قصر العان الأثري .. فن العمارة التراثية القديمة بنجران
يمثل التراث العمراني في المملكة، حاضنة تاريخية مهمة أولت له الدولة كل اهتمامها، وخلقت له إطارا تنظيما واضحا ممتدا من خلال رؤية 2030، فهو انعكاس للمجتمع وقيمه ومبادئه، وهو المحقق للتنمية السياحية المستدامة، حيث يتحول ذلك التراث الآن بعد أن أتت به الحاجة في الزمن الماضي للسكن والمأوى إلى منابر ثقافية حضارية تعزز الهوية والانتماء وجودة الحياة في المملكة، ومنها “قصر العان الأثري” في نجران.
يعد قصر العان الأثري «سعدان» الذي يقف شامخًا على قمة جبل العان، من أقدم وأشهر القصور الطينية التراثية، والذي تم بناؤه عام 1100هـ، من الطين بنظام العروق، وسمي بهذا الاسم نسبة للقرية التي يقع فيها، ويتكون القصر من 4 أدوار على طراز بناء مميز يعكس هوية وطابع المجتمع النجراني، بسور ارتفاعه 7 أمتار تقريباً، ويضم القصر أبراجًا للمراقبة وبوابة رئيسية وعدد من الغرف، ويطل على وادي نجران الشهير من الجهة الشمالية، ويقابله جنوبًا قلعة رعوم التاريخية وجبل أبو همدان، وعدد من القرى ومزارع النخيل التي شكلت بجانب العمران الحديث لوحة فنية بالغة الجمال والخصوصية لقصر العان الأثري.
و قصر العان التاريخي يتميز بروعة البناء القديم، ورونق الأصالة، وفن العمارة التراثية التي تحاكي الطراز العمراني الذي تشتهر به منطقة نجران، ويحظى بالاهتمام والعناية، كونه أحد أبرز الوجهات السياحية في المنطقة، حيث مر القصر بعدة أعمال ترميم منذ تأسيسه من قبل مُلاكه كبادرة وطنية ذاتية نابعة من وعيهم بأهمية الإرث التاريخي الوطني وأهمية المحافظة عليه بوصفه هوية وتاريخ.
تم تصميم القصر بشكل هندسي متميز اعتمد فيه المصممون على الطين وعروق الأخشاب وهما المادة الأساسية للبناء في ذلك العصر، حيث يتميز القصر بروعة التصميم المعماري وينقسم القصر إلى أربعة أدوار متتالية، ويحيطه من الخارج سور عالي يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار، تم تصميميه بذلك الارتفاع من أجل الحماية من اللصوص والمراقبة من الخارج، كذلك تم تزويد القصر ببوابة عظيمة ومجموعة من أبراج المراقبة ومسجد وغرفة بجوار المسجد تم تخصيصها للمؤذن.
أما من الداخل فتم تقسيم القصر إلى 60 غرفة موزعة في جميع أنحاء القصر، تم تخصيص كل مجموعة منها إلى غرض أساسي، فهناك تم تخصيص 17 غرفة خاصة بسكن الأمير وعائلته، تتنوع بين غرف للنوم ومستودعات ومخازن للأطعمة، وغرف للضيافة وكذلك غرفة مخصصة لإعداد القهوة وغرف للطبخ، كذلك تم تخصيص 4 غرف للاتصال واللاسلكي، وكذلك 6 غرف للأسلحة، وغرفة للمحكمة، وأخرى للمكاتبات الرسمية للإمارة، وغرف للاستقبال والضيافة والمناسبات الرسمية، ومستودعات ومخازن خاصة بالمواشي والأنعام، ومبنى خاص للأخوات مكون من 12 غرفة.