إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

اطمئني

وداد الإسطنبولي

– جعلت كل حروف الصمت تنطق

– أحببتني قبل أن تراني

– فهل رأيت الله حين عبدته؟

– أكاد لا أصدق؟!

– لماذا؟ أما كان هذا آخر مطافنا، أم لم يكن مسعاك فيه لقاؤنا،

بعد حديث طويل لم تستطع إقناعه، فكرت على مهل فيما هي قابلة عليه، تلاشى هو مع زحام الرسائل على الكيبورد، ثم ظهرت حروفه تنقر على هاتفها،

– أنا هنا أنصت لحروفكِ

– خوف يعتريني من هذه المقابلة وأخاف أن تتراجع عن قرارك فأستأذنك بالرجوع

– ضعِ يدكِ على الحروف.

حكيم وما يصبو إليه صادق من تلك الثقة التي تنبثق منه، فصدق الكلام من فاهه ميزان يدق ناقوس أبجدياته إليها.

– شعرت بهما، فدفئهما يصل إلى راحتاي، ألا تصل نبضات قلبي إليكِ؟، ألا يتحرك في أعماقكِ حين لقياي شيئًا؟، فإني أرى صورتكِ وأضمها بين أضلعي، اطمئني فأنتِ لي.

سكت ثم كتب

– بل أراكِ بقلبي، وقلبي لا يخطئ، وما بيننا ليس يومًا أو شهران إن عمرنا سنة، تعلمين؟

– ماذا؟

– رحيق وردكِ يلفحني فأشمه، وأضمه بأضلعي فيزيدني شوقًا، فغزارة ما أفكر به لا يستوعبه سوى سكنًة يضمني معك.

اطمئني

وقبل أن تنبس ببنت شفة أردف:

– لا تفكري فإنه يقتل جمال اللقاء

– أذهلتني يا هذا! و…

– ولا تترددي، اطمئني

– دقات قلبي تتسارع، يخنقني حديثك فأين ألتقيك؟ وكيف أعرفك؟

– دع الأمور تمشي على أعنتها، والبصيرة ستدلك علي.

وردد اسمها :

– دعاء!

– نعم

– أنا أكثر منكِ خوفًا في اللقاء ولكن أنتظرك.

اطمئني

حكاية سريعة حدثت بخطأ رسالة إلى هاتفها، وكل منهما يعتذر للآخر، وبين صباح ومساء، استمر اللقاء عبر الأثير، فكانت هناك حكاية تثمر.

جلست على الطاولة، تنظر حولها بقلق ويديها تضمهما بشدة؛ تمتلآن عرقًا، وهناك طبول تدق ستقتلع الأضلع من بينها، وها هو تنظر إليه مدهوشة بين حقيقة وجوده وبين أن تخطئ بشخص آخر غيره، تقدم نحوها بخطى ثابتة، تلتهب وجنتاها، وجلس بصمت شديد، كم تشبه السيدة ملعقة أمامه، كانت اللحظات طويلة وكل منهما يحدق بالآخر هنا ومع بعضهما تحدثت أصابعهما، وتحركت أناملهما بليونة كعزف الناي على آلته، وكلاهما يسأل ويجيب بلغتهما الخاصة كحديث الكلام مخرجه الشفاة، وطال الحوار مبهورين! صلة تجمعهما وسعادة لا توصف، نعم صماء لا تسمع، وأخرس لا يتكلم، أمسك يديها بشدة وضمهما حبًّا وأمانًا، ونظر إليها قائلًا:

ألم أقل لكِ اطمئني؟

بقلم/ وداد الإسطنبولي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى