11المميز لديناتاريخ ومعــالم

سعد بن معاذ اليماني الذي اهتز لموته عرش الرحمن

نسرد قصتنا عن بطل من أبطال الإسلام أيده الله في الحكم واهتز له عرش الرحمن عند موته بطل سيرتنا الصحابي الفارس وسيد قومه سعد بن معاذ رضي الله عنه (المتوفى سنة 5 هـ).

ولد سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل فى السنة التاسعة عشرة قبل البعثة، وهو أصغر من الرسول (صلى الله عليه وسلم) بإحدى وعشرين سنة وكان إسلامه على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة، وبعد أن أسلم قال لبنى عبد الأشهل “إن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا فأسلموا جميعا بإسلامه فكان من أعظم الناس بركة فى الإسلام، وقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن أبى وقاص خال الرسول”.

كان سيداً للأوس في يثرب قبل الهجرة النبوية أسلم سعد على يد مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي أرسله النبي عليه الصلاة والسلام إلى يثرب ليعلم أهلها دينهم، فأسلم بإسلامه بنو عبد الأشهل كلهم؛ بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقد شهد سعد بن معاذ معه غزوات بدر وأحد والخندق التي أصيب فيها إصابة بليغة ولما حاصر النبي عليه السلام بني قريظة قبلوا بالاستسلام على أن يُحكَّمْ فيهم سعد بن معاذ فحُمل إليهم وهو جريح، فحكم فيهم بقتل الرجال وسبي النساء وتقسيم أموالهم وأراضيهم على المسلمين بعد غزوة بني قريظة انتقض جرح سعد ولم يلبث إلا يسيراً ومات.

كان سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل سيداً لقبيلة الأوس قبل هجرة النبي عليه الصلاة والسلام إليها، أسلم سعد على يد مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي أرسله النبي إلى يثرب ليدعو أهلها إلى الإسلام بعد بيعة العقبة الأولى فلما أسلم سعد وقف على قومه، فقال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم قالوا: «سيدنا فضلاً، وأيمننا نقيبة»، قال: «فإن كلامكم علي حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله»، فما بقي في دور بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا كما أصبحت داره مقراً لمصعب بن عمير وأسعد بن زرارة يدعوان أهل يثرب فيها إلى الإسلام وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه ومعه أسيد بن حضير من تولّى كسر أصنام بني عبد الأشهل.

وبعد هجرة النبي عليه السلام آخى النبي بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وقيل بينه وبين سعد بن أبي وقاص وقد شهد سعد مع النبي غزوة بدر وحين استشار النبي محمد أصحابه قبل المعركة، قال سعد: «قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله» وهو الذي حمل راية الأوس يوم بدر شهد سعد أيضاً مع النبي محمد غزوة أحد، وثَبَتَ مع النبي عليه الصلاة والسلام في القتال لما ولّى المسلمون عنه وفي غزوة الخندق، رُمي سعد بسهم قطع منه الأكحل، وكان الذي رماه رجل من قريش اسمه «حيان بن قيس بن العرفة، فقال سعد: «اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً، فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة».

موقفه فى غزوة بدر

عندما وقف الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير الناس فى الخروج لغزوة بدر قام سعد بن معاذ متحدثا عن الأنصار وقال للرسول “يا رسول الله امض لما أردت فنحن معك فوالذى بعثك لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك وما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر فى الحرب صدق فى اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركه الله”.

موقفه في غزوة أحد

كان فى هذه الغزوة من الأبطال الذين ثبتوا مع النبي عليه الصلاة والسلام عندما ترك الرماة أماكنهم واضطرب الموقف.

وفى غزوة الخندق أصيب سعد “رضي الله عنه” وأرضاه فكانت إصابته طريقا إلى الشهادة فقد لقى ربه بعد شهر من إصابته متأثرا بجروحه، لكنه لم يمت حتى شفى صدرا من بنى قريظة، فقد حكمه الرسول عليه الصلاة والسلام فيهم، وقد حكم أن تقتل المقاتلة وتقسم الأموال وتسبى الذرارى والنساء فقال الرسول الكريم “لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع”، أى سبع سماوات وقد أعيد سعد إلى قبته التى ضربها له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى المدينة فحضره الرسول وأبو بكر وعمر.

وقالت عائشة “رضى الله عنها”: “والذى نفس محمد بيده إنى لأعرف بكاء أبى من بكاء عمر وأنا فى حجرتى وأخذ الرسول عليه الصلاة والسلام رأس سعد ووضعه فى حجرة وسجي بثوب أبيض فقال الرسول: اللهم إن سعدا قد جاهد فى سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بغير ما تقبلت به روحا فلما سمع سعد كلام الرسول فتح عينيه ثم قال: السلام عليك يا رسول الله الله ما وعدك أما إنى أشهد أنك رسول الله جزاك الله خيرا يا رسول الله من سيد قوم فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك”.

وروى أن جبريل عليه السلام أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام حين قبض سعد من جوف الليل وقال له: “يا محمد من هذا الميت الذى فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام الرسول عليه الصلاة والسلام يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات وكانت أمه تبكى وتقول:

ويل سعد سعدا صرامه وحدا

وسؤددا ومجدا وفارسا معدا

سد به مسدا يقد هاما قدا

فقال لها عمر مهلا أم سعد فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ، وحمل الناس جنازته فوجدوا له خفه مع أنه كان رجلا جسيما فقالوا ذلك للرسول فقال عليه الصلاة والسلام أن له حمله غيركم، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له عرش الرحمن، فرضى الله عن سعد وعن إخوانه الصحابة أجمعين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى