التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

«عقبة بن نافع» مؤسس مدينة القيروان

  #منذ أن أمر الله المسلمين #بقتال المشركين وأهل الباطل، سارت مواكب الفاتحين وانطلقت رايات التوحيد تجوب مشارق الأرض ومغاربها داعية إلى سبيل الله تعالى. وقد شكلت مرحلة الفتوحات الإسلامية بقيادة عقبة بن نافع الفهري في مرحلتيها،) الأولى بين50هـ و 55هـ والثانية بين 62هـ و64هـ(، منعطفا حاسما في تاريخ الفتوحات لبلاد المغرب بحيث اعتبرت التأسيس الفعلي لتواجد الإسلام في المنطقة.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

نسبه ونشأته

هو عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أميّة بن الظرب بن الحارث بن عامر بن فهر القرشي، وُلد في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أنّه لم يصحَبه، وذلك قبل عام واحد من الهجرة النبوية، ووالداه من السابقين إلى الإسلام؛ وبهذا يكون قد وُلد ونشأ في بيت من بيوت الإسلام، وهو أخ لعمرو بن العاص -رضي الله عنه-، وأمه هي النابغة؛ ولهذا فعقبة يُعدّ أخاً لعمرو بن العاص لأمّه، إلّا أنّ هناك روايات تذكر أنّهم أبناء خالة، وأخرى أنّ عقبة ابن أخت عمرو بن العاص، وخلاصة ذلك أنّه من أقرباء عمرو بن العاص، وقد تأثّر عقبة بن نافع بالبيئة التي تربّى ونشأ فيها؛ فشارك في الفتوحات الإسلامية، بل إنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولّاه قيادة الجيوش؛ لشجاعته وقوّته، علماً أنّ عمر كان يعطي القيادة للصحابة فقط، إلّا استثناءً في حقّ عقبة، ولمعَ نجمُ عقبة كقائدٍ ومحاربٍ، خاصة في المغرب العربيّ، ومن أحفاده: يوسف بن عبدالرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة من نافع من القادة المشهورين، ومثله كان حفيده عبدالرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع.

بناء وتخطيط مدينة القيروان

من أشهر آثار عقبة الإنشائية تخطيط وبناء مدينة القيروان، والقيروان كما قال الأزهري: لفظ معرب، وهو بالفارسية كاروان (الجميل أو اللطيف)، وقد ورد في كلام العرب قديما.

وتُعتبر من أقدم وأهم المدن الإسلامية، بل هي المدينة الإسلامية الأولى في بلاد المغرب، واستمرّ في بنائها قرابة خمس سنوات، فبنى بها عقبة الأبنية والأسواق، وبلغت مساحتها 13,600 ذراع، وأصبحت قاعدة انطلاق الفتوح ناحية المغربين الأوسط والأقصى، وبتمام بناء المدينة أمن المسلمون واطمأنوا في إفريقية، وثبت الإسلام فيها، وأقبل الأفارقة والبربر والسودان على السكن في القيروان، واعتنقوا الإسلام وامتزجوا مع العرب بمرور الوقت.

وأصبحت القيروان بعد وفاة عقبة أولى المراكز العلمية في المغرب العربي، ولقد قصدها أبناء المغرب وغيرها من البلاد المجاورة. وسكن بالمدينة العديد من التابعين، ومنها خرجت علوم المذهب المالكي، وإلى أئمتها كل عالم ينتسب وكان قاضي القيروان يمثل أعلى منصب ديني في عموم البلاد المغربية.

في سنة 50هـ، بدأت إفريقيا الإسلامية عهدا جديدا مع عقبة بن نافع، المتمرس بشؤون إفريقيا منذ حداثة سنّه، وعلم أن السبيل الوحيد للمحافظة على إفريقيا ونشر الإسلام بين أهلها، هو إنشاء مدينة تكون محط رحال المسلمين، ومنها تنطلق جيوشهم فأسس مدينة القيروان وبنى جامعها، وابتدأ بتخطيط دار الإمارة، ثم عمد إلى موضع المسجد الأعظم فاخْتَطَّه، ولكنه لم يحدث فيه بناء.

إنجازاته

الفتوحات التي قادها عقبة بن نافع

تقلّد عقبة بن نافع في الفتوحات الإسلامية قيادة حامية (برقة)؛ إذ تولّاها في عهد الخليفة عثمان بن عفان، واستمرّ على ذلك في عهد الخليفة علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، وكان بالإضافة إلى كونه مجاهداً في سبيل الله داعياً إليه، ينشر الإسلام بين الأمازيغ، وبعد فتح (برقة)، أمر عمرو بن العاص عقبة بن نافع أن يتوجّه إلى طرابلس؛ بهدف تأمين خطّ عودة الجيش، وحمايتهم من أيّ هجوم مُحتمَل، فأمَّنَ عقبة هذه المناطق حتى وصل إلى منطقة زويلة، ولم يجد في طريقه إليها أيّ مقاومة، واتّفق مع أهلها على الصلح مقابل ثلاثة عشر ألف دينار، وأقام في صحرائها يدعو إلى الإسلام وينشره، وبقي كذلك قرابة عشرين سنة، وبعد أن فتح زويلة، توجّه إلى النوبة بأمرٍ من عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، وكان ذلك في السنة الحادية والعشرين للهجرة، وعندما وصل المسلمون إلى النوبة فتحوها ودخولها تحت لواء المسلمين.

استشهاد عقبة بن نافع

كان قد أستمر القائد المسلم عقبة بن نافع في مسيرة الفتوحات الإسلامية في بلاد المغرب حتى كان وصوله إلى منطقة السوس القصوى ، و ذلك في أقصى شمال أفريقيا فقام بفتحها ثم عاد مرة أخرى لمدينة القيروان وولى القائد زهير بن قيس البلوى وترك لأصحابه الحرية في التفرق في البلاد ظناً منه أنها قد أصبحت في قبضة المسلمين بينما أنطلق هو مع ثلاثمائة مقاتل إلى منطقة تسمى تهوذة حيث أدرك الروم خروجه مع قلة من المقاتلين المسلمين فأرادوا قتله وقاموا بإغلاق الحصن وتوجيه السباب والشتائم إليه ، بينما كان القائد المسلم يدعوهم إلى الدخول في الإسلام ثم خرج القائد العسكري كسيلة بن لمزم والذي كان قد قام بالاتفاق مع الروم على قتل عقبة بن نافع واستدعى حلفاءه من البربر الوثنيون وجمعوا أنفسهم وقاموا بالدخول في قتال شرس مع عقبة ورجاله و اشتدت وتيرة المعركة وصمد عقبة بن نافع ورجاله أشد الصمود برغم قلة عددهم حتى كان استشهادهم جميعاً على أرض الزاب بمنطقة بتهوذه وكان ذلك في عام ( 63 هـ ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى