التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

قطز قاهر امبراطورية التتار

تعرضت دولة الإسلام لأوقات عصيبة في القرن السابع الهجري حيث دمرت جيوش التتار بقيادة “جنكيز خان” حواضر الإسلام الكبرى في المشرق الإسلامي وسفكت دماء المسلمين وهدموا المساجد ومزقوا المصاحف وذبحوا الشيوخ وقتلوا الأطفال وعبثوا بالأعراض؛ حيث سقطت الدولة الخورازمية بيد التتار ثم تبعها سقوط بغداد بعد حصار دام أياماً فاستبيحت المدينة وقُتل الخليفة المستعصم بالله فسقطت معه الخلافة العباسية، ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين وخضعت لهولاكو.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

عين جالوت من أهم المعارك التي قام بها الجيش الإسلامي والتي اشترك فيها الكثير من الجنود التابعين لعدد من الملوك.

وذلك لوقف خطر المغول عن باقي البلاد العربية والإسلامية، حيث أن تلك المعركة كانت بداية الانفراجة واستعادة الكثير من بلاد الشام إلى الحكم الإسلامي مرة أخرى والقضاء على ظلم المغول.

ولكن لم يستمر قائد معركة عين جالوت في تنفيذ الكثير من الفتوحات وذلك لأنه تم قتله على يد أحد القادة المسلمين أثناء عودته إلى مصر بعد انتهاءه من تلك الفتوحات.

وقعت معركة عين جالوت في عام 658هـ، الموافق 1260م، حيث تمثَّل طرفاها بقُوّات الجيش الإسلاميّ بقيادة رُكن الدين بيبرس، وجيش التتار بقيادة كتبغا؛ إذ التقى الجيشان في منطقة عين جالوت، في صباح يوم الجمعة المُوافق 25 من رمضان من عام 1260م، وانتهت هذه المعركة بانتصار المُسلمين المماليك، وموت عدد كبير من الجنود التتار، وعلى رأسهم القائد كتبغا، وتمَّ أَسْر ابنه؛ نتيجةً لهزيمة التتار هزيمة ساحقة أفقدَتهم مكانتهم في المنطقة، فكان نصراً عظيماً للإسلام، والمُسلمين؛ لما لمعركة عين جالوت من دور مهمّ في حماية العالَم الإسلاميّ في الغرب من مكائد التتار، وشرورهم، بالإضافة إلى ما كان لها من أثر بارز في ازدهار الحضارة الإسلاميّة في مصر بعد أن انتقلت الخلافة الإسلاميّة إليها.

أهم فتوحات سيف الدين قطز 

في الوقت الذي تولى فيه سيف الدين قطز حكم مصر وتم دخول المغول إلى منطقة دمشق وواصلوا سيرهم نحو مصر.

وهو ما تسبب في خروج كلا من الجنود التابعين للظاهر بيبرس وكذلك جنود ملك دمشق من أجل مواجهة المغول وذلك بخارج حدود مصر، وتم سير الجيوش بشكل مجتمع حتى تم الوصول إلى مدينة غزة المتواجدة داخل فلسطين.

ومن هناك تم سلك طريق آخر وهو طريق الساحل وتم حدوث الاشتباك بين الجيشين في منطقة عين جالوت وذلك في يوم الخامس والعشرين من شهر رمضان وذلك من عام ١٢٦٠ ميلاديًا، وتم تحقيق نصر عظيم على يد سيف الدين قطز.

توالت فتوحات سيف الدين قطز داخل تلك البلاد، حيث أن الأمر لم يتوقف عند ذلك فقط بل قاد الجيش الإسلامي حتى وصلوا إلى منطقة دمشق وفتحوها وتمكنوا من تحريرها من حكم المغول الظالم.

وانطلقوا إلى الفرات ثم توجهوا إلى حلب وظلوا يقومون بالعديد من الفتوحات حتى تمكنوا من فتح جميع بلاد الشام حيث استطاعوا من التخلص من المغول بشكل كامل وتمكنوا من إعادة الهيبة والقوه للمسلمين.

بعد أن تأكد سيف الدين قطز من استقرار الأحوال الأمنية في بلاد الشام توجه إلى مصر مرة أخرى في يوم ٤ من شهر أكتوبر في عام ١٢٦٠ من الميلاد.

نتائج معركة عين جالوت

ترتّبَت على انتصار المُسلمين في معركة عين جالوت مجموعة من النتائج التي كان لها الأثر البارز في حاضر المنطقة، ومستقبلها، وأهمّ هذه النتائج:

إحكام الدولة الإسلاميّة سيادتها على ديار الشام، ومَحْو الاعتقاد السائد في نفوس بعض المسلمين بأنّ المغول قوّة لا يُمكن هزيمتها، حيث وصل بهم الحال إلى اليأس من النصر على التتار؛ بسبب ما حقَّقوه من فتوحات، وانتصارات في بلاد المسلمين.

النفوذ الكامل للمماليك على بلاد الشام؛ فقد سيطروا على المنطقة المُمتَدَّة من حلب في الشمال، إلى بلاد النوبة في الجنوب، ومن نهر الفرات في الشرق، إلى بُرقة في الغرب. تحوُّل مناطق الشام إلى ولايات، أو نيابات كُبرى خاضعة لحُكم المماليك.

انهيار الدولة الأيّوبية، وخضوع الحُكّام الأيّوبيين للسيادة المملوكيّة، ومنهم: الملك الأشرف موسى الذي استجابَ لقرارات المماليك بولاية حمص، والملك المنصور الذي تولَّى حُكم حماة، وخَلَفه أبناؤه من بَعده. نَيل المماليك مكانة مهمّة، وعظيمة في نفوس الملوك، والرعيّة، ودورهم البارز في حماية العالَم الإسلاميّ، واعتبارهم سلاطين شرعيّين للدولة الإسلاميّة، حيث امتدَّت شرعيَّتهم إلى الحجاز، وبلاد النوبة، وبادية الشام، وبلاد السودان الجنوبيّ، وبلاد بُرقة، والأجزاء الغربيّة من الدولة الحفصيّة. وَضْع حَدٍّ لزَحْف المغول إلى الغرب باتّجاه شمال أفريقيا، والمغرب العربيّ، وأوروبّا.

تحسين العلاقات القائمة بين المماليك، والمغول من القفجاق المُسلمين في المناطق الواقعة إلى الشمال من بحر قزوين، والاتِّفاق في ما بينهم على تحالُف مُشترَك ضِدّ أسرة هولاكو المُسيطِرة على إيران، والعراق. فَشَل الخُطّة الصليبيّة في الشرق الأدنى بشأن التحالُف المُشترَك مع المغول؛ لمُحارَبة المسلمين، حيث فَشِلت هذه الخُطّة؛ بسبب هزيمة المغول في معركة عين جالوت، وهو ما مهَّد الطريق فيما بَعد لهزيمة الإمارات الصليبيّة في بلاد الشام.

زيادة توتُّر العلاقات بين المماليك، والمغول الإيلخانيّين في بلاد فارس (إيران)، والعراق.

محاولات المغول بشكل مُستمِرّ في استرداد بلاد الشام التي كانت واقعة تحت سيطرتهم، حيث خاضت العديد من المعارك، مثل:

معركة حمص الأولى، ومعركة حمص الثانية، ومعركة شقحب، ومعركة دمشق، وغيرها من المعارك، والحروب. إجبار سلاجقة الروم في الأناضول على التحالُف مع المغول؛ لمُحارَبة المماليك، ممّا دَفَع المماليك إلى مُحارَبتهم، والقضاء على قُوّاتهم، والسيطرة على عاصمتهم آنذاك (قيسارية)، وكان ذلك في عام 675 للهجرة. استعادة الوضع الطبيعيّ للإسلام، من حيث مكانته كقُوّة كبيرة، ومُؤثِّرة، ويقول دي ميسبيل (الأُسقُف الغربيّ) في هذا الصدد: “وهكذا نرى الإسلام الذي أشرفت قُوّته على الزوال يستردُّ مكانته، ويستعيد قُوّته، ويصبح أشدَّ خطراً من ذي قَبل”.

ارتفاع الروح المعنويّة للمسلمين، حيث قال ابن كثير عن ذلك: “فما إن جاءت البشارة بالنصر صبيحة يوم الأحد السابع والعشرين من رمضان، حتى أتبعَهم المسلمون من دمشق يقتلون، ويأسرون، ويغنمون، ويستفِكّون الأسارى من أيدي المغول قهراً”.

انتقام المسلمين من الصليبيّين أشدَّ انتقام بعد أن بطشوا، ونكَّلوا بالمسلمين، واستغلُّوا احتلال المغول للشام، وآذَوا المُقدَّسات الإسلاميّة، وانتهكوا الحُرُمات، وبذلك كان انتصار المسلمين في معركة عين جالوت جزاءً وِفاقاً لما فَعَله الصليبيّون.

مقتل سيف الدين قطز

بعد أن تمكن سيف الدين قطز من فتح الكثير من البلاد الإسلامية واستعادتها إلى حكم المسلمين مرة أخرى وأبعد المغول بشكل كامل عن البلاد الإسلامية.

قرر أن يعود إلى مصر مرة أخرى وذلك بعد مرور ما يقرب من شهر من حدوث معركة عين جالوت.وأثناء سيره في طريق العودة وحتى وصل إلى الصالحية بداخل مصر تم قتله من قبل أعوانه ومن يقوم هو بقيادتهم.

حيث أن جميع الروايات توضح أن سيف الدين قطز لقى مصرعه من الظاهر بيبرس.

حيث أنه قام بضربه بالسيف ضربة قوية تسببت في مقتله في الحال.

هناك عدد من المؤرخون الذين يرجحون أن الظاهر بيبرس قام بقتل سيف الدين قطز.

بسبب أنه طلب من قطز أن يقوم بإمارة حلب وقام قطز بوعده بهذا الأمر.

ولكنه لم يفي بوعده، وهو ما دفع الظاهر بيبرس لذلك فانتظر الفرصة المناسبة حتى قام بقتل سيف الدين قطز.

وهناك بعض الأقاويل كذلك التي تقول إن بيبرس كان يرى أنه أحق بأن يتولى السلطة من سيف الدين قطز.

لذا هو ما دفعه إلى قتله حتى يتمكن من الحكم.

وذلك لأنه استطاع أن يقوم بدور كبير وهام في الهزيمة الساحقة التي لحقت بالحملة الصليبية

ومهما كانت الأسباب ومهما تعددت فإن مقتل سيف الدين قطز تم بعد مرور خمسين يوم من معركة عين جالوت الشهيرة والمعروفة والتي كانت بداية التخلص من المغول وظلمهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى