القراء يكتبون

شكسبير ذو الأفضلية

بقلم / يوسف أحمد الحسن

في زمن الاستعمار البريطاني للهند وفي وقت كانت تسمى الأخيرة (درة التاج البريطاني) كناية عن أنها كانت أفضل المستعمرات البريطانية.

نقل عن الكاتب البريطاني الساخر برناردشو قوله: لو خير الإنكليز بين شكسبير والهند لاختاروا شكسبير! ولا عجب في ذلك لما لهذا الكاتب من مكانة عالية في نفوس الناس ولما أحدثه من أثر في اللغة والأدب الإنجليزي، ولما حظيت به مسرحياته من مكانة رفيعة أثرت الساحة الأدبية هناك وأثرت على سلوك وشخصية الإنجليزي.

وتشير هذه المقولة إلى القيمة التي يوليها البريطانيون لكتابهم ومفكريهم، حيث تنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على اهتمام المواطن العادي بالفكر والثقافة والكتابة، مقابل الاهتمامات السطحية في بعض المجتمعات الأخرى.
وقد بلغ من عشق شكسبير للكتب والمكتبات أنه قال (دائمًا ما أتخيل أن الجنة ستكون مثل مكتبة)، فقد ألف هذا الكاتب (1564 – 1616) 38 مسرحية و158 سوناتة (وهي عبارة عن مسرحيات تتضمن في سياقها أشعارًا) ترجمت إلى سبعين لغة، ومن أبرز أعماله: روميو وجولييت، وهاملت وعطيل، ومكبث، وتاجر البندقية، ويوليوس قيصر. وقد استطاع بكتاباته أن يتعرض لأدق المشاعر الإنسانية بحرفية عالية جعلت الكثيرين يحفظون بعض نصوصه ومسرحياته عن ظهر قلب، وأن تمثل هذه المسرحيات في أغلب دول العالم وبمختلف اللغات رغم مرور أكثر من أربعمئة عام على وفاته.
تعلم شكسبير اللاتينية واليونانية، ولم تقدر أعماله إلا بعد حوالي نصف قرن من وفاته، ولا يزال يثير الجدل حول جوانب مختلفة من حياته. ورغم وجود 13 ألف دراسة كتبت عنه موجودة في مكتبة الكونغرس فإنه لا تزال هناك جوانب غامضة في حياته مثل دراسته حيث لا يعلم عنها سوى دراسته في مدرسة النحو في مدينته. لكن حجم المعلومات والمفردات التي تضمنته كتاباته تنبئ عن حجم القراءة التي قام بها في حياته.
وقد أثير الكثير من الجدل حول بعض كتاباته إلى حد إنكار وجوده هو أو انتحاله لبعض المسرحيات، إلا أن شكسبير يبقى علامة فارقة في الأدب العالمي حتى بلغ من علو كعبه أنه يتم تدريس كتاباته حاليًّا تحت مسمى الشكسبيريات.
وعندما يذكر الناس شخصيات بريطانيا فإن ويليام شكسبير يأتي في المقدمة، وعندما يفتخر البعض بأمواله أو ثرواته، يفتخر البريطانيون بشكسبير القارئ والكاتب الذي ظل يسحر الناس بكتاباته وبمسرحياته وبقدرته على تسخير الكلمة من أجل إسعاد الناس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى