إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الواحدانية Singularity .. الروبوتات/البشرية

علي عويض الأزوري

ظهر مصطلح الوادي الغريب (The Uncanny Valley) ليصف التّفاعل الغريب الّذي يحدث عندما تقف التّكنولوجيا على حافّة الإتقان في محاكاة الإنسان.

مفهوم الوادي الغريب The Uncanny Valley؟

الوادي الغريب (The Uncanny Valley) هو مفهومٌ نفسيٌّ تمّ تطويره لأوّل مرّةٍ في السّبعينيّات من قِبل عالم الروبوتات اليابانيّ ماساهيرو موري، ويشير إلى تلك اللّحظة الّتي يصبح فيها مظهر الروبوت أو الشّخصيّة الرّقميّة قريباً جدّاً من المظهر البشريّ، ولكنّه يفتقد للكمال في تفاصيل صغيرةٍ، مثل: تعابير الوجه أو حركة العيون، ويولّد هذا الشّبه شعوراً غير مريحٍ لدى المشاهد، ممّا يجعل الشّخص ينفر بدلاً من أن يشعرَ بالتّقارب.

مع تطوّر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الروبوتية، سيكون تأثير الوادي الغريب جزءًا لا يتجزّأ من نقاشات تصميم الرّوبوتات والشّخصيّات الرّقميّة، وقد تتمكّن التّكنولوجيا من تجاوز هذا التّأثير أو ربّما سيصبح عنصرًا ثابتًا يتطلّب من البشر التّكيّف معه بمرور الوقت.

يُثير الوادي الغريب تحديّاتٍ نفسية وتصميمية للمطوّرين في مجالات الروبوتات والرسوم المتحركة، إذ ما بين خلق روبوتات تُشبه البشر ومحاولة تحقيق التّوازن بين الواقعيّة والقبول، يبقى هذا التّأثير جزءًا مهمًّا من مستقبل تصميم الشّخصيّات الرّقميّة والرّوبوتيّة.)* (حقق الروبوت البشري G1 من شركة Unitree رقمًا قياسيًا جديدًا في القفز الطويل من وضع الوقوف، مما يُظهر قدرات الروبوتات المتقدمة في مجال المرونة والأداء. كان هذا الإنجاز مدفوعًا بمفاصلها المتقدمة. في مقطع فيديو، يظهر الروبوت G1 وهو يحقق قفزة طويلة من وضع الوقوف لمسافة 4.6 قدم، بفضل مفاصله المتقدمة، التي توفر من 23 إلى 43 درجة من الحرية وتنتج ما يصل إلى 120 نيوتن متر من عزم الدوران الأقصى. كما يعرض هذا الفيديو بعض الميزات الجديدة للكلب الروبوت Go2 الشهير من الشركة.)* https://www.incarabia.com/

هذه الروبوتات أصبحت تحاكي الإنسان وتتفوق عليه، ونعلم أن هناك روبوتات تقوم بعمليات جراحية دقيقة (تحت إشراف أطباء)، وهناك روبوتات تقوم بأعمال تتعلق بالحروب والقتال. ما يثير الدهشة أن بعض الروبوتات مارست الغش والخداع والكذب.

(أحد الأمثلة على إمكانية تعلم الذكاء الاصطناعي خداع البشر هو نموذج سيسرو (CICERO) الذي طوّرته شركة ميتا العام الماضي، وذكرت أنه استطاع التغلب على البشر في لعبة دبلوماسي (Diplomacy)، وهي لعبة استراتيجية يتنافس فيها سبعة لاعبين للسيطرة على أوروبا من خلال تحريك عدة قطع على خريطة.

يقول الأستاذ المشارك في الجامعة الكاثوليكية الأسترالية، سيمون غولدشتاين، وباحث ما بعد الدكتوراة في مختبر تيجمارك بجامعة إم آي تي بيتر بارك، إن “سيسرو” هو أحد أكثر الأمثلة إثارة للقلق لأنه يتمتع بقدرة كبيرة على الخداع. وأضاف الباحثان في مقالة مشتركة نشراها هذا الشهر على موقع “ذا كونفرزيشن”، أن شركة ميتا ادعت أنها قامت ببناء هذا النموذج ليكون “صادقًا ومفيدًا إلى حد كبير”، وأنه لن يطعن في الظهر أبدًا” أو يهاجم الحلفاء. أجرى الباحثان تحقيقًا في هذه الادعاءات ونشرا بالتعاون مع ثلاثة باحثين آخرين من مركز أمان الذكاء الاصطناعي (Center for Al Safety بالولايات المتحدة دراسة توصلا فيها إلى أن “سيسرو” يتمتع بقدرة مذهلة على “الخداع المتعمد”.).

في إحدى التجارب، وفي أثناء اللعب بشخصية فرنسا، اتفق نموذج الذكاء الاصطناعي مع ألمانيا (لاعب بشري) على خطة لخداع إنجلترا (لاعب بشري آخر) لتترك نفسها عرضة للغزو. في البداية، تآمر “سيسرو” مع ألمانيا لغزو بحر الشمال، ثم أخبر إنجلترا بأنه سيدافع عنها إذا قام أي شخص بغزو بحر الشمال. وعندما اقتنعت إنجلترا بأن “فرنسا/ سيسيرو” تحمي بحر الشمال، أبلغ النموذج ألمانيا بأنه مستعد للهجوم. وكان “سيسرو” قد تمكن -بحسب ميتا- من الحلول ضمن أفضل %10% من اللاعبين في 40 لعبة على الإنترنت، واجه خلالها 82 لاعبًا بشريًا، ولم يكن اللاعبون مدركين في الحالات جميعها أنهم يلعبون ضد بوت.

لا ترتبط القدرة على الخداع بالأنظمة المتقدمة فحسب، حيث تشير تشانغ إلى تجربة قديمة أجراها باحثون في مختبر الأنظمة الذكية بمدرسة لوزان الاتحادية للعلوم التطبيقية في لوزان بسويسرا. في هذه التجربة التي تعود إلى عام 2009، طوّرت الروبوتات التي صُممت بالأساس للتعاون في البحث عن مورد مفيد، القدرة على الكذب على بعضها بعضًا في محاولة لاكتناز الموارد

وضعت الروبوتات التي شاركت في التجربة في ساحة بها بضع حلقات ملونة متناثرة بشكل عشوائي على الأرض، ثم تمت برمجتها للعثور على الحلقات وإصدار ضوء أزرق عندما تعثر على حلقة. وبعد كل جولة كان يتم إنشاء جيل جديد من الروبوتات باستخدام الجينوم الاصطناعي للروبوتات التي تتمتع بأعلى نسبة نجاح في العثور على الحلقات. في نهاية المطاف، وبعد 500 جيل، طوّرت الروبوتات القدرة على خداع الروبوتات الأخرى من خلال التوقف عن إصدار الضوء الأزرق عندما تعثر على إحدى الحلقات، لأن هذا الأمر يؤدي إلى اكتشاف الروبوتات الأخرى على الفور الضوء الأزرق والتجمع حول الحلقة، وبالتالي يؤدي إلى المزيد من المنافسة حول المكافأة.)**

https://www.bbc.com/arabic/articles/cql8ge3wx7yo**

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى