التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

#زبيدة زوجة هارون الرشيد صاحبة اليد البيضاء

#زُبَيدة ساقِية حُجّاج بيت اللهِ هي زوجة الخليفة العباسيّ الأشهر هارون الرّشيد، والسيّدة الثانية في القصر بعد الخيزران والدة الرّشيد، عُرِفت بالورع ورجاحة العقل، وسخائها وعطفها على الفُقراء، وبذل النّفيس في سبيل الله، ولا أدلّ على هذا من عين الماء التي حملت اسمها عين زبيدة. تزوّج الرّشيد زبيدة سنة 165هـ في خلافة المهديّ في بغداد، واستولدها محمّداً الأمين، فأحبّته حُبّاً كبيراً حمَلَها على إعدادِه لخلافة أبيه، وكأيّ امرأة في بلاط الحُكم، رَغبتْ زبيدة في أن تؤول الخلافة إلى ولدها الأمين الهاشميّ العربيّ النَّسب، على حساب أخيه -من أبيه- المأمون، ولا سيّما بعد بوح الرّشيد لها بِنِيَّته العَهد في الحكم من بعده إلى غير ولدها الأمين، فطفِقت تُجادِله وتَلومه.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

زبيدة بنت جعفر، ابن المنصور الخليفة العباسي المشهور، فهي عبّاسية هاشميّة قرشيّة ذات نسب شريف، ولدت سنة 145هـ في الموصل، كان جدّها أبو جعفر المنصور يحبُّها كثيرًا وهو الذي سمّاها “زبيدة”؛ لبياضها ونضارتها.

قصر صاحبة اليد البيضاء

في قصرها الواقع على شاطئ دجلة الغربي، والذي يسمى “قصر زبيدة”، ويلقب “دار القرار” وتحيطه الحدائق والبساتين ولم يكن له شبيه في تلك الحضارة، يشير “جرجي زيدان” الكاتب والمفكر اللبناني في كتابه “العباسة أخت الرشيد”، إلى أن “زبيدة” احتفظت بـ 100 جارية يحفظن القرآن، ولكل واحدة ورد عشر من القرآن، ويقمن على تلاوته طيلة اليوم، حتى كان يسمع في قصرها كدوي النحل من القراءة.

كانت “زبيدة” صاحبة اتجاه جديد في الملابس في العصر العباسي آنذاك، وأول من اصطنع القباب من الفضة والأبنوس والصندل، تفضل الحرير الطبيعي والألوان الزاهية كالأحمر والأصفر والأخضر والأزرق. وتتخذ الخفاف المرصعة بالجواهر، وكانت النساء في بغداد حريصات على نسخ تصاميم ملابسها البراقة.

وعلى الرغم من أن الرائي قد يجد فيما تنفقه بذخا كبيرا وإسرافا، فإنها لقبت على الصعيد الآخر بـ”صاحبة اليد البيضاء”، فكانت تنفق الكثير من الأموال على أعمال الخير وإعانة الفقراء.

ساقية الحجيج

خلال إحدى رحلاتها إلى مكة لقضاء فريضة الحج، وكان عاما جافا بشكل استثنائي، لاحظت “زبيدة” معاناة الحجاج والمقيمين في مكة المكرمة من نقص المياه في الوادي الجاف، وبمجرد عودتها إلى قصرها، قررت أن تأخذ الأمور بيدها، وكان أول عمل لها هو تعميق بئر زمزم، وتخفيف بعض المعاناة على الفور.

صُنع القرار السياسيّ

ساهمت زبيدة في صياغة السّياسة الرشيديّة؛ لا سيّما في ولاية العهد للخلافة، فكانت السيّدة الثانية في البلاط العباسيّ بعد الخيزران أمّ هارون الرّشيد، فقد تمتّعت بنفوذٍ كبيرٍ في الدّولة، وحرصت السيّدة الثانية في الدّولة منذ ولادتها محمّداً الأمين على أن تكون الخلافة لولدها بعد أبيه، ونازعها في تلك الرّغبة زوج الرّشيد الثانية مراجل الفارسيّة الأصل، ولئن رأت ابنَها البِكر خليقاً بالخلافة دون أخيه من أبيه عبد الله المأمون، فإنّ ثمّة سببًا آخرَ حملها على هذه الرّغبة ألا وهو الدّافع القوميّ؛ بحيث يظلّ عرش الخلافة عربيَّ الأصل.

غير أنّ الرشيد كان يرى المأمون أجدر بها من الأمين، فدعا ذلك زبيدة إلى ممارسة الضّغط عليه بالحُجّة الكلاميّة تارةً؛ حيث كانت فصيحةً مُبِينةً، وبالاحتكام إلى فلان تارةً أخرى، فاحتال الرّشيد للأمر بأن استقرّ رأيُه سنة 175هـ/791م على عقد الخلافة لولده محمّد الأمين، ومن بعده لأخيه عبد الله المأمون، ويبدو أنّ الرّشيد في هذا كان مُنقاداً وراء تأثير زوجته زبيدة بصورة خاصّة، وتأثير أخوال ابنه محمّد بصورةٍ عامّة، وبالأخصّ خاله عيسى بن جعفر.

تفيد كتب التراث الإسلامي أن زبيدة توفيت فى سنة 216 هجرية، ويقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان “زبيدة امرأة الرشيد وابنة عمه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى