إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

العصاة الذين هم بيننا قوم قلوبهم كالحجارة أو اشد منها قسوة .

اذا كانت الصخور توصف بالقسوة والتحجر فهنالك من نراهم يفوقون هذه الصخور والجبال في صلابتها وتحجرها وقسوتها ، فهم أفراد اكتسبوا قسوة القلب وتحجر العقل عن ذكر الله واتباع أوامره وهم أبعد عن طمأنينة القلب والروح بذكر الله …فلا قلوب تخشع لذكر الله لأنهم تربوا على الاستهانة بالعبادة والطاعات والفرائض منذ الصغر ، بل أنهم مع أهليهم جعلوا نجاحهم في أمور بعيدة عن التقوى  وتربوا على ذلك فهم يفتخرون بكسب المال وجمعه أكثر من كسب رضاء الله ، ويسعون للشهادات والمراكز المرموقه في المجتمع أكثر من الأتيان بالطاعات والتعود عليها .

تقول احدى الأخوات أنها سكنت في السكن الجامعي في الرياض و درست مع فتيات في الجامعة وتفأجات أنهن لا يقمن الصلاة ابدا ويقمن من نومهن إلى مقاعد الدراسة وظللن هكذا رغم أنها كانت تنصحهن  دوما ولا تؤول جهدا في تذكيرهن لكنهن يقلن سوف نصلي بعد تخرجنا الآن نحن مشغولات في الدراسة واذا كبرنا (؟!!) سوف نصلي ويركضن لأي اعمال او عند الاختبارات يقمن ويجاهدن النوم لكنهن لا يجاهدن النفس المتحجرة والقلب القاسي والصاد عن عبادة الله فالصلاة هي العبادة .

يقول احد الآباء أن لديه ولد بلغ الثلاثين لم يستطع أن يقومه في دراسته لذا هذا الأبن فشل في دراسته ولم يكن كإخوته وظل يحادل أباه في كل صغيرة وكبيرة عن الاستماع له والعودة للطريق الصحيح ورغم أن الأب يعد من ذوي الدخل المحدود الإ أن هذا الأبن ظل يطلب من الأب المال ويسرق من أبيه عدة مرات حتى عندما عمل في محل لبيع الملابس لأنه ليس لديه شهادات أبدا سرق من الصندوق وكذلك استمر في السرقة حتى عندما عمل في مكان يعمل فيه أجانب غير عرب وهذه السرقة التي دأب عليها الأبن وقد وصل للثلاثين من العمر ومابعدها بسبب انغلاق القلب و قسوة النفس الأمارة بالسوء التي لم تجعله يرتدع ابدا ويرى او يفكر أن الله يعلم بما تخفي الصدور .

 تقول سيدة تزوجت رجلا كان يتكلم عن من يتعاطون الحشيش والمخدرات بأنهم أناس (قذرين …) حتى لو كانوا من بني جنسه ومن أقاربه وتفأجات أنه بعد الزواج كان يخدعني ويخدع أهلي ومن حوله بهذا الادعاء حيث كان يدخن ويتعاطى الحشيش واسقط في يدي فقررت أن أساعده على أن ينصلح حاله كزوجه يهمها صلاح زوجها أكثر من المال أو المظاهر وغيرها وبنفس كريمة ومحبه  وحاولت بشتى الطرق فذللت له كل أموره ووقفت معه في عمله  ورعيته رعاية كبيره وقمت بواجباته على أكمل وجه رغم هضمه لحقوقي واستهتاره بي واعتداءاته بالضرب علي لأني أصبحت منطوية له ومستصغره ولم استنجد بأهلي ابدا او ان اطلب الطلاق فصبرت عليه وحاولت بشتى الطرق إصلاحه مع الاستعانة بأهله الذين للأسف لم يهمهم الأمر ولم ينظروا له من منظار أهمية الاستقامة والصلاح وتقوى الله فكانوا يدافعون عنه حينا وحينا يقولون لي اصبري عليه ونحن معك لكن دون تنفيذ ..واستمر على حاله من قسوة في القلب وتحجر للنفس عن الحق وعن مخافة الله فسجن بسبب تصرفاته وتعاطيه الحشيش ورغم خروجه من السجن وانفصالي عنه وقد ضاعت هيبته من داخلي وكرهت العيش معه وسقطت رجولته كاملة بسبب أفعاله وعدم مروءته فبدل من أن يساعدني على إصلاح حاله كان يعيش في حالة نفسية يبحث فيها عن الخصومة والنكد  فحمدت الله  أني لم أنجب منه أطفالا يكونون على شاكلته وبنفس تفكيره خاصة وأنه لا يعترف بالقيم أو المبادئ ولا يعترف بأنه  طوال حياته في كبائر ومجون لما هو فيه من إصرار أو عناد على الباطل لذا فشلت فلم يعرف ولم يستطع أن يهتم لتغيير من حاله لأنه في نظر نفسه شخص ليس لديه أخطاء وهو منزه بتفكيره عن كل خطأ  …وكان يكذب على نفسه أيضا ويدعي انه مثالي واذكر انه كان يقف للصلاة وفكره غير حاضر حتى في أي فرائض كنت اشعر أنه يؤديها بشكل روتيني دون رغبه ودون مبالاة ومازال في إدمانه وفي قسوة روحه وتحجر نفسه عن الله وعدم التفكير بالتوبة ابداً و مستمر في معصية ربه لذا فمستقبله معتم ومظلم .

يقول شاب فتح الله على قلبه ورقت نفسه لطاعة الله وخضع له  أنه هجر بيت والديه لأنهم حاربوه فأبوه وأمه ممن لا يعترفون بأهمية الدين والتقيد به قلباً وقالباً وكان الأب يكثر لغطه في ذلك مع إخوانه فهجروهم ونقس الشيء هذا الأبن وجده فكانت نظرة الأب علمانية وفاصل للدين عن الحياة والأهم عنده الكسب المادي ..والشهادات  ولكن الدين ليس مهم  فكانت تكثر بينه وبين اهله أبوه وأمه الكثير من المناقشات والعبادات لدى أهله مجرد عبادات صورية وتؤدى لمجرد أنهم مسلمين فقط ،،مما جعله يشعر بعدم الاحترام والتقدير لهذين الوالدين اللذان من المفترض أن يكونا قدوة له وأن يكون تعامله معهم مكسو بالأدب لكن لا طاعة لمحلوق  في طاعة الله …لذا سافر عنهم للخارج وهجرهم واصبح فقط يراسلهم ويتواصل مع أعمامه وابناؤهم الذين كانوا على شاكلته .

فقسوة النفس وتحجر القلب ليس لهما دواء مع كثرة الخطايا والذنوب ومع كثرة  الكلام بغير ذكر الله فكيف لو كانت بالباطل بالنميمة والغيبة والشتائم والسباب ….الخ  وقد جاء في الحديث: “لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي” .

 قال مالك بن أنس – رحمه الله – إمام دار الهجرة: “المراء والبعد عن الله يقسِّي القلوب…” .  إذ في ذلك قطع للعبد عن ربه، فيقسو القلب، ويكون الغضب، بل البغض والقطيعة والتآمر على  الآخرين. وقد قال الله في كتابه حين طلب من قومه العودة لله وتقواه  :  ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) ۞ أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) فهؤلاء من يسيسون الدين والتقوى وفق قلوبهم القاسية وأرواحهم العاصية . والعياذ بالله من ذلك .

 

زينب المقبل

لندن

 

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى