تدريب وتطويرعلوم وتقنية

أسباب الإرهاق في العمل وطرق علاجه

جميعُنا ننهمك في أعمالنا طيلة الوقت، لكنّ ضغوطات الحياة المختلفة قد تُعيق نشاطنا، خاصّة إذا ما كانت هذه الضّغوطات من داخل العمل، مما يجعلُنا مُرهقين باستمرار ويُشعرنا بالإحباط وعدم الرّضى عن أنفسنا، خاصة عندما لا نُنجز الكثير من المهام ونفقد الصّبر ونصبح كثيري الانفعال. هذه العلامات ليست سوى دليل واضح على وجود الإرهاق من العمل، ممّا يستوجب القيام بخطوات سريعة وعمليّة للتخلُّص من هذا الإرهاق نهائيّاً.

كثيراً ما نُسألُ السؤال الآتي: كيف تجري الأمور معكَ في العمل؟ تبدأ تعابير الوجه بالتغير عند الإجابة على هذا السؤال، وتختفي الابتسامة ويأتي عوضاً عنها تنهيدةٌ من القلب وصوتٌ يقول: لا بأس، في الحقيقة أنا مُتعَبٌ ومُرهَقٌ جداً.

الفرق بين التعب والإرهاق في العمل:
يشعر معظمنا بالتعب أثناء العمل، وقد يكون النوم بشكلٍ كافٍ حلّاً جيداً له، إلّا أنّ الإرهاق معقّدٌ بعض الشّيء، وهو حالةٌ شبه ثابتة من التّعب تتطوّر مع مرور الوقت، مما يقلّل من الطاقة والحافز والتركيز، فهو يقترن مع الشعور بالسّخرية والانفصال عن العمل (عدم الانتماء للعمل) وضعف الإنجازات.

أسباب إرهاق العمل:
1. خروج العمل عن السّيطرة
إنّ عدم القدرة على السّيطرة على العمل هي من أهم أسباب الإرهاق الوظيفي، وهي تتجسّد في عدم اتخاذ القرارات المؤثّرة، وجعل الأعمال عشوائيّة غير مُنتظمة وغير مُجدولة، بالإضافة لعدم تحديد المهام وحجمها، وكم من الوقت تحتاج لإنجازِها.

2. بيئة العمل المُتعبة
قد تكون بيئة العمل هي العامل الأبرز في الشّعور بالضّغط والتوتّر اللّذان يسبّبان الإرهاق الدّائم خلال ساعات العمل، عدم الرّاحة في المكان أو العمل مع فريق عمل غير مُريح يسبّب الشّعور بالتّعب والإرهاق بشكل دائم.

3. العمل لفترات طويلة وقلّة الشاط
الجلوس في المكان لفترات طويلة ومليئة بالأعمال تساهِم في رفع حالة التوتُّر والإرهاق إلى القمّة، بالإضافة لقلّة النشاط البدني وعدم القيام بالحركة الكافية للحفاظ عليه.

4. العجز عن تطوير العمل
عند الشعور بالإرهاق تصبح الاجتماعات الفترة الأكثر إرهاقاً وإزعاجاً، بسبب العجز عن توليد الأفكار الخلّاقة التي تُساهم في تطوير العمل، ممّا يجعل التفكير مشلول بشكل عام، والحلول شبه معدومة، فيجد الشّخص صعوبة في الإصغاء لمن هُم من حولِه، ومُرهقاً من العمل بشكل دائم.

5. قلّة النّوم
عدم النّوم لفترات كافية سبب كفيل بجعل الإنسان خارج نطاق الخدمة بشكل مستمر، لأنّ هذا العامل هو الأكثر أهميّة من حيث التزوُّد بالطاقة اللاّزمة لممارسة العمل بنشاط وحيويّة، فقلّة النّوم سبب رئيسي للشّعور بالإرهاق خلال ساعات العمل الطّويلة.

 

علاج الإرهاق الوظيفي
الانتعاش من الإرهاق بسبب العمل وعوامل الوقاية
تتمثل الخطوة الأولى لحل مشكلة الإرهاق؛ في تحديد النوع الذي تواجهه حالياً، إنها أفضل طريقة للتحسن بشكل أسرع دون إضاعة الوقت وفق استراتيجية قد لا تناسبك، فما يصلح للإرهاق الزائد، أو الإرهاق الذي يكتنفه العجز عن التحدي؛ لن ينجح مع من يشعرون بالإهمال، وإذا كنت تعاني من نقص التطور والتنمية في حياتك المهنية الحالية.. تحدث إلى رب عملك، للعثور على مهام أفضل تتناسب مع مهاراتك ضمن المنصب الوظيفي الذي تتولاه.

باختصار.. أثبت أنك مستعد لمزيد من التحديات، وأنك ستتمكن من تحقيق أهداف العمل، أو ابحث عن استثمارات خارج العمل، كذلك اختر قضاء بعض الوقت على مشروع أنت شغوف به، فالوقت قبل الوظيفة وبعدها ملك لك، وعندما تشعر بالإحباط، قد يكون من الصعب الاهتمام بعملك الحالي، حيث يمكن أن يؤدي بدء مشروع يعنيك ويحاكي أحلامك؛ إلى تغيير طريقة حياتك بشكل كلي.

 

يمكنك أن تبدأ باستكشاف فضولك، فخصص وقتاً للتفكير بنفسك وحاول تسليط الضوء على الاهتمامات الجديدة التي ترغب في تطويرها، إذ أن لكل شخص نشاط أو موهبة تغذي الطاقة لديه، مثل أن تعزف آلة موسيقية أو ترسم أو تكتب أو تمارس رياضة ما، لهذا.. خصص وقتاً لنشاطك الأفضل، كما أن هناك خطوات يمكنك اتخاذها بمجرد أن تلمس أياً من أعراض الإرهاق الوظيفي، وتعرف الأسباب التي تقف ورائه ، وهي:

أولوية الرعاية الذاتية:

من الضروري تجديد طاقتك الجسدية والعاطفية، بالإضافة إلى قدرتك على التركيز، من خلال إعطاء الأولوية لعادات: (النوم الجيد التغذية – ممارسة الرياضة – الاتصال الاجتماعي – الممارسات التي تعزز الاتزان النفسي مثل التأمل، وكتابة اليوميات، والاستمتاع بالطبيعة)، وإذا كان جدولك اليومي مزدحم على هذه النشاطات؛ امنح نفسك أسبوعاً لتخطط كيفية قضاء وقتك، وسجل ما تفعله خلال هذا الأسبوع، مثلاً: عل مقياس من 1 إلى 10، كيف تقدر درجة غضبك أو استنزاف طاقتك أو سعادتك أو نشاطك عموماً؟، سيساعدك هذا في العثور على فرص لتقييد الإجهاد، بسبب المهام والأشخاص والمواقف غير الضرورية، التي تضعك في مزاج سلبي، ثم قم بزيادة وقتك في تلك النشاطات، التي تعزز طاقتك وتفسح لك المجال للراحة، ضمن وقت إيجابي بعيداً عن العمل، أما في الوقت الحاضر عندما تلاحظ أنك تشعر بالتعب الشديد أو بدأت تشك في نفسك بسبب العمل، قم بتغيير سلوكك على الفور، مستفيداً من خيارات العمل المرنة، كوضع القيود على الوقت الذي تقضيه في قراءة رسائل البريد الإلكتروني وتلقي المكالمات من الزملاء والعملاء، كما أن عليك التخطيط لقضاء إجازاتك بفعالية.

تغيير منظورك للأمور:

في حين أن الراحة والاسترخاء والتجديد يمكن أن تخفف من الإرهاق وتحد من اندفاعك إلى السخرية وتعزز الفعالية والإنتاجية، إلا أنها لا تعالج بشكل كامل الأسباب الجذرية للإرهاق، فيمكن أن تواجه نفس أعباء العمل المستحيلة بعد عودتك من الإجازة الصيفية! ما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟ وأي منها يمكنك تغييره؟ ويكمن الحل.. في تغيير منظورك إلى ما يؤثر سلبياً على الجوانب غير المرنة في عملك، فإذا كان الإرهاق يمثل مشكلة أساسية، اسأل نفسك عن المهام، بما في الحرجة.. التي يمكنك تفويضها لزملائك بحيث توفر وقت وطاقة هادفين للعمل على المهام الأخرى، فهل هناك طرق لإعادة تشكيل وصياغة مهامك؛ من أجل الوصول لمزيد من التحكم أو التركيز على المهام الأكثر إرضاءً لك؟ وإذا كانت السخرية تمثل مشكلة كبيرة، فهل تستطيع أن تحمي نفسك من المواقف التي تحبطك، بينما تعيد صياغة أسس عملك بأكملها؟ أو هل يمكنك بناء بعض العلاقات الإيجابية والداعمة، للتصدي لتلك المواقف التي تستنزف طاقتك وحصتك؟ وإذا كنت تشعر بعدم الفعالية؛ ما هي المساعدة أو التطوير والتنمية التي قد تبحث عنها؟.. الخ.

التحكم بتعرضك لضغوطات العمل:

يتضمن ذلك إعادة تعيين توقعات الزملاء ورب العمل وحتى أفراد الأسرة؛ بشأن ما تريد أن تفعله وإلى أي مدى تتحمل، كذلك القواعد الأساسية للعمل ضمن فريق، بحيث يجب أن يعلم المشككون بقدرتك؛ أنك تجري هذه التغييرات لتحسين إنتاجيتك على المدى الطويل، وحماية صحتك أيضاً، وهو الأهم.

الاستشارة المتخصصة:

ابحث عن المدربين والمستشارين المتخصصين، الذين يمكنهم مساعدتك في تحديد وتفعيل العلاقات الإيجابية وفرص التعلم، كما يعتبر التطوع لتقديم المشورة للآخرين طريقة فعالة وبشكل خاص: للخروج من الحلقة السلبية.

في النهاية.. الإرهاق هو مجرد إشارة.. ويمكنك التغلب عليه، من خلال فهم الأعراض والأسباب وتنفيذ الاستراتيجيات والخطوات التي ذكرناها، بحيث يمكنك استرداد طاقتك وبناء خريطة طريق للوقاية من الإرهاق في العمل مستقبلاً، شاركنا رأيك وخطواتك العملية في التغلب على إرهاق وضغوطات العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى