علوم طبيعيةعلوم وتقنية

“محاصيل كونية” تجربة لصون الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ

“محاصيل كونية” تجربة لصون الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ في تجربة فريدة، أرسلت وكالة الطاقة الذرية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” بذورا إلى الفضاء في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

وتهدف هذه التجربة الرائدة إلى تطوير محاصيل جديدة يمكنها أن تتكيّف مع تغير المناخ وتساعد في تعزيز الأمن الغذائي العالمي. وإذ تشير تقديرات إلى أن عدد سكان العالم سيبلغ ما يقرب من 10 مليارات نسمة بحلول 2050، ثمة حاجة واضحة إلى حلول مبتكرة تتيحها العلوم والتكنولوجيا، وتهدف إلى إنتاج المزيد من الأغذية، فضلًا عن محاصيل أكثر قدرة على الصمود وأساليب زراعية أكثر استدامة.

والبذور التي أرسلت إلى الفضاء هي “Arabidopsis” و”Sorghum” وتعرف بـ”فأر التجارب النباتية”، وانطلقت عبر مرفق الطيران “Wallops” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” في ولاية فرجينيا في 7 نوفمبر/تشرين الثاني لتقضي نحو 5 أشهر في محطة الفضاء الدولية.

ووفقاً لموقع وكالة الطاقة الذرية “IAEA”، نقلت مركبة الشحن الفضائية “SpaceX CRS-27” البذور التي تعرضت للإشعاع الكوني من محطة الفضاء الدولية إلى الأرض في 15 أبريل/نيسان الجاري، تمهيداً للعودة إلى مختبرات المركز المشترك بين المنظمتين في سايبرسدورف – النمسا.

وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، إن “مشروع المحاصيل الكونية هو مشروع واعد وخاص للغاية، ويمكن لهذا الحقل العلمي أن يكون له تأثير حقيقي على حياة الناس في المستقبل القريب، من خلال مساعدة المزارعين على زراعة محاصيل أقوى وإطعام المزيد من الناس”.

وأضاف: “ربما يكون علماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة قد قاموا بالفعل بتحوير البذور عن طريق الإشعاع لمدة 60 عامًا، وإنشاء آلاف المحاصيل الزراعية القوية ليستخدمها العالم، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نجرب فيها مجالًا مثيرًا مثل علم الأحياء الفلكية”.

بدوره، قال المدير العام لـ”فاو”، شو دونيو: “الآن وبعد عودة البذور إلى الأرض، يمكننا أن نرى تأثيرات الإشعاع الكوني والجاذبية الصغرى ودرجات الحرارة القصوى ومقارنتها مع البذور المستحثّة في مختبراتنا المشتركة، ويمكن لهذه التجربة الرائدة أن تساعد في تطوير محاصيل قادرة على التكيف مع تغير المناخ”.

وتتعرض البذور للإشعاع في المختبرات عن طريق آلة تستخدم أشعة جاما أو الأشعة السينية، لتسريع عملية الاختلاف الجيني العفوي، ويعمل العلماء على تحديد السمات الإيجابية في البذور المعرضة للإشعاع وإدخال هذه السمة إلى الأجيال الجديدة، وبهذه الطريقة تتطور النباتات بشكل أسرع مع الصفات المرغوبة.

ومن الممكن أن يؤدي هذا التطور إلى زيادة قدرة البذور على مقاومة الأمراض وتحمل الجفاف، وقد يؤدي النطاق الواسع والأثقل للإشعاع في الفضاء جنبًا إلى جنب مع الظواهر المتطرفة الأخرى مثل الجاذبية الصغرى ودرجة الحرارة إلى تغييرات جينية لا تصادف عادةً مع مصادر الإشعاع على الأرض.

وقال رئيس قسم تربية النبات وعلم الوراثة في المركز المشترك بين المنظمتين، شوبا سيفاسانكار، إن بذور “Arabidopsis” نوع من بذور الرشاد سهل النمو وغير مكلف وينتج العديد من البذور، وسيتم اختباره لتحمل الجفاف والملح والحرارة، كما سيتم اختبار قدرة الذرة الرفيعة على النمو في الأراضي القاحلة.

ومن المأمول أن تكون هذه البذور قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية، من حيث الصفات المرغوبة لمقاومة تغير المناخ، وسيتم زراعة كلتا البذرتين للجيل التالي قبل اختيار السمات، ومن المتوقع أن تكون النتائج الأولية لاختبار بذور “Arabidopsis” متاحة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وفقًا لـ”سيفاسانكار”.


مع أنّ هناك تجارب مماثلة تنفذ منذ عام 1946، تبقى هذه المرة الأولى التي تُجري فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأغذية والزراعة تحليلات جينومية وبيولوجية لبذور تُرسل إلى الفضاء، على امتداد 60 عامًا تقريبًا من الخبرة في مجال حفز الطفرات النباتية.

وتنتمي البذور التي أرسلت إلى الفضاء إلى نوعين من النباتات هما رشاد أذن الفأر، وهو من أنواع الرشاد التي درسها علماء النبات وعلماء الوراثة بشكل مستفيض؛ والذرة الرفيعة التي تعود إلى عائلة الدخن، وهي حبوب مقاومة للجفاف والحرارة تزرع في العديد من البلدان النامية لأجل الأغذية.

وحين تنمو تلك البذور سوف تساعد سلسلة من التحليلات في فهم ما إذا كان الإشعاع الكوني والظروف الفضائية القاسية قادرةً على جعل المحاصيل أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الظروف الزراعية على وجه البسيطة التي لا تنفك تزداد صعوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى