ستريو، وادي تريفرز، وادي ريشي، وادي عسرة، شبهون، وادي فاقه. وتنتهي هذه الوديان عند حافة الهضبة، وتصب في السهل الساحلي الجنوبي، أما الوديان التي تصل مصباتها إلى البحر فهي وادي سهوب ووادي عسهم، هذا بالإضافة إلى الأودية الفرعية الواقعة بين مجموعة الجبال وتصب وسط الجزيرة.

الرؤوس والخلجان :

  • يوجد في الجزيرة عدد من الروؤس الصخرية حيث يمتد بعضها إلى مياه البحر:
    • روؤس الشمال والشرق: رأس مومي – رأس ديدم – رأس مذهن – رأس بوركاتن – رأس عدهو – رأس دي حمري – رأس حولاف – رأس قرقمة – رأس عند – رأس بشارة – رأس سماري – رأس حموهر.
    • روؤس الغرب: رأس بادوهن رأس حمرهو، رأس شوعب.
    • روؤس الجنوب: رأس شحن، رأس مطيف، رأس زاحق، رأس قاش، رأس ينن.
  • الخلجان:
    • توجد مجموعة قليلة من الخلجان في الجزيرة وأهميتها تكمن باستغلالها كموانئ طبيعية وهي: خليج بتدرفقه في الشرق، وخليج عنبه تماريدا في الشمال، وخليج بندر قلنسيه في الغرب، وخليج شربرب في الغرب، وخليج أرسل في الجنوب.

الكهوف في جزيرة سقطرى :

كهف هوك :

يوجد في جزيرة سقطرى 52 كهفاً ومغارة منتشرة على امتداد الجبال الموجودة في الجزيرة، أكبرها مغارة «جنيبة شبهن» بمنطقة دكسم السياحية، التي أكتشفت في مايو 2005، حيث يتجمع فيها عدد كبير من أشجار شجرة دم الأخوين الشهيرة وغير الموجودة في سواها، ويبلغ طول كهف “جنيبة” حوالي 7.5 كيلو مترات، ويعتبر الأكثر إبهاراً من حيث التكوينات الكلسية والشكل الجمالي للإبداع الرباني ووفرة المياه فيه، ويعد جنيبة ثاني الكهوف المكتشفة بعد الكشف عن كهف حوق أو “هوك” بمنطقة حالة الذي يبلغ طولة 3 كيلو متر.

تعتبر مغارة “دي جب” في “سهل نوجد” من المغارات الأكبر حجماً في الجزيرة، حيث تتسع لعدد من الأسر، كما يمكن للسيارة التي تقل الزوار الوصول إلى جوف المغارة والتحرك بداخله دخولاً وخروجاً دون عناء، وتبعد مغارة دي جب عن مركز حديبو بمسافة (75 كيلو متر).

وتستخدم الكهوف في أوقات الأعاصير الموسمية، حيث ينزح إليها سكان الجزيرة مع مواشيهم من بقر وغنم في فترات سقوط الأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير.

كهف حوق :

كهف حوق أو “كهف هوك” هو من أجمل كهوف الجزيرة، يقع في نهاية جبل حالة بمنطقة حالة، على بعد 50 كيلو متر من حديبو، ولم تعرف مساحته الإجمالية بشكل دقيق، لكن بعثة بلجيكية تعمقت فيه لحدود ثلاثة كيلو متر، اعتبرت البعثة الكهف واحداً من غرائب ​​الطبيعة في العالم، ويعد من أهم المزارات السياحية في سقطرى نظراً للنقوش التاريخية والرسومات الفنية والقطع الأثرية المنتشرة فيه.

تقول بعض الروايات أن الكهف استخدم في السابق كمعبد ديني يأوي إليه المسافرون والبحارة من أرجاء العالم في طريقهم إلى آسيا وأفريقيا عبر سقطرى، وكانوا يمارسون فيه طقوسهم الدينية وقد عثر في الكهف على نصوص ولوحات المكتوبة بالخط المسند، ومنها لوحة تقول: «أنا عبقر السومري أرجو ممن وجد هذه اللوحة أن يقرأها ويحفظها في مكانها في الكهف»، وهذه اللوحة تعود إلى 500 سنة قبل الميلاد وكتبها الرجل من دون أن يغير شيئاً في الكهف وكأن لديه وعياً بالمحافظة على مقتنيات الكهف قبل آلاف السنين.

الغطاء النباتي :

سُجِّلَ في جزيرة سقطرى 850 نوع من أنواع النباتات، 270 نوع منها مستوطن أي أنه يوجد في الجزيرة ولا يوجد في أي مكان آخر في العالم، كما أنه يوجد في الجزيرة 10 أنواع من النباتات النادرة جداً والمهددة، والتي أُدْرِجَ 7 أنواع منها في الكتاب الأحمر للإتحاد الدولي لحماية الطبيعة على أنها نباتات نادرة جداً ومهددة.

تتميز جزيرة سقطرى بغطاءٍ نباتي وفير حيث تصل الأنواع النباتية فيها إلى حوالي (750 نوعاً) نباتياً بينها مجموعة من النباتات يستفاد منها في الطب الشعبي وعلاج الكثير من الأمراض، ومن هذه النباتات أشجار الصبر السقطري وأشجار اللبان والمر ودم الأخوين بالإضافة إلى نباتات طبية أخرى شائعة الاستعمال في الجزيرة مثل الجراز والأيفوربيا وغيرها، كما يوجد في الجزيرة نباتات نادرة أخرى ومما يلفت نظر الزائر انتشار شجرة “الأمتة” بالإضافة إلى غابات أشجار النخيل الكثيفة المنتشرة في أماكن كثيرة أهمها ضفاف الوديان الجارية فيها المياه على مدار العام حيث تشكل بساطاً سندسياً أخضر مع زرقة البحر المحيط بالجزيرة لوحة فنية رائعة.

من أهم الأشجار والنباتات النادرة في سقطرى: شجرة دم الأخوين، ونبات فرحل، ونبات الأمتة أو الأمتا، ونبات كرتب، وشجرة “إكشا”، ونبات الصبر السقطري: طيف، ونبات قمحم، وشجرة الرمان البري (رهيني – صبر يهر)، نبات إشهب.

 

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى