“الدوسرية” تحكي تاريخ ستة عقود مضت بمنطقة جازان
تزخر منطقة جازان بموروث تاريخي قديم، تنوعت فيها مفردات التراث والتاريخ منذ عهود مضت وحافظت على هذه المفردات، متمسكة بعراقة الماضي التليد كأحد ملامح الاهتمام بالحاضر المشرق، بهذه المنظومة الشاملة من التاريخ والتراث ما زالت شواهد ذلك التراث والتاريخ والقلاع والحصون قائمة تشهد على عظمة تلك الأجيال. وتعد قلعة «الدوسرية» أحد أهم المعالم التاريخية والأثرية في منطقة جازان، إذ تتميز بطابعها التراثي والتاريخي، بوصفها متحفاً سياحياً في أعلى قمة بمدينة جيزان يمكن زيارتها والتمتع بموقعها الإستراتيجي بالمنطقة.
يعود تاريخ بناءها إلى الدولة العثمانية حيث كانت مقر للحاكم التركي في جازان، وتقع القلعة وسط مدينة جازان فوق جبل يطل على البحر في أعلى قمة جبل جازان، وعلى ارتفاع يقدر بنحو 150 متر فوق سطح البحر، تأخذ القلعة شكل المربع ومساحتها الإجمالية تقدر بنحو 900 م2، وهي مدعمة بأربعة أبراج ضخمة، وتقع على أعلى قمم المدينة، وتتكون من طابقين، وأربعة أبراج أسطوانية تُضفي نتوءاً على شكلها الخارجي ، وتتخلل جدرانها فتحات لمراقبة المنطقة وحمايتها .
في 1932م، أمر مؤسس البلاد بإعادة بناء القلعة وترميمها، ويذكر بعض المعمّرين أنَّ أُجرة البناء كانت تتراوح ما بين خمسة إلى عشرة قروش، انتهت عملية إعادة البناء في العام 1932م، واستقرت فيها أول حامية عسكرية سعودية تكونت من عدة ضباط وجنود، بقيادة إبراهيم الطاسان ومنصور الشعيبي، كما اُسْتُقبل فيها الأمير فيصل بن عبد العزيز آنذاك كأول استقبال رسمي تحتضنه، حينما كان على رأس حملة عسكرية إلى اليمن بعد الخلافات السياسية بين البلدين، ومع كونها مركزاً للحامية العسكرية، فقد كانت أيضاً مخفراً لبعض فلول الإمارة الإدريسية الثائرة.
وبعدما استغنت الحكومة السعودية عن القلعة كمركز عسكري وسياسي، إثر النهضة العمرانية الواسعة التي شملت جميع أرجاء البلاد، أصبحت قلعة “الدوسرية” مزارا تاريخيا تشرف هيئة السياحة والتراث الوطني على ترميمه والاعتناء به.