البيت والأسرةتربية وقضايا

الصديق الخيالي ضرورة للطفل قبل المدرسة

ما يصل إلى نصف الأطفال في سن ما قبل المدرسة لديهم صديق خيالي، ولا يعني ذلك أن هذا نتيجة شعور الطفل بالوحدة أو عدم التكيف، في الواقع، من المرجح أن يكبر الأطفال الذين لديهم أصدقاء خياليون ليصبحوا مبدعين ومتعاونين واجتماعيين ومستقلين وسعداء.
وبحسب “بيبي سنتر”، يمكن أن يكون الصديق الخيالي إنساناً أو حيواناً، وعادة ما يكون له اسم وشخصية مميزة.

ويساعد الصديق الخيالي الأطفال على ممارسة بناء العلاقات، ويسمح لهم بالسيطرة على التغيير الذي يؤدي إليه النمو، فهو في جزء شخص موثوق به، وجزء رفيق اللعب، وجزء الحامي، وجزء كبش الفداء.

وقد يكون الصديق الخيالي طريقة الطفل للتعامل مع عالم متزايد المتطلبات والتوسع.

رؤى وضغوط
إن مراقبة تفاعلات الطفل، في عمر 3 سنوات مثلاً، مع صديقه الخيالي يمكن أن يمنح الأولياء رؤى مفيدة حول مخاوفه وضغوطه.

وإذا كانت صديقة ابنتك الخيالية تخاف من الوحوش تحت السرير، فقد تكون الابنة كذلك أيضاً.

وعلى الرغم من أنه من الحكمة احترام صديق طفلك الخيالي، ينصح الخبراء بألا يتورط الأولياء في العلاقة.

مثلاً، تجنب استخدام الأصدقاء الخياليين كوسيلة للتلاعب بطفلك، كأن تقول له لقد أكل صديقك السلطة فلماذا لا تأكل أنت؟

السبب أن الطفل يعلم في قرارة نفسه أن هذا من صنع خياله، وقد يكون الأمر مزعجاً بعض الشيء إذا استخدمه الأولياء.

مرحلة الصداقة الخيالية
وتبدأ هذه الصداقات الخيالية غالباً في الثانية من عمر الطفل، وتتقدم تدريجياً على الرغم من تزايد قدرات الطفل، لكن لأنه يستغرق وقتاً في التطور والنضج الاجتماعي، فلا يزال بحاجة إلى هذه العلاقة الخيالية، طالما يعتقد أن العالم يدور من حوله.

وعادةً ما تختفي هذه الصداقات الخيالية بحلول سن 7 سنوات، حيث ينغمس الطفل في عالم المدرسة الحقيقي.

هل يساعد الطفل على التعبير عما يزعجه؟

وفق علماء النفس، يعكس الصديق الخيالي حقيقةً لا يجيد الطفل التعبير عنها بطريقة مختلفة. يلجأ الطفل إلى اختراع هذا الصديق للتعبير بطريقة شفهية وغير مباشرة عما يزعجه وما يخشى الاعتراف به أمام أهله. إنها الطريقة التي يختارها لتوجيه رسائل معينة إلى والديه لحثّهما على الإصغاء إليه.

هل يجب أن يدعي الأهل أنهم يصدقون وجود الصديق الخيالي؟

طبعاً لا. لكن في الوقت نفسه، يجب الامتناع عن توبيخ الطفل أو معاقبته أو السخرية منه. حتى سن السابعة، يجد الطفل صعوبة في التمييز بين الحلم والواقع. يقضي دور الأهل بالتعامل معه بسلاسة وتفهّم تمهيداً لإشراكه في عالم الواقع. من الأفضل التحدث عن ذلك الصديق الخيالي بطريقة افتراضية: «ما هو شكل صديقك؟ هل تريده أن يصبح رفيقك المقرّب مع أنه ليس حقيقياً؟ ألا تريد أن تحظى بصديق فعلي يمكنك رؤيته؟» في المقابل، لا بد من رسم بعض الحدود أيضاً عبر رفض أن يشاركه صديقه الخيالي وجبات الطعام أو أن يجلس بقربه طوال الوقت مثلاً!

ماذا لو تحجّج به كي يكذب؟

في هذا العمر، لا يدرك الطفل أن الكذب أمر خاطئ بل إنه يخترع الأمور أحياناً. الصديق الخيالي هو وسيلة جيدة كي يخوض الطفل بعض المغامرات ويختبر تجارب مختلفة يُمنَع من القيام بها في عالم الواقع. إذا بالغ في اختراع الأكاذيب، يجب تقييم الوضع بموضوعية إنما من دون توبيخه بصرامة بل عبر إقناعه بضرورة القيام بالنشاطات بنفسه بدل الاتكال على ذلك الصديق وتشجيعه على الاعتراف بأكاذيبه وأخطائه.

هل تدعو هذه الحالة إلى القلق؟

في البداية، لا داعي للقلق لأن وجود هذا الصديق الخيالي يُعتبر جزءاً من مرحلة النمو عند بعض الأطفال. فهو يساعد الطفل على تطوير خياله وحسّه الابتكاري والتعرف إلى نفسه. بفضل صديقه هذا، يمكنه تقمّص شخصيات مختلفة. لكن يجب أن يجيد الأهل القراءة بين السطور وفهم الرسائل التي يريد أن يعبّر عنها الطفل. هذا السلوك ليس بريئاً بأي شكل، بل إنه يعكس شعوراً بالوحدة أو الخوف من فقدان محبة الآخرين أو الحاجة إلى اكتساب القوة.

ماذا لو طالت هذه الحالة؟

في سن السادسة أو السابعة، يُفترض أن يتمكن الطفل من العودة إلى أرض الواقع والانفصال عن ذلك العالم الافتراضي. فهو يصبح في عمر يخوّله الانتقال إلى مرحلة جديدة لأنه يشعر بالقدرة على مواجهة العالم الخارجي. يجب أن يحرص الأهل على إحاطة الطفل بأصدقاء «حقيقيين» خشية أن ينعزل عن محيطه. إذا لم يخرج الطفل من الحالة بحلول هذه المرحلة، من الأفضل استشارة الاختصاصيين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى