الأدب والثقافةفن و ثقافة

الشاعر الليبي رامز النويصري وتحفيز الحرب للقريحة الشعرية

الحرب رغم بشاعتها كانت محفزة للقطة الشعرية بالنسبة إلى الشاعر الليبي رامز النويصري. فقدم فلسفته للموت في ظل الخراب، نصوصا محمّلة بومضات إنسانية، ترى أنه مثلما هناك موت، هناك ألوان زاهية، نصوصا تحمل تفاصيل ذاكرة الشاعر في تنقلاته داخل البلاد وخارجها. شاعر عندما يكتب لا يهتم لشأن القارئ باعتبار الكتابة تمثل حالة خاصة وأنانية.

مارس رامز النويصري النقد وكانت له عدة كتب فيه منها “قراءات في النص الليبي” صدر في جزأين، وكتاب آخر بعنوان “في اقتناص القريب”.

وصدرت له في الشعر عدة مجموعات شعرية مثل “قليلاً أيها الصخب”، و”مباهج السيدة واو”، و”بعض من سيرة المشاكس”، و”فيزياء المكان”، و”النافذة”، و”بلاد تغار من ألواني الزاهية”.

وعندما سألناه “ما الذي يمكن أن يصيبك باليأس؟” قال “أن أكون محاصراً، ولا أملك من أمري شيئًا”.

نتيجة بحث الصور عن الشاعر الليبي رامز النويصري

إضافة إلى كتاباته أنشأ رامز النويصري عام 2000 موقع “بلد الطيوب” كأول موقع أدبي ثقافي في ليبيا، وتصدر عنه مجلة “المقتطف” إضافة إلى عدد من الكتب الإلكترونية.

المتابع لتجربة رامز النويصري الشعرية سيلاحظ تطورا كبيرا في نصه. إن كان للثقافة دور في ذلك؟ يجيب ضيفنا “بداية شكراً لهذه الملاحظة. ثانياً؛ نعم. الثقافة عامل مهم، ومهم جداً في تطور أي تجربة إبداعية، والشعر كإبداع، يحتاج إلى الثقافة، والثقافة في معناها العام، لبناء هيكله، وتطوير أدوات الشاعر، وبالتالي التجربة. الثقافة تغير الكثير من القناعات والأفكار”.

ويضيف “من خلال تجربتي الشخصية، كان للقراءات والممارسات الإبداعية، المختلفة من خلال المشاركة أو الاشتغال، الأثر الكبير في تجربتي الشعرية، التي جعلتني أتخلى عن الكثير من الأفكار التي رافقت بداياتي الشعرية، والتي أضحك أحياناً عندما أتذكرها. تجربتي تأثرت بشكل مباشر بما أقرأ وأعمل وأمارس”.

في ليبيا هناك دعوة إلى كتابة قصيدة الومضة رغم عدم الاتفاق على الشكل الفني لهذه القصيدة. إن كان ما يكتب يدخل في نطاق قصيدة الومضة أم هي مجرد خواطر؟ يرد رامز النويصري “عبر موقعي الشخصي ‘خربشات‘ نشرت خلال المدة الماضية موضوعين عن الومضة الشعرية، لخصت فيهما وجهة نظري. المشكلة في الومضة هي الاستسهال، فالكثير صار يكتب الومضة، ويمارس الكتابة تحت هذا المسمى، ظناً أنه يكتب الشعر، والأمر فيه الكثير من المغالطة”.

فالومضة الشعرية، في رأي النويصري، كأي جنس إبداعي تحتاج مجموعة من الاشتراطات لتحققها، ومن أهم هذه الاشتراطات الدهشة التي تحدثها الومضة في القارئ، وهو ما تفتقده الكثير من النماذج التي يتم نشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي ظنه أن مواقع التواصل، وبشكل خاص الفيسبوك وتويتر، هي التي أحدثت هذا الارتباك، وجعلت الكثير يقدم على الكتابة، وكون هذا الشكل الشعري قصيرا، فهو جيد جداً على تويتر، ومن بعد الفيسبوك.

رغم ما يحدث في ليبيا من فوضى طالت الجميع لم نسمع أصوات المثقفين بمبادرات أو حراك يدعو إلى وقف نزيف الدم. نسأل الشاعر إن كان دور المثقف الذي يقود ويقاوم ويغير قد انتهى؟ ليقول “هو لم يبدأ ليتوقف، في ليبيا لا دور للمثقف، وهو آخر من يسمع له، أو ينادى به أو له.

وعبر مقالين نشرا في أكثر من موقع على شبكة الإنترنت، ناقشت هذه الفكرة، فالمثقف الليبي لم يكن له دور بارز في المجتمع، إلا ما ندر، أو بعض الحالات التي رافقت مسيرة الاستقلال”.

يتابع النويصري “من 1969 حتى 2011، كان النظام السابق يعمل على تغييب دور المثقف، وتقليل مساحة حريته وتقييدها، الأمر الذي غيبه عن المشهد، فلم يعد هناك رابط بين المجتمع ومثقفيه، وبالتالي عاش المثقف في عزلة يشاركه فيها نظراؤه، يتقاسمون فيها خبز الكتابة، ومرق القراءات. ما بعد 2011، هو نتاج طبيعي لأكثر من 40 عاما من تغييب دور المثقف، وبالتالي وجد المثقف نفسه عاجزاً عن المشاركة، أو عن إيجاد من يستمع إليه”.

يقول الشاعر رامز النويصري “كتبت عن الحرب، وأقولها بحسرة، حرب ليبية ليبية. كتبت، لأننا صرنا جزءا من هذه الحرب، شئنا أم أبينا؛ فدون سابق إنذار يتحول الحي الذي تسكنه إلى ساحة حرب، أو تجد بيتك في مرمى النيران، أو تحجزك الحرب فلا تصل إلى بيتك”.

ويضيف النويصري “الحرب موجعة وبشعة. وهي كحالة تسكن الشاعر الذي يعبر عنها أو ينقلها ويعيشها من خلال النص. بالرغم من محاولات الكثيرين الهروب من حاجز الحرب، كانت تقفز أمامي، وتتعلق بالكلمات، فما كان مني إلا أن استسلمت لها، لتكون نصا موثقاً لتجربة مجتمعنا”.

يرفض ضيفنا التسميات والمصطلحات في الكتابة، ولكنه يعتبرها في ذات الوقت مفيدة، في ما يخص التصنيف. والسبب هو عدم اتفاق النقاد العرب على المفاهيم. بالتالي فالنص الحداثوي عن الناقد س، ليس هو عند الناقد ص.

وكون الشاعر ممارسا للكتابة الإبداعية، أي ممارسا لكتابة الشعر، فهو يكتب ولا يؤسس أو يؤطر لنظرية نقدية، أو لمدرسة شعرية، إلا بعد خوضه التجربة، تجربة التجديد، ومضي فترة زمنية، حتى يمكنه ملاحظة هذا النمط، ومن بعد محاولة التنظير، فالشاعر ممارس وليس أستاذاً، هو يكتب تلبية لحاجة، وهذه الحاجة تقف عند الكتابة، أو انتهاء فعل الكتابة. هنا يكون دور الناقد ملاحظة التجربة وقراءتها، ومن بعد نقدها لاكتشاف السمات والعلامات المهمة.

ويتابع “في حال كانت التجربة النقدية مواكبة للنتاج الشعري، كتجربة، فسيكون هذا مفيداً للتجربة الشعرية، وحافزاً ليطور الشاعر من أدواته الشعرية، بالتالي يتطور النص الشعري بشكل لافت.

المشكلة هي عدم وجود دور للنقد، أو أن يكون دوره غير مواكب، كما في تجربتنا الليبية. بصفة عامة، في ظني، ثمة أطر ليكون النص حداثوياً، أولها الخروج عن القوالب التقليدية، بمعنى كسر قيد الشكل، وتقديم قدر من المعرفة، وتجاوز المعتاد”.

يتفق الشاعر رامز النويصري مع الشاعر تشارلز سيميك في رفضه لمقولة “نعيش زمن الرواية”، ويضيف “أعتقد أن ما عرف بزمن الرواية هو لعبة ناشر سعى للربح من خلال استغلال نجاح الروايات، الأمر الذي حفز الجميع على قراءتها ونقدها وكتابتها. الواقع يقول إن الشعر هو الجنس الأدبي الأقرب، والقادر على الاقتراب من ذات الإنسان، ولمسها والتعبير عنها”.

ويشير رامز النويصري إلى أنه لو فكر في القارئ لما كتب، وهذا ليس إنقاصاً من قدر القارئ، بقدر ما هو اهتمام به، وبما يرغب فيه. فحضور القارئ لحظة الكتابة هو نوع من الرقابة، والرقابة هنا في الاتجاهين السلبي والإيجابي، الأمر الذي يقيد حركته كشاعر، أو ككاتب، يحجب عنه الكثير، ويحد من سقف الحلم. لحظة الكتابة لحظة خاصة، لا يحب النويصري أن يشاركه فيها أحد، هي لحظة يعيش فيها علاقة من نوع خاص، بنشوة خاصة، وسيكون من الصعب حضور أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88