“منطق الطير”.. لوحات تعكس نظرة نوال بلال للدين والحياة الروحية
تعرض الفنانة التشكيلية الجزائرية نوال بلال العديد من إبداعاتها الجديدة بالجزائر العاصمة، تحت عنوان “منطق الطير”، وهي لوحات تعكس نظرة الفنانة للدين والتصوف والحياة الروحية.
واختارت الفنانة تقديم 60 لوحة في رواق فرانز فانون برياض الفتح، نقلت مواضيعها جانبا من روحها المبدعة وعكست نظرتها التأملية للحياة، مستلهمة أفكارها من عدة مرجعيات، أهمها النص القرآني باعتباره منبعا صادقا للتعرف على قصص وسير الأنبياء والرسل وكذلك التراث.
ويبدو التجريد بارزا في هذه الأعمال من خلال الدلالات والمعاني الخفية التي تعكسها الأعمال المعروضة، إذ سرعان ما تدعو المتلقي إلى الدخول في علاقة تأمل مع كل تلك الأشكال والرموز والحروف ودرجات الألوان التي تنعكس منها.
وجاءت أعمال الفنانة محملة بالمعاني الجمالية والصوفية، ذلك أنها اختارت اللونين الأزرق والذهبي بالخصوص لتحكي قصصها الشخصية من خلال شغفها بالتراث الديني والأسطورة والشعر والحكايات والموسيقى وطقوس المتصوفة، أما الطيور فهي بالنسبة إليها الكائن العابر للزمان والمكان.
ولأن المعرض ينظم بمناسبة إحياء الذكرى السبعين لاندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر ضد المستعمر الفرنسي، فقد رفعته بلال إلى روح رجل المقاومة الجزائرية، الأمير عبدالقادر باعتباره شخصية إنسانية طبعت بسيرتها العالم بفضل مواقفه ذات العمق الروحي والنابعة من أفكاره وأيضا من ثقافته الدينية والأدبية والمعرفية.
ورغم مرور ما يقارب قرنا ونصف القرن على وفاة الأمير عبدالقادر بن محيي الدين الجزائري عام 1883، إلا أنّه لا يزال رمزا وطنيا يحتفى به في الأعمال الفنية وتحاول السلطات الجزائرية الحفاظ على صورته كرمز للهوية الوطنية عبر استحضار بطولاته ضد الاستعمار الفرنسي.
وقد أوضحت نوال بلال، في هذا الإطار، أنها اختارت تكريم الأمير عبدالقادر في هذا المعرض الذي يستمر إلى غاية 10 نوفمبر الجاري، لكونه “شخصية روحية صوفية عالمية، إلى جانب طبعا كونه رجل دولة وسياسة”.
وبدأت التشكيلية نوال بلال -وهي فنانة عصامية- في عرض إبداعاتها منذ عام 1998، مستعملة تقنيات مختلفة كالألوان الزيتية والأكريليك، إضافة إلى استعانتها بمواد أخرى، وقد شاركت في العديد من المعارض الفردية والجماعية، داخل الجزائر وخارجها، والتي تتمحور أساسا حول التصوف والروحانيات.
ومما يشد الانتباه في تجربة نوال بلال أنها دائمة التموقع بين التشكيل والتصوف، بين ما هو روحي وما هو فني، فهي توحد بين الروحانية والواقع، وتحاول التعبير عن كل مواضيعها الفنية وأفكارها بنزعة صوفية، حتى أنها سبق أن خصصت بعض معارضها لأقطاب الصوفية في الجزائر والمنطقة العربية.
ويمكن القول إن البعد الصوفي يمثل شكلا فنيا خاصا بها ضمن ممارسة تجريدية تكشف عن عالم غيبي يتجاوز العالم المادي النسبي، ويتحرر من النظرة السطحية للأشياء والأحداث والأشخاص.