إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

حين يبتلى الإنسان بالمراء أو الجدل النفسي والخارجي

هنالك كثير من الناس اصابهم  وابتلاهم الله بل قد ابتلوا  بالفعل به وهي خصلة المراء والجدل والتي تعني مخالفة الأخرين ومخاصمتهم ونعارضهم لمجرد عدم القناعة بما لديهم وعدم تقبل الطرف أو الرأي الأخر حتى لو كان على حق لمجرد المخالفة ومن ذلك  قوله سبحانه في التنزيل: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ} (البقرة 147).

.وكثير ما نجد المواقف عند الأخرين من محبي المراء والجدل سواء في المجالس أو عبر الكتب أو مواقف التواصل الاجتماعي وهو ما نجده من التهجم على الناس دون مبرر وحتى دون قناعة وإنما لمجرد المعارضة التي هي من أنواع المراء ويليها الجدل ..وهذه التصرفات توجد نحو من الأخذ بالعزة وبالإثم والتعبير عنها في شكل مراء وجدل فلا يقبل أصحابها النصح بل أن لديهم تجبر وتعنت وفسوة في القلب ….وعليه فأن أصحاب هذه التصرفات ما يلبث الإد أن تنكشف أمورهم وتفشل خطوات المراء لديهم والجدل بالتالي تصبح خطواتهم ونفوسهم متذبذبة يعيشون دون ثقة أو حب للخير بل هدفهم أن يكون من حولهم مثلهم لا وجود ابدًا ولا حظوة بثقة واحترام الآخرين .

 وهذا المراء لا يقف عند حد الجبروت والتكبر بل يصل إلى مرحلة المغالطة والغرور بالرأي والتشبث به و  الميل إلى الغلبة وعدم قبول الهزيمة ولعل هذا هو السر في دعوة الإسلام إلى الإنصاف من النفس، وكسر شوكة النفس الأمارة بالسوء.وفي الأغلب أن من يتصف بذلك يكون طفلا قد عاش في بيئة ذات مراء وجدل فأثرت عليه من حيث وجود الجدل بين الأم والأب أو بين الوالدين وأحد الأخوة فيتأثر المرء  بمحيطه وحينئذ يقع فريسة لها، وتصير من أخلاقه وبتعود على  التشويش على الحق والصواب واعتبار كل شيء من تصرفاته هو الحق والصحيح ولو كان من المخالفات الشرعية وهذا على نحو ما يصنعه الملحدون والعلمانيون والمشركون في مواجهتهم للإسلام في العصر الحاضر من استخدام المراء أو الجدل سبيلا لقلب الحقائق.

كما أن ما يجب الانتباه له أن من كان معجبا بنفسه، بل مغرورا متكبرا يلجأ إلى كثير من الأساليب والوسائل ليحتفظ بما ارتضاه لنفسه من هذه الأمراض والآفات والحسد يلجأ للمراء والجدل  كما  أن القلب إذا فرغ من معرفة الله وتقواه، بمعنى مراقبته وخوفه ورجائه، بصورة تحمل على الاستقامة، ووسوس الشيطان،  ولنجد أن هذا المرائي والمجادل المبتلى يجادل نفسه أيضًا فتظهر لديه وتبرز النفس الأمارة بالسوء، وهنا يكون الاشتغال بما لا يسمن ولا يغنى من جوع من المراء أو الجدل، ومن الخصومة بالباطل وهكذا

واهم الأسباب التي تجعل هناك هذا المريض بالمراء والجدل هو الفراغ وعدم وجود هدف في الحياة  فليس لديه برنامج يواكب ويمتص الطاقات ونجده ينتقل من دراسة إلى أخرى ومن عمل إلى أخر ويظل في فراغ  و لم يشغلها بالنافع فشغلته بالضار. و كثير ما تعترض الشبهات طريق المرائي أو المجادل حين يتسرب الشك إلى نفسه، وقد يقوى هذا الشك إلى حد الفتنة وترك الدين والعياذ بالله، وماذا بقى للمرء بعد الفتنة وضياع الدين؟! ومن ذلك ما نراه الآن من أن هنالك أشخاص يرون بعض المنكرات أمر عادي ولا يضر ابدا كأن يرون أن الأغاني أو التدخين يعد حلالا وأمر عادي فهؤلاء من أصحاب المراء.

ولا شك أن لكل من الجدل والمراء عواقب والتي من أشدها الجبروت والتكبر على الحق وقسوة القلب والعيش في برج عاجي وكأن الناس لا يفهمون ومحاجة الناس والاستمرار بالموقف وماينشأ عن ذلك من حقد وحسد وكراهية حتى لأقرب من حوله ومحاولة إيذاءهم ..

 ولعلي هنا أرى أن ما يحمي من الوقوع في هذا البلاء هو التثقف في كافة الأمور وطلب العلم و  تحري العيش في وسط سليم من المراء أو الجدل، فإن ذلك يعين النفس بل يحفظها من الوقوع في غوائل هذه الآفة. وجود القدوة الصالحة و مجاهدة الآباء والأمهات أنفسهم كي يتطهروا من هذه الآفة إن كانوا مصابين بها، فإن عجزوا مع أنفسهم، فليكن ظهورها في أضيق الحدود وبعيدا عن أعين الأبناء لئلا تتسرب العدوى إليهم، فيكونون من الدعاة إلى الشر والضلالة، يحملون إثم أنفسهم وإثم من اقتدى بهم، كذلك من المهم والمسلم به  علاج أو مداواة النفس من الإعجاب، بل الغرور، بل التكبر  والجبروت والتعنت .

معاملة من يخالفوننا في الرأي على أن رأينا صواب يحتمل الخطأ، وأن رأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، فإن المعاملة بهذه الصورة من شأنها أن تستل الأحقاد من الصدور، وأن تقضي على المراء أو الجدل. 

رؤية الكلام على أنه من العمل، فإن من يرى كلامه من عمله يقل كلامه إلا فيما يعنيه، وبذلك يغلق باب واسع من أبواب المراء أو الجدل.

زينب المقبل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88