إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

والدي

كان رحمه الله وقد بلغ التسعين من العمر يقص علينا ما لقي هو وجيله من التعب والمساغب ونقص المال. قال: “جُنِّدت رغمًا عني مع الجيش المدافع عن مكة، ليحول بينها وبين قدوم جيش عبد العزيز ، كان تواجدي مع فرقة وضعت في قلعة إجياد فوق أعلى الجبل، لم أكن مؤمناً بالدفاع ولا بالقتال، وكذا معظم من كانوا معي، فكنا نتنصت أخبار تقدم الجيش السعودي في موقعة تربة ثم تمكنه من فتح مدينة الطائف”.

وهنا يتذكر الجند مقولة بهلول المسعى: “الرجل الذي يركب جريدة نخل وكأنها حصان جيئة وذهابًا بين الصفا والمروة مرددًا بصوته العالي عبارة واحدة «والله رأيت الذلول والله وصلت الذلول»، وفعلاً وصلتنا الأخبار أن (الجيش) وكانت هذه الكلمة تعني الجنود المقاتلين من على ظهور الإبل والخيل والمشاة على مشارف مكة، فتفلت الجند، وأبعدوا الحراس عن باب القلعة واقترح البعض أن من يملك جنيهًا ذهبيًّا فعليه ابتلاعه لكي تصادره القوة الغازية، نزل الجميع الى ساحات الحرم لينعموا بالأمن والطمأنينة والسلام وكانت المفاجأة أن جيش عبد العزيز بدأ بتوزيع الأرزاق والدقيق والسكر على الناس، أما نحن الجنود السابقون فانضممنا إلى الجيش الفاتح وأُعطي كل منا أربعة جنيهات ذهبية، وهي عبارة عن راتب شهرين صرفت لنا مقدمًا، كنا غير مصدقين لما نرى ونسمع حتى رأينا الملك عبد العزيز على صهوة جواده يجول بين أهل مكة قائلًا “أبشروا بالخير أبشروا بالخير”.. وقد كان خيرًا، وأي خير.

بقلم/ محمد محسن الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى