11المميز لديناتاريخ ومعــالم

سلمان الفارسي.. رحلة البحث عن الحقيقة

سلمان الفارسي هو أحد صحابة رسول الله الكريم، ويُكنّى بأبي عبد الله، ويُلقّب بسلمان الخير، وهو مولى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكان يُعرّف عن نفسه بسلمان بن الإسلام، وأصله من فارس من رامهرمز وقيل إنّه من أصفهان، وكان اسمه قبل الإسلام: ما به بن بوذخشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن سهرك، وهو من ولد آب الملك.

نشأ سلمان الفارسي في “جي” إحدى نواحي مدينة أصبهان، وكان والده غنيًا ومالكًا لضيعة -أي مزرعة-، وكان محبًّا لابنه سلمان وحريصًا عليه؛ حيث كان يبقيه في البيت، وكان سلمان كبقية أهل فارس يعتنقون المجوسية، وهي عبادة النار، حتى أنّ سلمان كان سادن النار -أي خادمها-، حيث كان يعمل على إمدادها بالحطب لتبقى مشتعلةً، إلى أن ترك أهله باحثًا عن الدين الحق.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية


إسلام سلمان الفارسي

تُعتبر قصة إسلام سلمان الفارسي من القصص المليئة بالعبر والسعي الحقيقي وراء فطرة الإنسان، فكما روى رضي الله عنه أنّه خرج في طلب الدين وتنقّل من كنيسة إلى أُخرى بعد أن ترك دين أجداده المجوسية، حتّى وصل عند رجل في عمورية، فأعلمه أنّه سيخرج نبي في أرض العرب وأعطاه ثلاث علامات في النبي، فخرج رضي الله عنه باحثاً حتّى وصل إلى المدينة المنورة بعد بيعه لرجل يهودي، وعندما جاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم مهاجراً من مكة المكرمة راح سلمان الفارسي يتبعه حتّى تأكد من علامات النبوّة والتي علمها في عمورية، حيث إنّ النبي لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية وعلى كتفه خاتم النبوّة، فأقبل رضي الله عنه يقبّل الرسول ويبكي وأعلن إسلامه.

جهاد سلمان الفارسي

شارك سلمان الفارسي -رضي الله عنه- في الغزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان أولها وأهمها غزوة الخندق؛ حيث أشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- بحفر الخندق حاميًا للمدينة من غزو الأحزاب حين استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في القتال؛ لكنّهم احتاروا في وسيلة الدفاع؛ فتقدم سلمان الفارسيّ -رضي الله عنه- وعرض عليهم حفر الخندق في الأماكن المكشوفة من الجبال والصخور، وفعلاً تمت الموافقة على هذا الخطة العسكرية، وتعاون المسلمون على حفر الخندق، فكان سبباً من أسباب نصرهم على الأحزاب يومئذ، كما شارك سلمان الفارسي -رضي الله عنه- في بقية الغزوات بعد الخندق، وفي فتوحات العراق، وعُيّن واليًا على المدائن.

موقف سلمان الفارسي مع أبي الدرداء

ورد أنَّ سلمان جاء ليزور أبا الدرداء، فقد آخى رسول الله بينهما، فرأى أم الدرداء متبذّلة، فسأل عن سبب ذلك وعدم عنايتها بهندامها، وذلك قبل فرض الحجاب، فأخبرته أنّ أبا الدرداء ليس له حاجة في النساء، ويقضي يومه بين الصيام والقيام، فلمّا جاء أبو الدرداء رحّب بسلمان وأحضر له طعامًا ولم يُشاركه في الأكل لأنّه كان صائمًا، فأقسم عليه سلمان أن يُفطر ويأكل معه.

وبات سلمان ليلته عنده وكان كلّما همّ أبو الدرداء بالقيام لأجل صلاة قيام الليل يمنعه سلمان، حتّى كان آخر الليل فقال له قم لنُصلّي، وقال له: إنّ لربّك عليك حقًا، وإنّ لنفسك عليك حقًا، وإنّ لأهلك عليك حقًا، فأعطِ كلّ ذي حقٍ حقّه، فاشتكى أبو الدرداء ما فعله سلمان لرسول الله، فأثنى رسول الله على ما فعله سلمان وأقرّه.

رواية سلمان الفارسي للحديث النبوي

حدّث سلمان الفارسي -رضي الله عنه- الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان ممّن روى عنه من الصحابة أنس بن مالك وعبد الله بن عبّاس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه من التابعين أبو عثمان النهدي وسعيد بن وهب وغيرهم، وقد كان له في أحد الكتب الحديثية واسمه “مسند بقي” 60 حديث، وأخرج له البخاري 4 أحاديث، وأخرج له مسلم 3 أحاديث.

وفاة سلمان الفارسي

اختلفت الروايات في عمر سلمان الفارسي منها ما ذهب إلى أنّه عاش 350 سنة أو 250 سنة وزادت بعض الروايات وكلها ليست بمؤكّدة، ولكنّ الإمام الذهبي اعترض على هذا الكلام وقال إنّه عاش ما يُقارب الثمانين، مُستندًا بذلك على الأقوال والروايات التي وصفت مسيرة حياته والأعمال التي كان يقوم بها، وقد قال ابن حجر: إنّه ليس هناك ما يمنع من أن يكون سلمان الفارسي -رضي الله عنه- عاش هذه المدّة الطويلة وظلّ موفور الصحّة، فيكون هذا من قبيل خوارق العادات، وقيل إنه توفي سنة 36 للهجرة، ورجّح ابن حجر أن تكون وفاته سنة 32 أو 33 للهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى