إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الواحدانية Singularity (الجزء الأول)

علي عويض الأزوري

قبل البدء في الكتابة عن (الواحدانية) تذكرت سلاحف النينجا (المسخ mutant). أُوجدت سلاحف النينجا في سن المراهقة عندما تتعرض أربع سلاحف صغيرة للنضح المشع، مما يحولها إلى بشر عن طريق التجسيم، وهو إسناد السمات البشرية أو العواطف أو النوايا إلى كيانات غير بشرية. يعتبر ميلًا فطريًّا لعلم النفس البشري. إضافة إلى إسناد الشكل والخصائص البشرية ذات الصلة إلى مفاهيم مجردة مثل: (الأمم والعواطف)، والقوى الطبيعية مثل: (الفصول والطقس).

  نشأت الحركة المكينسانية من مُثُل عصر التنوير، وهي مبنية تمامًا على العقلانية والفيزيائية والإيمان الراسخ بالمنهج العلمي، فضلاً عن الاعتقاد العميق بأن البشر يمكنهم وينبغي لهم تشكيل مصيرهم (مور، 2013). تشمل المساعي المحددة إطالة الحياة بشكل جذري (بمئات أو آلاف السنين) من خلال الطب الأفضل والقضاء على الشيخوخة؛ وتعزيز القدرات المعرفية والجسمية والعاطفية بشكل جذري؛ والحد بشكل جذري من السمات/ الحالات غير المرغوب فيها (الاكتئاب والانطواء، على سبيل المثال)، والحرية المورفولوجية (القدرة على تغيير شكلنا المتجسد)، ورقمنة الوعي من أجل تحرير البشر تمامًا من الاعتماد على الأجسام البيولوجية والقيود المفروضة عليها ( بوستروم، 2013 ؛ أجار، 2010 ).

يشير مصطلح ما بعد الإنسانية إلى أنه يمكن تجاوز “الإنسان”، وبالتالي يجب أن يكون للإنسان حدودًا قابلة للتعريف، والتي تحدد حواف الإنسان بمجرد عبورها ستضع المرء في منطقة ما بعد الإنسانية. ولكن في حين تسعى ما بعد الإنسانية إلى تجاوز الإنسانية، إلا أنها لا تسعى إلى خلق شيء غير إنساني تمامًا. تتمثل أهدافها في التغلب على الحدود، المرسومة عادةً على أسس بيولوجية، وتعزيز الصفات والتجارب الإنسانية المرغوبة. ومع ذلك، فهي لا تتجنب إمكانية أن تؤدي هذه التغييرات إلى تغيير جذري لما نحن عليه إلى الحد الذي لم يعد من الممكن اعتبارنا بشرًا تمامًا (بوستروم 2013 -مور، 2013). قد يكون من الأفضل التفكير في المثل الأعلى لما بعد الإنسانية على أنه يقدر “الشخصية” على الإنسانية (هيوز، 2004 ). وبالتالي يمكن أن تشمل الشخصية البشر المعززين جذريًّا، والبشر “ما بعد” المتطورين وراثيًّا، والذكاء الاصطناعي القوي، الذي يؤدي إلى الواحدانية Singluarity.

يقول راي كورزويل Ray Kurzweil * (هو صاحب كتاب التفرد/ الوحدانية قريب الذي صدر في 2005، وكتاب التفرد/ الواحدانية أقرب الذي صدر في 2024) في مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية في إجابة على سؤال ولكن ما هي بالضبط هذه التفردية؟:

(اليوم، لدينا حجم دماغ واحد لا يمكننا تجاوزه لنصبح أكثر ذكاءً. ولكن السحابة تزداد ذكاءً وتنمو بلا حدود حقًّا. وسوف تحدث هذه التفردية، وهي استعارة مستعارة من الفيزياء، عندما ندمج دماغنا مع السحابة. وسوف نكون مزيجًا من ذكائنا الطبيعي وذكائنا السيبراني، وسوف يتم دمج كل ذلك في واحد. وسوف يصبح ذلك ممكنًا من خلال واجهات الدماغ والحاسوب، والتي ستكون في النهاية عبارة عن روبوتات بحجم الجزيئات، والتي ستدخل إلى أدمغتنا دون تدخل جراحي من خلال الشعيرات الدموية. وسوف نزيد من الذكاء بمقدار مليون ضعف بحلول عام 2045، وسوف يعمل ذلك على تعميق وعينا وإدراكنا).

ويقول في إجابة على سؤال من محرر موقع WIRED: لقد وضعت حجر الأساس في كتابك “التفرد/ الواحدانية قريب”. هذا الكتاب يسمى ” التفرد/ الواحدانية قريب”. كيف تحدد الواحدانية؟

بالنسبة لي، فإن هذا يعني أن الإنسان لن يكون قادرًا على القيام بكل ما يستطيع الآخرون القيام به فحسب، بل سيتمكن أيضًا من خلق شيء جديد، مثل علاج أشكال معينة من السرطان. والذكاء الاصطناعي جزء لا يتجزأ من القيام بذلك، لأنه يمكنك في الواقع تجربة كل تركيبة ممكنة من الأشياء التي قد تعالج السرطان. وبدلاً من السؤال عن أي من تلك المليارات من العلاجات المحتملة سنحاول، يمكننا تجربة جميعها، ويمكننا محاكاتها في غضون أيام قليلة. إن التفرد هو عندما نتمكن بالفعل من الجمع بين هذا النوع من التفكير وتفكيرنا الطبيعي، وسنصبح حينها خارقين.

يبدو أن المسألة معقدة جدًّا، ولها تبعات خطيرة لا يمكن التنبؤ بها على المستوى الفكري الحالي، وإن كانت هناك تحذيرات من أرباب هذه التوجهات إلا أنهم لا يدركون حجم ما ستكون عليه هذه التحولات على الجنس البشري الذي ينوون أن يكون متفردًا. تختلف أنواع التفرد ولكن ما يهمني هو الواحدانية التكنولوجية.

بقلم/ علي عويض الأزوري

…………………………………………………

*( راي كورزويل Ray Kurzweil :مدير الهندسة في قوقل) اخترع أول ماسح ضوئي مسطح، وأول برنامج كمبيوتر يمكنه التعرف على نوع الخط، وأول جهاز تحويل النص إلى كلام، وعشرات الأجهزة الأخرى ــتنبأ بعشرات وعشرات الأشياء الأخرى التي تحققت إلى حد كبير، أو التي ستتحقق قريبًا، مثل أنه بحلول عام 2000، ستسمح الأطراف الاصطناعية الروبوتية للمشلولين بالمشي (يقوم الجيش الأمريكي حاليًا باختبار بدلة ” الرجل الحديدي “) وسوف يكون “السائقون السيبرانيون” قادرين على قيادة السيارات (التي تمكنت جوجل من حلها إلى حد ما).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى