الأدب والثقافةفن و ثقافة

منابر الأندية الأدبية والفنون تهجر «النبطي»

حقق الشعر النبطي حضوراً مميزاً في المناسبات الرسمية والأمسيات الشعرية، وأصبح شعراؤه نجومًا في سماء الإعلام ومطلبًا في أرض الحشد الأكبر من الجماهير، وكما هو مؤكد أن الشعر متى استوفى شروطه وأدبياته سمي شعراً كان فصيحاً أو شعبياً، فيما يستنكف البعض من استضافة شاعر شعبي على منصة نادٍ أدبي أو جمعية ثقافة وفنون رغم تصنيف نتاجه أدبيًا، مما نتج عن ذلك تهميش للمنبر الشعبي في المؤسسات الثقافية.

ويرى رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي في منطقة الحدود الشمالية ماجد بن صلال المطلق أن الشعر ديوان العرب بفصيحه وعاميه؛ لأنه يوثق تاريخهم وجغرافيتهم وقيمهم، وقال أيضًا: لا شك أن الشعر الشعبي فرض نفسه في سماء الخليج والجزيرة العربية لكونه يتحدث بلهجة المجتمع المحيط بالشاعر، فلذلك تجعله أقرب لغالبية المجتمع، وفرسانه تسيدوا ساحة الشعر بدلالة كثافة الحضور الجماهيري لأمسياتها، ونحن في الأندية لدينا لائحة أساسية نسترشد بها، فقد ورد في اللائحة بعض النصوص التي تؤكد على دور الأندية، وقد نص الهدف الأول من المادة الرابعة من لائحة الأندية الأدبية المعتمدة العام 1431 على “نشر الأدب والثقافة باللغة العربية الفصحى”، كما نص الهدف الثاني من المادة الرابعة من لائحة الأندية الأدبية المعتمدة العام 1437 على “نشر الأدب باللغة العربية الفصحى”، لذلك الأندية الأدبية معنية بالشعر الفصيح فقط، والشعر الشعبي مسند لجمعيات الثقافة والفنون المنتشرة في مناطق المملكة كافة، فالجمعية في الحدود الشمالية مهتمة جدا بهذا الموروث ونظمت العديد من الأمسيات والمسابقات، كما قام النادي الأدبي في الحدود الشمالية بالشراكة مع الجمعية بتنظيم مسابقات وأمسيات شعرية (الشعر الشعبي) في المناسبات الوطنية، وربما بعض الأندية الأدبية تلتزم بنصوص اللائحة، أما جمعيات الثقافة والفنون فلا عذر لها في عدم احتواء الشعراء الشعبيين، ووضعهم على خارطة الموروث والحراك الثقافي، والتماس العذر لهذه الجمعيات لأن الدعم لها ضعيف جدا، وبعض الشعراء الشعبيين يغالون في المكافآت التي فوق طاقتها.

وأكد مدير جمعية الثقافة والفنون بالأحساء علي الغوينم على أهمية الشعر الشعبي وأنه جزء مهم من منظومة الثقافة وقال: الشعر النبطي جزء من ثقافتنا في المملكة العربية السعودية، ولا بد أن يكون دور ومشاركة، ومن المهم أن يظهر للناس كونه ثقافة شعبية أصيلة لها من التاريخ الشيء الكبير، ويتجسد هذا النمط الأدبي في حياتنا من خلال القصائد، حتى أن كثيرا من أبيات الشعر النبطي أصبحت مضربًا للحكمة، بالإضافة إلى أنه يمثل صورة تعكس بيئة المجتمع، ويمكن من خلاله معرفة الكثير من العادات والتقاليد والأعراف الخاصة بأي مجتمع، لأن ما يطرحه الشعر النبطي موضوعات تنتج لما هو موجود في البيئة، وكثير من الشعراء رصدوا من خلال شعرهم التاريخ الموجود في مناطقهم، فمن حق هؤلاء الشعراء ومن حق الشعر النبطي وهذه الثقافة الشعبية أن تجد من يتلقفها، وأن تجد لها مكانا في جميع المؤسسات الثقافية.

وتحدث الغوينم عن الحراك الثقافي فيما يخص الشعر النبطي في الأحساء وقال: لدينا في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء منتدى للأدب الشعبي يتبع يضم أكثر من 70 شاعرا وشاعرة، ونقدم من خلال هذا المنتدى العديد من الأمسيات الشعرية، وقد وصلنا هذا العام لإقامة 10 أمسيات، والمخطط له أن نختم نهاية هذا العام بـ 21 أمسية شعرية، وهناك حراك كبير جداً لشعراء النبط في منطقة الأحساء، وأتمنى أن يجد الشعر النبطي الدعم الكافي من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية، وأن تكون له منصته الفاعلة في هذا الوطن الغالي، فهو نتاج أدبي أصيل في مجتمع أصيل يحمل تاريخًا مشرفًا لكل أفعال وسلوكيات المجتمع.

ومن جهة أخرى أكد الشاعر عبدالرحمن أبا الجيش بأن الشعراء الذين لهم شعبية كبيرة هم شعراء النبط، وأن أغلب الجماهير المتذوقة للشعر هم من محبي الشعر الشعبي، وقارن أبا الجيش بين الفصيح والنبطي لدى الجمهور وقال: يظهر للجميع أن جمهور الشعر الفصيح في الخليج العربي قليل، خاصة في المملكة العربية السعودية، كما أن حضور الأندية الأدبية شبه مندثر سواء في الشعر الفصيح أو النبطي، ولكن الدولة متجهة لإحياء الشعر النبطي ونجومه، وعندما نسلط الضوء على حضور الأمسيات الشعرية ونقارن بين فئة الشعر الفصيح والنبطي نجد أن الحضور الكاسح من نصيب الأمسيات الشعرية الشعبية، بينما لا نجد إقبالًا ملحوظًا لدى شعراء الشعر الفصيح، وهنا يجدر الانتباه إلى تلبية رغبة الجماهير في توفير مساحة كافية وعادلة تعطي متذوقي الشعر العامي أو الشعبي حقهم في تلبية اهتماماتهم وميولهم.

وأضاف أبا الجيش: تزخر الساحة الأدبية الشعبية بالعديد من شعراء النبط الذين يضاهون غيرهم بقصائد الحكمة والفلسفة الشعرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر الشاعر الكبير سعد بن جدلان – رحمه الله -، والذي يُعد مدرسة شعرية مختلفة أنتجت مخزونًا ثقافيًا يصعب على الكثير من شعراء الفصحى مجاراته، ومثل هذا المثال الكثير، ولكن هناك “البرستيج” أحدث تهميشًا للشعر النبطي، فشعراء الفصيح يُعدون أنفسهم نخبويين وأن ما يقدمونه مصنف بأنه أرقى من ما يقدمه شعراء العامي.

ووصف أبا الجيش المنبر الأدبي للشعر الشعبي في المملكة بالضعيف معللًا بوجود أمسيات شعرية في دول الخليج يكون أغلب شعرائها من المملكة العربية السعودية. وقال أيضًا: نعول على وزير الثقافة الذي ظهر اهتمامه بكل ما يتعلق بموروث المملكة أن يسلط الضوء في إنعاش منبر الشعر النبطي في مناطق المملكة وأن تقام فيها منتديات شعرية ومسابقات تفرز الشعراء المميزين، وأن تنظّم الأمسيات الشعرية بما يروي عطش الجمهور المتذوق للأدب الشعبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى