الفنون والإعلامفن و ثقافة

“الرداء العجيب”.. مسرحية عن الترابط الأسري بين الماضي والحاضر

تناولت مسرحية “الرداء العجيب” من تأليف الكاتبة هيا صالح وإخراج سهاد الزعبي ثيمة العائلة، وأهمية الترابط الأسري عبر رمز “الرداء” الذي توارثته الأجيال وحافظت على نسيجه متماسكا وقويا، لتقدم رسالة تؤكد على أن المحبة والعطاء هما اللبنة الأساسية في بناء مجتمعات متحضرة وقوية ومتقدمة.

وجاء في كتيب المهرجان حول رسالة المسرحية التي عُرضت خلال مهرجان مسرح الطفل الأردني “الحياةُ كلّها نسيجٌ؛ الحشرات التي تنسجُ شباكها، والطيورُ التي تنسجُ أعشاشها، والأشجار التي تنسجُ أغصانها وأوراقها.. كلّها تصنعُ معنى البيت لها ولعائلتها”.

وتحكي المسرحية قصة التاجر الذي يرتدي رداء العائلة ولا يتخلى عنه أبدا، فتقوم مدبرة المنزل باللجوء إلى ساحر كي يمنحها وصفة تستطيع من خلالها السيطرة على التاجر وسرقة أمواله، فيشترط الساحر عليها أن تجلب له رداء عائلة التاجر مقابل أن يعطيها الوصفة. وعبر سلسلة من الأحداث تنجح مدبرة المنزل في السيطرة على التاجر، وتطلب منه أن يطرد ابنته الوحيدة من القصر، حينها تدرك الابنة أن والدها تحت تأثير قوة كبيرة وشر لا بد أن تخلصه منه، ومن خلال مغامرات تخوضها مع المزارع يتم تخليص التاجر من السحر.

وجاءت المسرحية ضمن فصول درامية، تنقلت بالزمن عبر الحاضر والماضي، وعبر سينوغرافيا بسيطة من حيث الديكور المتحرك فوق خشبة المسرح، لكنها غنية عبر العرض البصري الذي نقل أجواء قصر التاجر مرة، ومكان الساحر مرة أخرى، وحديقة القصر مرة ثالثة. وتم استخدام مؤثرات؛ مثل البخار المتصاعد من طرف المسرح، والمظلات الملونة التي تنزل من السقف، وسلال الورود التي تنثرها الطفلة باتجاه الجمهور.

واستطاع الممثلون مخاطبة عوالم الطفل عبر أدائهم الجسدي والحركي المبهج، وعبر الحوارات القصيرة والتفاعل مع مجريات الأحداث فوق الخشبة، ساعدتهم في ذلك التقنيات الصوتية والإضاءة المتنوعة، حيث افتُتحت المسرحية بأغنية مبهجة تؤكد على قيمة العائلة وما توفره للفرد من مساحة آمنة، كما تخللت العرضَ مقطوعات من الموسيقى التي تناسب المشهد المقدم، فحضرت الموسيقى المترقبة لتعبّر عن أجواء مكان الساحر، والموسيقى الحزينة لتعبّر عن فراق الطفلة عن والدها، والموسيقى المبهجة التي تحتفي بالنصر في النهاية.

وقالت الكاتبة هيا صالح حول فكرة المسرحية “أردت من العرض أن يدور في أجواء سحرية محببة لدى الأطفال، وأن يتناول قصة تقترب بروحها من القصص التراثية القديمة بحيث يتفاعل الأطفال مع مجرياتها الخيالية ورموز شخصياتها المعروفة”، مضيفة “حرصت على أن تكون الحوارات ضمن لغة بسيطة يفهم الأطفال بمستوياتهم المختلفة معانيها، وإيقاع قصير للجمل بحيث تكون سريعة ومؤثرة، وتوصل الفكرة بأقصر الطرق وأوضحها”.

وأكدت صالح التي كتبت العديد من النصوص المسرحية الموجهة للطفل أن مسرح الطفل “أداة قوية ومؤثرة في تربية الطفل وتغذيته بالقيم الإنسانية الرفيعة، بعيدا عن التلقين المباشر، وقريبا من فهمه ووعيه وطبيعته التي تميل إلى التشويق الذي تصنعه المغامرة”.

من جهتها قالت المخرجة الزعبي إن هذا العرض كان “بمثابة تتويج لجهود فريق عمل متكامل”، موضحة “لقد نجحنا في تقديم عرض استثنائي جمع بين الإبداع والتميز في تفاصيله التي قامت على الإبهار المدروس”.

والزعبي هي خريجة قسم الدراما في جامعة اليرموك عام 2016، وتعمل حاليا مدرسة دراما بمدرسة خاصة، أخرجت العديد من المسرحيات للأطفال والشباب، أبرزها “أميرة الشمس”، “قش كالذهب”، “كان وما يزال”، “مصباح الأطفال”، “جزيرة الحياة” وغيرها من الأعمال، كما أشرفت على ورشات متخصصة في الدراما المسرحية بالكلية العلمية الإسلامية ومسرح الشمس وعملت مع العديد من المؤسسات الوطنية الأردنية المعنية بالثقافة والفنون. وهي دائمة الاشتغال على أعمال مسرحية تخاطب الطفل بالكثير من الجدية والعمق والإبداع.

يذكر أن مهرجان مسرح الطفل الأردني يأتي ضمن فعاليات الموسم المسرحي الأردني للعام 2024، إلى جانب مهرجان عمون لمسرح الشباب، وتستمر عروضهما إلى غاية الحادي عشر من أكتوبر الجاري.

وقال راعي المهرجان وزير يذكر أن مهرجان مسرح الطفل الأردني يأتي ضمن فعاليات الموسم المسرحي الأردني للعام 2024، إلى جانب مهرجان عمون لمسرح الشبابالثقافة مصطفى الرواشدة إن الموسم المسرحي يعبّر عن حالة الوعي إزاء كل التحدّيات التي تواجه ثقافتنا وتراثنا وامتدادنا الحضاري، فالمسرح فضلا عن دوره التنموي، وتناولاته لقضايانا الوطنية، فهو يمثّل فضاء للحوار النقدي ومختبرا للمعالجات الفكرية التي تنعكس على المجتمع باقتراحات معرفية وجمالية وتثقيفية تربوية.

بدوره أشار نقيب الفنانين الأردنيين المخرج محمد يوسف العبادي إلى الحالة الصحية التي يتيحها المسرح للنقاش والحوار وتبادل الأفكار والرؤى، مبينا أن المسرح هو سيد الجمال، ومجسد حي للأفكار المشحونة بالخيال، ومن أهم الوسائل فاعلية في التثقيف والتنوير.

وافتتح المهرجان بعرض المسرحية الغنائية الاستعراضية الموجهة للأطفال “جحا والقلادة السحرية” للمخرج رمضان الفيومي، التي أعيد عرضها على خشبة مسرح أسامة المشيني في اللويبدة.

وأتاحت اللجنة المنظمة للمهرجان لكل مسرحية تقديم عرضين لها، الأول في المركز الثقافي الملكي، والثاني على خشبة مسرح أسامة المشيني.

وتعرض في المركز الثقافي الملكي مسرحية “الرداء العجيب” للمخرجة سهاد الزعبي، ومسرحية “أرض الأحلام” للمخرج عمران العنوز، ومسرحية “بنورة والقصة المسحورة” للمخرج أحمد عليمات، ومسرحية “أصابع جميل” للمخرج فراس الريموني، ومسرحية “سلمى والواوي” للمخرج عيسى الجراح، ومسرحية “حمام الهنا” للمخرج هشام سويدان، ومسرحية “أوفر دوز” للمخرج عبدالله ربابعة. وتختتم العروض بمسرحية “محاولة 76” للمخرجة شفاء الجراح.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى