بين المثالية والتشاؤم
“المثالي والمتشائم نهايتهما الفشل غالباً ، إذ لا فرق بينهما في الحقيقة ، فكلاهما يعتبر مرآة للآخر ..أما الذي ينجح في حياته هو الشخص الواقعي. والسبب يرجع إلى أن نهاية المثالي هو التشاؤم ، لأنه يمارس نشاطاته في حياته بمثالية تجعله يتعالى على واقعه ، ، ولأنَّ الواقع قوة طاغية وحقيقة لا يمكن التعالي عليها، فالمثالي ينتهي كمتشائم منعزل . والمتشائم يبني حياته على تصورات مثالية ستؤول به في نهاية المطاف لنهاية انعزالية كنهاية المثالي تماما.ولذلك لا ينبغي أخذ وصف الواقع والحكم عليه من المثالي والمتشائم، لأنهما يقومان بإسقاط تصوراتهما الخاطئة على واقع متخيَّل في أذهانهم ، لا على واقع حقيقي”.
مما قرأت ونقلت لكم :
ظهرت المثالية في القرن الثامن عشر الميلادي، ومن أبرز الفلاسفة الذين أثروا في المذهب، وكان لهم تأثير كبير في مجرى الفكر الأوروبي عامة ، وعرفت بأنها
في الفلسفة، هو المذهب القائل بأن حقيقة الكون أفكار وصور عقلية, وأن العقل مصدر المعرفة، على عكس المادية. فأفلاطون مثالي بتصوره عالما عقليا قوامه أفكار بمثابة النماذج للموجودات الجزئية المادية التي في عالمنا المحسوس, والعالم العقلي عنده هو الحق, أما العالم المحسوس فأشبه بالظلال. و باركلي مثالي بقوله إن حقيقة الشيء هي إدراك العقل له, وما لا يدركه العقل عدم. وهذه أقول قد تأخذ بها في واقعك او لا.
ويمكن معرفة معنى “المثالية ” في الإسلام من خلال ثلاثة محاور هي الكون والحياة والإنسان:
1- أما بالنسبة لمحور الوجود: فالإسلام يعتبر الكون كله بمظاهره المختلفة حيقية وواقعا، غير أنه لا يحصر الوجود بالمظهر المادي فحسب، وإنما يؤكد وجود العالم الروحي “الغيبي” بكل ذواته وأعيانه.
2- وأما في محور الحياة: فإن الإسلام يراعي أن الحياة حياتين: الدنيا والآخرة، ومن خلال هذه النظرة “الواقعية” قال تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} الجاثية/24
3- أما محور الإنسان: فإن واقعية الإسلام تظهر من نظرته إليه بأنه مكون من جوهرين اثنين: المادة والروح، فالطين يمثل الجانب المادي فيه، والروح تمثل الجانب المعنوي، وكل منهما له نوازع ومطالب لا بد من تلبيتها وإشباعها، حفاظا على ذات الإنسان ونوعه، قال تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} سورة ص/71-72.
أما التفاؤل يأتي بمعنى الاستبشار والأمل المقابل للقنوط واليأس والإحباط, وهذا تحدث عنه القرآن كثيرا ودعا القرآن الكريم إلى الاستبشار وامتدح من اتصف به كقوله في وصف المؤمنين وهم في أحلك الظروف وأشدها, فقد أرجف بهم المرجفون وحاولوا أن يدخلوا الخوف والرعب في نفوسهم فلم يفلحوا قال تعالى: ?يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ , الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ , الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
تمتمات من الحياة
المؤمن متفائل حتماً ، لأنه يعلم علم اليقين أن الأمر بيد الله ، وأن الله قوي .(( ما شاءَ اللهُ كانَ ، وما لم يشأْ لم يكن ))
[ أخرجه أبو داود عن بنت من بنات النبي ]
وأن الله في أية لحظة بيده المعادلات كلها ، بيده موازين القوى ، وأن الأمر يرجع إليه ، وما أمرك الله أن تعبده إلا بعد أن طمأنك فقال :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
وصل اللهم على سيدنا محمد وآلة وصحبه أجمعين …
تميزت في كتابتك