التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

” عمرو بن العاص ” داهية العرب

عمرو بن العاص بن وائل السهمي الكناني القرشي ولد في مكة المكرمة في سنة 592 ميلادياً، هو أحد أهم القادة الذين عرفوا في الإسلام، وكان يتميز بذكاء ليس له مثيل بين جميع قادة المسلمين، وقد أسلم في العام الثامن للهجرة بعد أن حارب المسلمين في غزو الأحزاب، وحينها أتى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة مع خالد بن الوليد وهما مسلمين.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية


دهاء عمرو بن العاص


اشتهر عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بالدّهاء، وكان قد لُقب بداهية العرب؛ وذلك لرأيه السديد، وحيله الكثيرة، وكان مُقدّم في قومه؛ لِحسن الرأي والمكر، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يضرب المثل به وبحسن رأيه ومنطقِه.

وذكر محمد بن سلام: “أنّه كان عمر بن الخطاب إذا رأى رجلاً يتلجلج في الكلام يقول: “خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد”، فقد كان فصيحاً يُحسن الكلام والنُّصح، وقد قال قبيصة بن جابر: “صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلاً أبين طرفاً منه، ولا أكرم جليساً منه، ولا أشبه سريرةً بعلانيةً منه”.

وقد كان لحكمته وذكائه دورٌ مُهمًا في حقن دماء المسلمين في معركة صفين، فعندما كثرت أعداد القتلى وهلك النّاس وازداد القتل، حينها بدأ كل طرفٍ يستغيث الآخر لإيقاف القتال. واقترح عليهم عمرو بن العاص فكرة التحكيم، وأرشدهم بالرجوع للمصحف ليحتكموا إليه، فأوقفوا سفك الدماء، واقتنع الطرفان بهذه الفكرة، وتمّ إيقاف الحرب.

تلقيب عمرو بن العاص بأرطبون العرب


لقب بأرطبون العرب بعد قصة دهاء لا مثيل لها، أثناء حصار بيت المقدس حتى يتم فتحها.

– سارعمرو بن العاص بجيشه في واقعة أجنادين وكانوا في اتجاه بيت المقدس، وعندما وصل إلى منطقة الرملة وجد مجموعة من الروم وكان قائدهم اسمه الأرطبون وهو من أدهى دهاة الروم، فبعث عمرو بن العاص إلى الفاروق عمر مكتوباً يخبره فيه عن أرطبون الروم.

– وصل المكتوب إلى الفاروق عمر فرد قائلاً: “قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب فانظروا عما تنفرج”.

 

– بعث عمرو بن العاص رضي الله عنه لأهل إيليا علقمة بن حكيم وغيره من الرجال حتى يقاتلوهم، وبعث إلى الرملة أبا أيوب المالكي، وكلما بعث الفاروق عمر له مدد من الرجال يرسل بعضهم إلى إيليا، والبعض الآخر إلى الرملة.

 

– ذهب عمرو بن العاص إلى أرطبون الروم بصفته رسول من عمرو وأبلغه الرسالة كأنها من رسول إلى الأرطبون، ولكنه تنبه وشك أن من أمامه هو عمرو بن العاص أو أحد مستشاريه فعزم على قتله.

 

– أمر أرطبون الروم من أحد الحراس أن يتعقب الرسول عند خروجه ويقتله على الفور، فانتبه حينها عمرو فقال للأرطبون: أيها الأمير أني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي لنشهد أموره، وقد أجبت أن أتيك بهم ليسمعوا كلامك ويروا ما رأيت” وبذلك فإن عمرو قد أوهم الأرطبون أنه واحد من عشرة مستشارين بارزين لعمر بن الخطاب، وأنه من الممكن أن يأتي بهم جميعاً.

 

– فكر الأرطبون أنها فرصةٌ كبيرة حتى يطيح بهم جميعاً، فقال له: نعم ائتني بهم، وأمر واحد من الحراس بأن يوقف الحارس الآخر الذي سيتعقب عمرو بن العاص ويقتله، اعتقاداً منه بأن الرسول سيرجع إليه ومعه باقي المستشارين فيقتلهم جميعاً، وبهذه الخدعة قد نجا عمرو منهم وذهب إلى جيشه.

– علم الأرطبون أن الرسول كان عمرو بن العاص وأَنه نجا منه بعد أن كان بين يديه فقال: خدعني هذا الرجل والله هو أدهى العرب.

موقف عمرو من طاعون عمواس

 

– استفحل طاعون عمواس بالمسلمين وقتل منهم الكثير، وقد احتار الأطباء والقادة في طريقة للتخلص من هذا الوباء.

– جاء الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة إلى الشام حتى يرى الأمر بنفسه، ووقتها لم يستطع أحد الوصول إلى حل للتخلص من الوباء.

 

– انتهى أمر الطاعون على يده، فبعد وفاة معاذ رضي الله عنه، وخلف عمرو بن العاص مكانه فقام بإلقاء خطبة على الناس وقال: أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال، وأشار عليهم بأن يفروا من الطاعون إلى رؤوس الجبال، لأنه كالنار إذا لم تجد ما تحرقه في طريقها فحينها ستخمد، وكانت تلك نعم النصيحة لهم؛ حيث قم الناس بعدها الناس بالتفرق في المناطق حتى زال الوباء عن المسلمين.

وفاة عمرو بن العاص

 


وحين حضرت الوفاة عمرو بن العاص أجهش بالبكاء، فسأله ابنه عن سبب بكائه، فأخبره أنّه يبكي خوفاً مما بعد الموت، فبدأ ابنه يُذكّره بصحبته لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والفتوحات التي خاضها.

وتوفيّ عمرو بن العاص في ليلة عيد الفطر سنة ثلاثٌ وأربعون للهجرة، وقيل إنّه توفيّ سنة واحدٌ وخمسون هجريّة، وقد توفيّ في مصر وصلّى عليه ابنه عبد الله قبل صلاتهم لعيد الفطر، وكان عمرو بن العاص هو من استخلف ابنه على أداء الصلاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى