إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

للإسلام رأي في الطاعة وفي الخنوع والتذلل.

جاء الإسلام ليحرر اتباعه من كل أنواع  الخنوع الذي يصل به إلى الطاعة العمياء المقيتة. هذه الطاعة العمياء التي دخلت إلى الإسلام ليس لأنه هكذا، وإنما بسبب الفهم السقيم الذي دخل في التراث الديني.
ففي الأثر وردت قصة تقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل مجموعة من الصحابة وأمّر عليهم أحدهم وطلب منهم طاعته،  فعندما خرجوا في تلك الرحلة، انزعج منهم أميرهم، فأمرهم بأن يشعلوا ناراً كبيرة، فأطاعوه امتثالاً لما لأمر الرسول وأشعلوها. ثم أمرهم أن يدخلوا فيها فترددوا فقال لهم: لقد أمركم الرسول أن تطيعوا أمري، وأنا آمركم بالدخول في النار. فترددوا وفكروا، ثم قالوا: والله ما أسلمنا إلا هرباً من النار
فامتنعوا عن الدخول فيها، وعندما علم الرسول بالقصة أيّد عصيانهم لأمر هذا الأمير، وذكر بأنهم لو دخلوا في تلك النار، لن يخرجوا منها أبداً .. الطاعة إذاً لها قيود ..
فصحيح أنه قد أمرهم بطاعته، لكن هذا الأمر لا يعني أن يعطلوا عقولهم ويتحولوا إلى عبيد سذّج، يتحركون كما يريده من أمرهم بذلك، حتى وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو من أمرهم بطاعة هذا الأمير. هذا الفهم السقيم دفع الكثير من غير المسلمين إلى استغلال سذاجة المسلمين بسبب هذه الطاعة العمياء البلهاء،  فصاروا يدسون أحاديث أو قصصاً مكذوبة، أو يسوقون للإعجاز العلمي المكذوب الذي كتب عليه “اعجاز من القرآن والسنة”، ويدسون علاجات وأدوية ساذجة مكتوب عليها “الطب النبوي” ثم يسوقونها ويبيعونها للمسلمين، إما بهدف الربح أو بهدف استخفاف عقولهم والضحك عليهم.

ولو نظرنا في الحياة لوجدنا أن أحد أهم أسباب انتشار الشرك والكفر والضلال والظلم والبغي والإجرام هو تقديس الأشخاص ثم طاعتهم الطاعة العمياء, لذا ركز الإسلام على مبدأ الطاعة الواعية المنضبطة بالمنهج الرباني طاعة بالمعروف وليس طاعة عمياء. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59]
ومؤسف أن  نسبة من المسلمين، قد عطلوا جهاز التفكير والفهم، فإنهم يتحولون إلى روبوتات متحركة، تسمع تلك الخزعبلات وتصدقها دون أي تفكير أو تشكيك فيها.لكن لابد أن نعرف أن هنالك فرق بين الطاعة العمياء والخنوع لمن حولنا دون مبرر فقد نجد ذلك الابن أو الأبنة الذين يقدمون طاعة والديهم على مستقبلهم فيخططون لهم حياتهم مما يجعلهم يفشلون مستقبلا …او ذاك الزوج الذي يطيع والدته بأي حوار وحديث يخص هدم بيته مع زوجته والعكس بالنسبة للزوجة صحيح ..والكثير من المواقف والمشاهد في الحياة التي تجهل هنالك خنوع وانقياد أعمى وليس طاعة .

فالذي يطيع طاعة عمياء يزري بنفسه وعقله ويلحق شخصه بالبهائم بل كثير من البهائم لا تطيع بما فيه ضرر عليها, وإن تحرير العقل من رق تقديس الأشخاص إنما يكون بالرق لله وحده والارتباط بمنهجه وبالتفكر وإمعان النظر وتدبر التنزيل وعدم قبول الدعاوى إلا ببينة.

زينب المقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88