11المميز لديناالفنون والإعلامفن و ثقافة

مسلسل سناب شاف حين يكون المنهج ملامس لأبعاد المجتمع الأخلاقية ويناقش ويعري اتجاهاته السلبية

يقدم مسلسل سناب شاف الذي عرض في رمضان نمطًا من الدراما السعودية، التي اعتدنا أن تنحو غالبًا نحو الكوميديا، في معالجة القضايا الاجتماعية ونقد السلبيات في المجتمع المحلي،

كتبت / هتون العبدالعزيز

المسلسل الذي عرضته القناة السعودية الأولى وانتجته هذا العام في رمضان 2017 م (سناب شاف ) حاول أن يكون له أسلوب مختلف عما سبق أن تم طرحه في التلفزيون السعودي كمثل طاش ماطاش ، هذا حنا ، مستر كاش ……الخ والتي اصبحت دأب كل الأطروحات الدرامية التي غزت الفضائيات العربية مؤخرًا وبشكل قوي وأن كان يرجع ذلك الأسلوب لمسلسلات لها الريادة عربيًا في ذلك فعلى مستوى الخليج كان المسلسلين و هما مسلسل ( فايز التوش) للمثل غانم السليطي ومسلسل ( طاش ماطاش) للنجمين ناصر القصبي وعبدالله السدحان وعربيًا مسلسل ( مرايا) للنجم السوري العظمة  ومسلسل ( سنبل ) للنجم المصري محمد صبحي .لكن مايمكن أن يحسب لسناب شاف هو تنوع القضايا التي طرحها  وبالذات بطرح قضايا عصرية جديدة مثل حلقة سفانه وحلقة ( المسكين ) ليواكب مافي المجتمع العربي وليس السعودي ققط من قضايا وعلى ذلك أراد أن يؤكد قدرة الممثل والمخرج والانتاج السعودي على تقديم ما ينافس تلك الدراما بشكل عام وأن يأخذ موقعه بقوةٍ وتحدٍ إيجابي، وفق رؤية فنية إبداعية.وحيث تابعت ما تم بثه من حلقات من المسلسل مؤخرًا (بعد رمضان) وخرجت بعدة انطباعات أود التركيز عليها:

١/ وجود نوع من التشويق المحبوك بطريقة ذكية فإذا ما حقق العمل الفني المتعة بالإثارة والتشويق فقد سار نحو النجاح، وإذا ما أخفق العمل في عنصر التشويق فكلما فقد العمل متعة المتابعة وذهب نحو الفشل ولنجد هذا التشويق في سناب شاف بارزًا في حلقة (قروب أم فيصل ) حيث تناولت الأمور السلبية في إستخدام مجموعات الدردشة عبر الواتس آب ومن ذلك أيضًا  قضية ( بيت للإيجار ) وأيضا حلقة الكشته …فتناول بتنوع وتشويق  أمور سلبية في المجتمع و طرح من خلالها العديد من الأفكار والمشاكل فمن  تابع العمل قد أدركها ولاحظها ، كما أن تسليط الضوء على حالات فردية من المجتمع كمثل حلقة ( المسكين) ومناقشة التطور في الوسواس من الإصابة بالعين لدى بطل الحلقة الممثل ( سعيد قريش) وركضه نحو الدجالين للعلاج يُحسب للعمل وفريقه…وبنفس المفارقة  تأتي حلقة ( خيرًا رايتي ) لتدور في نفس الفلك الجديد لاحداث من واقع النساء اللاتي يعشن في جو تفسير الأحلام لدرجة الشغف بالبحث عن التفسيرات عند كل من هب ودب ..كذلك حلقة ( سفانه) وكيف يؤدى إهمال الأب المسن لعقاب الآبناء وحرمانهم من الورث بطريقة مبتكرة – في نظري- هي زواجه من خادمته ـ كما نجد في حلقة ( المستودع ) حلقة تامليه يقدم فيها عقاب مدرس لطفل صغير بحبسه في المستودع ومن ثم نسيانه مدة أكثر من يومين كادت أن تؤدي بحياة الطفل للوفاة لتحدد المغزى من قضية عميقة هي إسلوب التربية وطريقة العقاب للأطفال داخل المدرسة وكذلك خارجها .

نتيجة بحث الصور عن سناب شاف

 ٢/ اللوحات الدرامية المؤلمة التي طرحها المسلسل بما يجعل الوعي الاجتماعي مزخم بالجانب القائم على التعاطف مع القصص والأحداث كمثل حلقة ( ظرف خاص ) بجزأيها وكيف أن ظلم الأب وتعنيفه لإبنته أو خيانة الزوج وتعسفه ولا مبالاته بمشاعر زوجته تؤدي بإمراتين للهروب بالنفس والحياة لمستقبل أكبر كارثة وأشد ضيمًا بين براثن الإرهاب وداعش حيث لا كرامة للإنسان ولا اعتبار لحياته فجاءت  هذه الحلقات برتم درامي عنيف ولوحة دامية .

 ٣/ الاتجاه نحو الحوار ذو المنبر المستهلك والذي يعد مكروهًا من قبل المشاهدين حيث تكثر العبارات الخطابية كما جاء في حلقة الكشته من خلال عبارات أنتقاد الخروج للبر في أوقات غير مناسبة وضرورة المحافظه علي البيئة والتقليل من الاحتطاب والاستهتار في التعامل مع الطبيعة ونفس الشئ في حلقة قروب أم فيصل والتعامل مع القروبات من قبل سيدة والتفاخر بذلك وحلقة بيت للإيجار والحد من الطمع والاحتيال وحلقة نفر معلوم أو في حلقة تعرية الإعلام الرياضي ومايجري في كواليس الساحة الكروية  في حلقة أوف سايت ويقابل ذلك وجود حلقات معدودة على الأصابع تعتمد على حدث درامي يفهم من السياق وبكل رمزيه راقية ونجد ذلك في حلقة الفراشة التي ناقشت زواج القاصرات إلى حد ما من مسن متسلط بماله ونفوذه على والديها وخلال ليلة الزواج يضع سيناريو الحلقة تلك الرمزية في عدم التكافؤ في الزواج ونتيجته الحتمية في مشهد للزوج الشايب وهو يقترب من الفتاة العروس التي تطير حولها فراشة دخلت من النافذة فتفرح بها العروس لكن العريس المسن يسحقها بقدمه إشارة إلي أنه منذ ليلة الزواج قام بالقضاء وسحق شخصية وأحلام العروس …..

 ٤/ بعض الحلقات فقدت الرونق الذي في غيرها إلى نوع من الكوميديا الهزلية والتهريج والمبالغة كما في حلقة ( بين جيلين ) أو (هياط الطيبين ) أو حلقه ( شبيه صويحبي ) حيث أبو عوض ذلك الرجل العجوز الذي يغرم بكل من يرى فيها خصلة او تشابه بالشكل مع زوجته المتوفيه أو في حلقة نوره التي تنتقل بعد وفاة جدتها من البادية للعيش مع أخيها في المدينه والتفاوت بين المعيشة في البئتين لم يكن الطرح موفقًا لآن تصوير حياة بدوية أنها خالية من القدرة علي التعامل مع أبسط أمور التطور والتكنولوجيا كالفرن في المطبخ أمر غير حقيقي وغير وارد ففي البيئة السعودية حاليا لايوجد شخصيات بدوية من هذا النوع …

نتيجة بحث الصور عن سناب شاف

 ٥/ ورشة السيناريو والحوار المتعددة من عدة كتاب ومعدين للأفكار أثرت العمل بالتنوع في الطرح لكن يؤخذ على بعض الحلقات عدم وجود حوار مناسب ولهجة تماثل البيئة التي يعيش فيها شخوص العمل أو الحقبة الزمنية وتكرر ذلك في حلقات عدة منها الحوار في حلقة ( هياط الطيبين ) لم تكن اللهجة بدوية بتاتا وبالذات عند العنصر النسائي كانت تجمع بين الألفاظ واللكنة لأهل القصيم وأهل الرياض كذلك حلقة ( الفراشة) لم تكن الحلقة ذات حوار بألفاظ أهل الجنوب كعسير وغيرها ورغم بروز أسم جديد واعد ومميز في عالم الكتابة هو اسم ( نجد محمد) عدة مرات حيث كان الطرح والافكار والسيناريو التي طرحت من قبل هذا الاسم – لا ادري هل نجد هنا هو لمذكر أم مؤنث – كانت جدًا متميزة ومن خلال الحوار كان هنالك قدرة على استنطاق الشخصيات حسب مستواها العلمي والتعليمي والاجتماعي كذلك الأخذ بالاعتبار لجميع الإنفعالات الممكنة اثناء الكتابة والتي من الممكن انجازها عبر الحدث ، وما هي الأنفعالات التي من الصعب انجازها لايجاد مزيدا من التفاعل والتحاور والأفق الواسع لكن الألفاظ والعبارات في الحوار لأي بيئة كانت تحتاج لمراجعة من كتاب أو أشخاص يقطنون نفس المكان الذي يطرح فيه الحدث ،وحيث كان الديكور موفقًا إلى حد ما الإ أن الملابس لم تكن موفقة فالشايقي اللبس النسائي التراثي النجدي لا يلبس في جنوب المملكة ولا يلبسونه البدو !!.

 ٦/ نتيجة بحث الصور عن سعيد قريشأبرز السناب شاف كما تعودنا من المخرج المتألق دومًا عبدالخالق الغانم عدد من المواهب المستجدة على التمثيل وقدم الفرصة لبروز نجوم سابقة عما سبق فكنا في هذا العمل مع التميز الأكبر والنجومية المعتادة  للممثل (سعيد قريش) في كامل ثقلها مع تطورها المستمر فسعيد قريش من الممثلين الذين يملكون أدواتهم الجسدية والصوتية وتقنيات الموهبة لديهم في تقمص أي شخصية بسهوله والتنقل بين الشخصيات بقدرة سحرية في إقناع المشاهد بالحدث بشكل مميز وكان كلا من :- 

  • عبدالعزيز السكرين يملك قدرات عالية في الأداء العفوي مما يجعل منه قائدًا واعيًا للشخصية بما يحقق التميز في الآداء عليه أن لاينجرف أكثربقبول أي أدوار تعرض عليه بل من المهم انتقاء الأدوار والدقة إلى حدٍ ما في الاختيار والتنوع بدلا من أن يقولب في أدوار معينة .
  •  هدى الخطيب ممثلة تمتاز بالنشاط والحيوية والأداء الغير متشنج مما ينبهر المشاهد من كونها تعد في أي مشهد يجمعها صورة ذات صلةبأي ممثلين أخرين أنها سيدة الموقف بالأداء سواء على المستوى الكوميدي أو التراجيدي .
  • مروة محمد تنتهج كل مره في أعمالها نوع من الأداء التعبيري الذي يحقق الوعي بأبعاد الشخصية والقدرة على استيعاب إنفعالات ومواقف الحدث نفسه وهي في الجوانب التراجيدية أكثر إلمامًا من الأدوار الكوميدية رغم أن ملامح وجهها ملامح ذات طبيعة ضاحكة لكن مروة تتفوق في توظيف هذه الملامح لخدمة اللغة والحوار الدرامي التراجيدي لأي شخصية تؤديها .
  • نتيجة بحث الصور عن وجنات الرهبينيوجنات الرهيبي نجحت في إضفاء التقبل لفكرة السيدة المنشغلة بالتباهي بالقروبات أمام جمع من الصديقات في حلقة قروب أم فيصل وكذلك في حلفة بين جيلين لقدرتها على امتلاك زمام تفاصيل الشخصيات وظرافتها في الأداء للحزن الممزوج بالضحك والسخرية يجعل لها تقنيات تمثيلية مميزه عن غيرها .
  • محمد الحجي ممثل يتحرك بموهبته في شكل مناسب لتصرف الشخصية التي يؤديها فيأتي الأداء المقنع الذي يعكس مضمون المشهد بشكل دقيق ومعه لايحتاج الممثل الأخر الذي يقاسمه المشهد التوتر أو الافتعال حيث يقاسمه منظومة الأداء التلقائي .
  • بدر اللحيد ممثل يحتاج فرص أكبر وأدوار استثنائية لاثبات موهبته وقدراته فهو من العلامات الحيوية للدراما السعودية وإينما تضعه تجد منه إجادة للدور على كافة مستويات الدراما التي يشارك بها .
  • نرمين محسن في سناب شاف أعطيت مجال كبير يناسب موهبتها عما قدمته سابقًا في الدراما السورية مثل أبو جانتي او مرايا … فما تم تقديمه لها من فرصةنتيجة بحث الصور عن نرمين محسن  في سناب شاف جاء ليؤكد تفردها دون ممثلات جيلها موهبة وحضوراً وقدرة على التعبير، واستطاعت أن تخطو نحو الشهرة والنجومية بشكل مناسب وأنني اعتبرها ( سعاد حسني )  المستقبل بما تملكه من تميز وحضور قوي وصدق في الأداء والتلقائية في التعبير، وخفة الروح والجاذبية. لكن عليها أن تهتم أكثر بمكياج وملابس وأزياء الشخصيات التي تؤديها .
  • أفنان فؤاد فنانة رائعة ومخرج متميز كعبدالخالق الغانم استطاع أن يجعلها ذات أداء عالي ومتميز وكانت ملامحها معبرة عن كيان الشخصية التي تؤديها بما يناسب الدور والمساحة للشخصية ، وتفاجأت بزيادة وزنها حيث كانت في سناب شاف أسمن عن ذي قبل ورغم أن استدارة وجهها بعد السمنة كانت أفضل الإ أن عليها أن تتحكم في وزنها .
  • عوض عبدالله يؤدي دوره وهو يحاول ان يكون خالق لحالة من (الضحك في الحزن ) و (من الحزن ينتقل الى حالات من الفرح )بالإضافة الى العودة الى حالة (التوازن ) مع امتلاك تقنية عالية في توظيف نبرات الصوت والالقاء والكم من الانفعالات والايماءات وهذه التقنية هي التي جعلته يؤدي في حلقة الكشته مثلا تعبيرا جسديا مصحوبا بإيقاعات تنتج عن مسار خاص به وبأسلوب لنجم مستقبلا لن يكون في الفراغ …
  • أمينة العلي تطوّر في أداء في الحلقات لسناب شاف عما قدمته سابقا في طاش او سكتم بكتم …بتطور مبهرا وقد استطاعت صاحبة الملامح الرقيقة والمعبرة أن تتحول في ردود أفعالها، ليجد المشاهد نفسه أمام فنانة من طراز رفيع قادرة على التلوّن وإبهار المشاهد وخاصة في دورها في حلقتي ( ظرف خاص )
  • الفراشة ( لا يحضرني اسم الممثلة ) / ذات العيون الذكية البراقة ، تبدأ في سناب شاف لتواجه كاميرات العمل في عدة حلقات منه  كبطلة متميزة  بثبات وقدرة فائقة على التعلم والتأقلم كما في دورها في ( المستودع ) والدور البارز في ( الفراشة )  ملامحها تذكرنا بالنجمة المتألقة ريم عبدالله لذا عليها أن تثبت أن لديها موهبة خاصة مختلفة تتفرد بها لتسير في مشوار طويل ومليء بالحواجز والآمال الكبيرة والأحلام التي قد تكون مجمدة فيما لو تمت القولبة  لها في أدوار البنت الجميلة فقط مما يجعلها  تسير مغمضة العينين وإنما عليها المبادرة في خطواتها نحو المسيرة الفنية الجادة والمنوعة والحس السليم والنظرة الثاقبة التي تمهد لها طريقاً سلساً وواقياً يحميها من كل الثغرات.

 أخيرًا فإن الأستاذ عبدالخالق الغانم صاحب منهج ومدرسة في إخراج فن ( التمثيل الدرامي التلفزيوني ) و رغم نجاحاته السابقة في بداياته بالمسرح وشغفه في هذا التخصص الإ أنه صورة ذات صلة في سنوات ومنذ كان يقود طاش ماطاش لم يمنعه تميزه المسرحي من الانفتاح على الدراما التلفزيونية والاستفادة من ميولاته، وأن تجعل منه مساهما في نشأة دراما عربية خليجية ذات  منهج يلامس أبعاد المجتمع الأخلاقية ويناقشها ويعري اتجاهاته السلبية ليدفع بهذه الدراما في اتجاه تحصين الحدث بالقيم والمبادئ .ووسط هذا العطاء الرمضاني من عدة مخرجين على الساحة الفنية ورغم التنافس المحتدم الإ أن ما قدمه عبدالخالق الغانم أكسبه وأكسب من حوله تجربة ميدانية، ومعرفية، ومع مرور السنين، ومع ما نراه من عشقه للحرافة والدقة في العمل وتراكم النجاحات في سيرته المثقلة بالتميز كان لزامًا أن تثرى الساحة الثقافية وتنفتح على  بوابة لمدرسة متفردة تشير لأسم صاحبها المخرج عبدالخالق الغانم . وهو ما يجب أن تأخذه في الاعتبار وزارة الثقافة والإعلام السعودية والجامعات في المملكة قبل فوات الآوان وهيمنة أطراف مستوردة على ساحتنا السعودية الفنية والتسويف الذي يجعل أغلب الأعمال في أدراج الإنتاج التلفزيوني وبين أرفف كتب وتجارب لا تمت لنا بصلة مما يجعل غيرنا يستفيد من تجارب مخرجينا ومنتجينا وممثلينا فيهاجر الإبداع ليسجل إنجازات لغيرنا .

 

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. اذا كان الفن راقي وليس تحاري تنجح الاعمال والمسلسلات السعودية ماتنجح لانه مايدعمونها بشكل مناسب لو هي من اجنبي دعموها

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى