” موسى بن نصير ” فاتح الأندلس
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
نبوغه العسكري وإنجازاته:
كان أبو عبد الرحمن قائدًا عسكريًا في الدولة الأموية، وشارك ككقائد على الجيش الإسلامي في فتح جزيرة قبرص في عهد ” معاوية بن أبي سفيان ” وعيّنه ” الوليد بن عبد الملك ” واليًا على افريقيا بعد ” حسان بن النعمان ” وتمكّن فيها من إنهاء حروب البربر وثوراتهم المستمرة على الدولة الأموية، وعمل على نشر الإسلام بين صفوفهم واستمالتهم له ليضمن عدم عودتهم للثورة مجددًا وبالفعل نجح في ذلك وانضم لجيشه الآلاف منهم بعد اعتناقهم الاسلام.
بنى موسى دار صناعة سفن قرب أطلال مدينة ” قرطاجنة ” لبناء أسطول قوي لحماية ثغور المسلمين بعد إتجاه البيزنطيين للغزو البحريّ واستعمال الاساطيل البحرية في غزواتهم بعد فشلهم المستمر في المعارك البرية.
وجّه ابنه ” عبد الله بن موسى بن نصير ” لغزو وفتح جزر البليار فنجح في فتح منورقة وميورقة وغزا صقلية وسردانية وطنجة وغنم منهم غنائم عظيمة. وتبقّى للمسلمين بعدها في المغرب الاقصى كله ” سبتة ” التي كان يحكمها ” يوليان القوطي “.
معركة «وادي لكة»
نزل طارق بن زياد، قائدُ جيش موسى بن نصير، أرض الأندلس، وبعد عدَّة معارك فتح الجزيرة الخضراء، وعَلِمَ الإمبراطور «لُذريق» بنزول المسلمين في إسبانيا من بتشو حاكم إحدى المقاطعات الجنوبية، الذي بعث إليه يقول: «أيها الملك، إنه قد نزل بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء أم من الأرض، فالنجدة.. النجدة، والعودة على عجل»، وزحف لُذريق بجيش كبير ليُوقف المسلمين عن الزحف، فأرسل طارقٌ إلى موسى مستنجداً، فأمدَّه بخمسة آلاف من المسلمين على رأسهم طريف بن مالك،فأصبح تعداد جيش المسلمين اثني عشر ألفاً،وكان اللقاء الحاسم بين جيش المسلمين بقيادة طارق بن زياد، وجيش الإمبراطور لذريق في 28 من رمضان 92 هجرية الموافق 18 من يوليو/حزيران 711 ميلادية،واستمرَّت المعركة سبعة أيام انتهت بانتصار المسلمين بفضل الله، في معركة عُرِفَتْ باسم معركة« وادي لكة».
واصل طارق بن زياد فتوحاته في الأندلس، وخشي موسى بن نصير من توغله في أراضيها، فعبر إليه على رأس حملة كبيرة وسلك بالجيش نحو المدن التي لم يفتحها طارق، فتوجَّه نحو إِشْبِيلِيَة وفي الطريق أعاد إخضاع شَذُونَة، وافتتح قَرْمُونَة، وهي يومئذٍ من أمنع معاقل الأندلس، ثم حاصر إِشْبِيلِيَة حصاراً شديداً، طال مداه شهوراً حتى فَتَحت أبوابها أخيراً، ثم تجاوزها موسى بن نصير واتجه ناحية الشمال الغربي،وظلَّ موسى يُجاهد في سبيل الله حتى أصبحت الأندلس في قبضة المسلمين.
نهاية مشرّفة لتاريخ حافل!
عاد موسى إلى القيروان في حدود سنة 95هـ بعد شهور قضاها مجاهدا في فتح الأندلس حتى الحدود الجنوبية مع فرنسا، وكان معه غنائم هائلة، وعلى الفور قرّر التوجه صوب دمشق كما أمره الخليفة الوليد بن عبد الملك، غير أنه وصل بعد وفاته سنة 96 للهجرة، وكان سُليمان بن عبد الملك (96-99هـ) قد ارتقى إلى كرسي الخلافة الأموية، فأمر بعزل موسى بن نصير وقيل وبّخه على تغريره للقوات الإسلامية في جغرافية لا يعلمون عنها شيئا، وإن أبقاه بجواره في دمشق كأحد كبار القادة العسكريين والمستشارين أصحاب التاريخ الكبير في ميادين السياسة والحرب.