إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الكتابة والبقاء

علي عويض الأزوري

نعم.. أتفق تماما

Art is what stands the test of time.

الفن هو ما يصمد أمام اختبار الزمن (تلك ترجمة قوقل)

وترجمتي: الفن بأنواعه هو ما يصمد أمام تقلبات الزمن.

كانت الجملة الأولى من ضمن جملتين كتبها صديقي (المزعج فكريًّا وذهنيًّا) تعليقًا على نقاش دار بيننا عن الشعر وماهيته، والشعراء والمتشعررون.. تلك الجملة عامة على الفنون الجميلة من نحت ورسم وكتابة (رواية أو قصة قصيرة)

يقول سيغموند فرويد عن الكاتب المبدع أو الخلاق:

Freud:

The creative writer does the same as the child at play. He creates a world

of phantasy which he takes very seriously—that is, which he invests

with large amounts of emotion—while separating it sharply from reality

الكاتب المبدع( الخلاق) مثل الطفل وقت اللعب، فهو يخلق عالمًا من الخيال(فانتازيا) ويأخذه بجدية أو يتعامل معه جديًّا، وذلك يعني أنه ينغمس في كمية كبيرة من العاطفة، بينما يفصلها بشكل حاد عن الواقع.

A piece of creative writing, like a day-dream, is a continuation of, and a substitute for, what was once the play of childhood.

ثم يكمل فكرته( فرويد): إن قطعة من الكتابة الإبداعية الخلاقة، تشبه أحلام اليقظة، فهي تتمة وتعويض لما كان في يوم لعب خيال الطفولة.

“Writing is a little door,”Susan Sontag wrote in her diary. “Some fantasies, like big pieces of furniture, won’t come through.”

وكتبت سوزان سونتاج في مفكرتها: الكتابة باب صغير “بعض الخيال مثل قطع كبيرة من الأثاث، لا تدخل من خلال الباب”.

أعجبتني فكرة الباب والأثاث، لأنها تتطابق مع دراسات في علم النفس تقول أن المبدعين على اختلاف توجهاتهم الفنية (رسم، كتابة، نحت، موسيقى) تنتابهم حالة من الفصام حين الكتابة أو الرسم أو تأليف قطعة موسيقية.

ونظرية الفصام تتطابق أيضًا مع خيال الطفل، ففي الصغر كان خيالًا ثم كبر ونما ليصبح فصامًا، فالمبدعون حين نوبة العمل يكونون مثل دعاية سنيكرز (أنت مو أنت …)، فيكونون في عالم آخر بلا قيود أو محاذير، يتكسر في دواخلهم مقص الرقيب، ويختفي أو يموت الرقيب نفسه.

قرأت رأيًا لجان بول سارتر الفيلسوف والكاتب الفرنسي يشبه الميدعون بالنجار الذي تكون بين يديه قطعة من الخشب فيبدأ بالمطرقة والإزميل في تشكيلها، وينتهي به العمل إلى صنع شيء خارج عن المألوف، وينظر إليه بعد الانتهاء فيقول متعجبًا:

Did I do that!?   هل أنا من صنع/ قام بعمل هذا؟

أعود لصديقي.. ويا لصديقي الخفي/ الموجود

The In/visible friend

بين الفينة والفينة (أحلى من بين الحين والآخر) يحتدم النقاش (سلميًّا وبدون أسلحة بيضاء وبيولوجية ونيتروجينية) وإنما حزمة من الأفكار التي نتداولها ونتقاذفها عندما يكون هناك ما يستحق تلك المناظرات الواتس آبيه

صراع البقاء الفكري والأدبي:

– لا زلنا نتداول أبياتا والبعض منا يحفظ قصائد لشعراء من الزمن القديم (قبل جيل الطيبين وآبائهم وأجدادهم)، وهناك أعمال فنية منذ مئات و (آلاف السنين) التي قاومت كل عوامل التعرية والإقصاء، والإرهاب الفكري، والتعنيف والتطرف المذهبي والعقائدي، و (يطمر) سؤال: لماذا؟

 الجواب له وجوه عدة يتعلق بنوع الفن، ومنها:

-فيما يتعلق بالشعر (في ذاكرتنا وموروثنا العربي) ساهم التعليم والإعلام مساهمة لا يمكن إغفالها في ترسيخ قصائد أو شعراء تداولهم النقاد الأقدمون، وتم ترديد قصائدهم، ومن لم تروَ له قصيدة كاملة يروى بضع أبيات جرت على ألسن الناس لحكمة أو تفرد في المعنى والمبنى، أو لنتيجة سلبية حلت بقائلها.

-سبب آخر لبقاء تلك القصائد والشعراء في ذاكرتنا هو وجودهم داخل الدائرة الحاكمة، فالمتنبي كان مع سيف الدولة، وجرير والفرزذق كانا مع بعض خلفاء الدولة الأموية، ومدائحهم وهجائهم ضمنا لهما البقاء على مر الأزمان.

– كنت كتبت (خربشة) بعنوان (يهيمون) تتعلق بتعريف الشعر والنظم والفارق بينهما، فليس كل ما له قافية وموسيقى يصنف على أنه شعر وإلا كانت ألفية ابن مالك شعرًا.

وأما ما يتعلق بالراوية و القصة:

– العرب ليسوا أهل رواية وإنما حكواتية إن جاز التعبير، وليس لدينا روايات(رأيي غير المتواضع) تضاهي روايات لكتاب عالميين أمثال تولستوي، ويليام فولكنر، جوزف كونراد، غوستاف فلوبير، … وغيرهم من أساطين الرواية في العالم.و يعود السبب إلى أننا أمة شعر ، ولم نكن نكتب أو ندون ونعتمد على الحفظ، والرواية تعتمد على الجلوس والقراءة، إضافة إلى أن العرب في بداياتهم كانت أمة أمية، وحتى بعد تعلمهم القراءة والكتابة من النادر أن يقرؤوا، وهي أزمة أزلية، وكنت نشرت مقالا قبل 38 سنة بعنوان: أمة اقرأ لا تقرأ.

أنتقل الآن إلى الجزء الثاني من جملة صديقي:

“كان الشاعر/ المسرحي، وأستاذي في مرحلة الماجستير، لاري كريمر، يقول: إن الاستجابة بالمديح تعني أن القارئ/ الناقد ليس لديه ما يقول: “ما عنده سالفة”.

تلك العبارة التي قالها لاري كريمر تفضح الكثير ممن نطلق عليهم صفة ( نقاد/ناقدين)، فعبارات صح لسانك وأشصقحسنت ولا فض فوكتدل على أنهم مفلسون ومجاملون، وتلك العبارات خطيرة في نتائجها لأنها أوجدت جيشا ممن يظنون أنفسهم شعراء أو يصنفون على أنهم من فئة الفنانين Artists

كانت سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما ناقدة من طراز متميز وفريد؛ وكنت سجلت مادة مرئية و صوتية( فيديو) عن نشاطها النقدي للشعراء، حيث كانت تصحح لهم معنى أو مفردة، أو تجد مثلبةً أو عيبًا في بيت من قصيدة تنسف به كل القصيدة. وأظن أن عبارات المديح السابقة لم تكن موجودة في قاموسها آنذاك، وإنما هي عبارات مستحدثة تعكس فقر النقاد وربما جهلهم بالشعر وفهمه فنًّا من الفنون الجمالية.

عمتم مساءً

بقلم/ علي عويض الأزوري

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88