إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

قاوِم ما تُحِب، وتحمَّل ما تكره

سالم سعيد الغامدي

جُبِلَت هذه الحياة الدنيا على مشقّة طلَب العيش في شظفِها، ورغبة في البقاء على مدَى دهرِها إلى أقصى حَدّ ممكن، والسعي اللاهث خلف رغائِب ملذاتها، وعدم تحمَّل بخسِها، أو ما يَطرأ من وليد مُستَجَدات أضدادِها.

وبناءً على ذِكر ما سلَف من وضوح مُسلّماتِها، فقد برزَ من مضمونها معادلةٌ إختياريةٌ متناقضةُ الخيارات إن صح التعبير، وذلك إن أرادت البشرية العيش بسلام، وهذه المعادلة هي:[ نقاومُ ما نُحِب، ونتحمَّلُ ما نكرَه] وفي الحقيقة أنه لا يتبناها إلا مَن كان مؤمناً بها ومتيقناً من صحةِ فطرتها، وعلى علم قاطعٍ  بصحةِ مضمونها، ولكن مع بالغ الأسف، فإن البشر لا يُطبّقون هذه المعادلة حقَ التطبيق إلا مَن رحِمَ الله، قال تعالى: ( وإن تُطِع أكثرَ مَن في الأرضِ يُضلوّك عن سبيلِ الله) فغالبيةُ البشَر في هذا العالم قد قلبوا هذه المعادلة رأساً على عَقِب، وبالتالي أصبحت في وضع مُعاكِس للمعادلةِ الأولى سليمةِ الفطرة آنفة الذكر أعلاه، فأصبح حالُ مقامِها يقول: [ نأتي كلَ ما نرغب، ولا نتحمَّل ما نكرَه] وهذا أحدُ أسبابِ شقاء الأممِ السابقةِ واللاحقة، لإن المعادلة الأخيرة فيها تطفيف، وهي تحاكي حال البهائم أجلّكُم الله، أي أن رغباتهم خلال زمن حياتهم عشوائية الإختيار، وليست نظامية وقانونية، والحديث عن هذه المُسلّمَات الجبِليّة، ليست منهج لسلامة المسلم فقط، بل هي لغير المسلم أيضاً، فلو نلقي نظرة على حال الغرب في زمننا هذا، فسوف نجد بعضاً من تطبيقاتها، والسبب في ذلك هو قوة القوانين الصارمة على الجميع، وهم لا يضعون اللهَ سبحانه وتعالى في الإعتبار، فقد تجرؤا على تنظيم الشق الثاني من المعادلة في سَنّ بعض فواحش هذه الرغبات للحصول على المال، وطلَوها بالصبغةِ الدستوريةِ الرسميةِ في قوانينهم الوضعية، ولكن عند المسلمين، هم على قسمين من تطبيق مضمونها، الأول، هناك البعض يطبّقون تلك المعادلة ضالإختيارية خوفاً من عقاب الله، ورغبة في ثوابه الموعود، وهذا عظيم، أما القسم الثاني، فيطبقُها خوفاً من قوانين العقوبات، كما هو حاصل مع الأسف الشديد في عالمنا الأسلامي في هذا الزمن المتأخر.

والله المستعان.

بقلم/ سالم سعيد الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى