11المميز لديناالتاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

محمد الفاتح وفتح القسطنطينية

تعدّ القسطنطينيّة أحد المدن التركيّة حالياً، وكانت أحد العواصم للإمبراطوريّة الرومانيّة منذ عام 335 وحتى 395، ثمّ اتّخذتها الإمبراطوريّة عاصمةً لها منذ عام 395 وحتى عام 1453، وامتلكت على مرّ العصور أسماء كثير كإسلامبول، والأستانة، وحالياً إسطنبول، ويعود تاريخ المدينة إلى عام 658 قبل الميلاد عندما كانت تُقطن من قبل مجموعة من الصيادين، وفي العهد الرومانيّ والبيزنطيّ كانت مقر بطريركية الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية كنيسة آيا صوفيا التي ما زالت موجودةً إلى يومنا هذا، وفي عصر النهضة أو العصر الذهبيّ كانت تُحكم المدينة على يد أسرة مقدونيّة، وسميت بالنهضة؛ بسبب وجود نهضة علميّة، وثقافيّة رائدة في العالم المسيحيّ، بالإضافة إلى نموّ في مجال التعليم والتعلم، وتطوّر الفن البيزنطيّ، وعمل الفسيفساء التي زيّنت الكنائس.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية


يرتبط اسم فتح القسطنطينيّة بسقوط العاصمة الإمبراطوريّة البيزنطيّة والمعروفة باسم الرومانيّة في قبضة يد المسلمين العثمانيّين بعد حصار استمرّ لمدّة اسابيع معدودة بقيادة السلطان محمد الثاني بن مراد العثماني الذي كان يبلغ من العمر الواحدة بعد العشرين سنةً، وكان البيزنطيين متحالفين مع البنادقة، والجنوبيين، ويعتبر الإمبراطور قسطنطين الحادي عشر قيصر الروم، ويعتبر يوم الجمعة 28 من ربيع الأول لعام 857 هجريّة هو اليوم الأول للحصار والذي استمر ليوم الثلاثاء 21 من جمادى الأولى لنفس السنة، وفي هذا اليوم انهارت قوى الروم، ويُعتبر الفتح الإسلاميّ على يد العثامنين كان آخر المحاولات، والتي بدأت على يد معاوية بن أبي سفيان أثناء الخلافة الأمويّة، ثم جاءت المحاولات خلال حكم الدولة العباسيّة.

عندما تأهب الفريقان البيزنطيون و العثمانيون للقاء مرتقب في القسطنطينية شرع البيزنطيون في تحصين المدينة وإصلاح أسوارها المتهدمة وإعداد وسائل الدفاع الممكنة، وتجميع المؤن والغلال و قرر الإمبراطور قسطنطين وضع سلسلة لإغلاق القرن الذهبي أمام السفن العثمانية القادمة، تبدأ من طرف المدينة الشمالي وتنتهي عند حي غلطة “جلاطة” ..

وبدوره قام السلطان (محمد الفاتح) بتوزيع جيشه البريّ أمام الأسوار الخارجية لمدينة القسطنطينية ، مشكِّلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار البري حول مختلف الجهات، كما أقام الفاتح جيوشًا احتياطية خلف الجيوش الرئيسية، كما وضع فرقًا للمراقبة في مختلف المواقع المرتفعة والقريبة من المدينة، وقد انتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بالمدينة، إلا أنها في البداية عجزت عن الوصول إلى القرن الذهبي؛ حيث كانت السلسلة العملاقة تمنع أي سفينة من دخوله، بل وتحطم كل سفينة تحاول الاقتراب.

وكان هذا القرن الذهبي وسلسلته هو التحدي أمام العثمانيين ،لكن الله ألهم السلطان الفاتح إلى طريقة يستطيع بها إدخال سفنه إلى القرن الذهبي دون الدخول في قتال مع البحرية البيزنطية متجاوزًا السلسلة التي تغلق ذلك القرن، وهذه الطريقة تتمثل في جرِّ السفن العثمانية على اليابسة حتى تتجاوز السلسلة التي تغلق المضيق والدفاعات الأخرى، ثم إنزالها مرة أخرى إلى البحر. وقد درس الفاتح وخبراؤه العسكريون هذا الأمر، وعرفوا ما يحتاجونه من أدوات لتنفيذه، والطريق البرية التي ستسلكها السفن، والتي قدرت بثلاثة أميال. وبعد دراسة دقيقة ومتأنية للخطة اطمأنَّ الفاتح للفكرة، ولقي التشجيع من المختصين لتنفيذها، وبدأ العمل بصمتٍ على تسوية الطريق وتجهيزها، دون أن يعلم البيزنطيون الهدف من ذلك، كما جمعت كميات كبيرة من الأخشاب والزيوت.

وبعد إكمال المعدات اللازمة أمر الفاتح في مساء يوم (21 إبريل) بإشغال البيزنطيين في القرن الذهبي بمحاولات العبور من خلال السلسلة، فتجمعت القوات البيزنطية منشغلة بذلك عما يجري في الجهة الأخرى؛ حيث تابع السلطان مدَّ الأخشاب على الطريق الذي كان قد سوِّي، ثم دهنت تلك الأخشاب بالزيوت، وجرت السفن من البسفور إلى البرّ؛ حيث سحبت على تلك الأخشاب المدهونة بالزيت مسافة ثلاثة أميال، حتى وصلت إلى نقطة آمنة فأنزلت في القرن الذهبي، وتمكن العثمانيون في تلك الليلة من سحب أكثر من سبعين سفينة وإنزالها في القرن الذهبي على حين غفلة من العدو، بطريقٍ لم يُسبَق إليها السلطان الفاتح في التاريخ كله قبل ذلك.

وقد كان القائد (محمد الفاتح) يشرف بنفسه على العملية التي جرت في الليل بعيدًا عن أنظار العدو ومراقبته. وفي صباح (22 إبريل) استيقظ أهل المدينة على صيحات العثمانيين وأصواتهم يرفعون التكبير والأناشيد التركية في القرن الذهبي، وفوجئوا بالسفن العثمانية وهي تسيطر على ذلك المعبر المائي، ولم يعد هناك حاجز مائي بين المدافعين عن القسطنطينية وبين الجنود العثمانيين وبدأ الحصار الفعلي للقسطنطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى