التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

سيف الدين قطز قاهر المغول

المماليك هم رقيق محاربون جاء بهم الخلفاء العباسيون من مناطق في آسيا وجعلوهم حراسًا وقادة للجيوش فقد عُرف عنهم قوتهم وحسن قيادتهم وقدرتهم العسكرية، الكبيرة، ويومًا بعد يوم أصبح نفوذ المماليك يزداد في البلاد العربية حتَّى استلموا مناصب مهمة في الدولة الإسلامية قبل أن يستلموا فيما بعد حكم البلاد العربية بإنشائهم دولة المماليك، التي قسمها المؤرخون إلى: المماليك البحرية والمماليك البرجية، وكان من أبرز حكَّام وسلاطين المماليك وقاداتهم: سيف الدين قطز، الظاهر بيبرس، سيفُ الدين قلاوون وغيرهم.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

سيف الدين قطز هو محمود بن ممدود من خوارزم، ولد في خوارزم شاه في فارس، وعاش عيشة الأمراء فهو ابن ممدود وممدود هو ابن عم السلطان جلال الدين الخوارزمي، ولم يعرِف المؤرخون سنة ميلاده، اختُطف سيف الدين قطز في صغره على يد التتار بعد أن انهارت خوارزم وسيطر عليها المغول، وسيقَ عبدًا إلى دمشق وبيع فيها إلى تاجر دمشقي من أثرياء دمشق، وبعد أن جاء إلى دمشق عبدًا ربَّاه سيده وأحسن تربيته وعلَّمه اللغة العربية وأصول الدين والفقه، كما درس القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وبعد وفاة سيده أصبح مملوكًا لابن سيده الذي لم يحسن معاملته قط، فبيع مرة أخرى لأحد أثرياء دمشق، وفي حياته الجديدة في دمشق دخل سيف الدين الحياة السياسية من أوسع أبوابها، حارب مع نجم الدين أيوب للدفاع عن دمشق في الحروب الصليبية التي كانت على الشام في تلك الفترة، ثمَّ وبطلب منه بيع قطز إلى الملك نجم الدين أيوب الذي أعطاه إلى عز الدين أيبك الأمير المملوكي، ومع عز الدين أيبك تربَّى في مدارس المماليك وتدرَّب على القتال وركوب الخيل فظهرت ملامحه القيادية، فتربَّى على القتال والحروب وكره المغول وكان هدفه الأسمى هو الثأر من المغول التتار الذين قتلوا أهله ودمروا موطنه في خوارزم.

فتوحات سيف الدين قطز

بعد أن استلم سيف الدين حكم مصر ودخل المغول دمشق وواصلوا زحفهم باتجاه مصر، خرج سيف الدين قطز ومن معه من الجنود ومن سانده من جنود الظاهر بيبرس وملك حماة وملك دمشق لملاقاة المغول خارج مصر، وسار بالجيوش مجتمعة حتَّى وصل إلى غزة في فلسطين، وهناك سلك طريق الساحل والتقى بالمغول الذين كانوا بقيادة قائد مغوليٍّ اسمه “كتبغا” في صباح يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان سنة 1260 ميلادية، عن منطقة عين جالوت في فلسطين بين منطقة نابلس وبيسان انتصر المسلمون بقيادة قطز على المغول انتصارًا ساحقًا في معركة عين جالوت وأوقفوا زحفهم المرعب في البلاد العربية، وبعد هذا النصر تتابعت فتوحات سيف الدين قطز في تلك البلاد، فلم يتوقف عند ردهم عن مصر فقط، بل سار بالجيش حتَّى وصل إلى دمشق وقام بفتحها وتحريرها من المغول، كما تابع حتَّى وصل إلى الفرات وحلب وسائر بلاد الشام، فأعاد البلاد من حكم المغول وأرجع هيبة المسلمين، وبعد أن استقرَّ الحال في بلاد الشام رجع إلى مصر في الرابع من أكتوبر سنة 1260 ميلادية.

النهاية الأليمة

ولما بلغ السلطان سيف الدين قطز إلى بلدة “القصير” من أرض الشرقية بمصر بقي بها مع بعض خواصه، على حين رحل بقية الجيش إلى الصالحية، وضربت للسلطان خيمته، وهناك دبرت مؤامرة لقتله نفذها شركاؤه في النصر، وكان الأمير بيبرس قد بدأ يتنكر للسلطان ويضمر له السوء، وأشعل زملاؤه نار الحقد في قلبه، فعزم على قتل السلطان، ووجد منهم عونًا ومؤازرة، فانتهزوا فرصة تعقب السلطان لأرنب يريد صيده، فابتعد عن حرسه ورجاله، فتعقبه المتآمرون حتى لم يبق معه غيرهم، وعندئذ تقدم بيبرس ليطلب من السلطان امرأة من سبى المغول فأجابه إلى ما طلب، ثم تقدم بيبرس ليقبل يد السلطان شاكرًا فضله، وكان ذلك إشارة بينه وبين الأمراء،

ولم يكد السلطان قطز يمد يده حتى قبض عليها بيبرس بشدة ليحول بينه وبين الحركة، في حين هوى عليه بقية الأمراء بسيوفهم حتى أجهزوا عليه، وانتهت بذلك حياة بطل عين جالوت. وذكر المؤرخون أسبابًا متعددة لإقدام الأمير بيبرس وزملائه على هذه الفعلة الشنعاء، فيقولون: إن بيبرس طلب من السلطان قطز أن يوليه نيابة حلب فلم يوافق، فأضمر ذلك في نفسه. ويذهب بعضهم إلى أن وعيد السلطان لهم وتهديدهم بعد أن حقق النصر وثبّت أقدامه في السلطة كان سببًا في إضمارهم السوء له وعزمهم على التخلص منه قبل أن يتخلص هو منهم، وأيًا ما كانت الأسباب فإن السلطان لقي حتفه بيد الغدر والاغتيال، وقُتل وهو يحمل فوق رأسه أكاليل النصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88