إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الثغرة

علي عويض الأزوري

ذهبت الى بولندا في نوفمبر من عام 1994 ميلادي. في زيارة لجامعة (جاجيلونيان) في مدينة كراكوف أو كما تنطق بالعربية كاركاو

Jagiellonian University at Krakow

( حرف J ينطق في اللغة السلافية Y) فيكون الاسم بالعربية يقلونيان أو تنطق الجيم بالمصري.

وهبني الله نعمة أتميز بها عن مليارات من الناس وهي: الدخول إلى قلوب الناس بسرعة (مهضوم كتير)، ففي كل بلد زرته لي أصدقاء لا زالت تربطني بهم علاقات جميلة تضاهي جمال روحي (لازم أمدح نفسي).

تعرفت على عدة أسر بولندية، وكانت بولندا وقتها تحاول نزع عباءة الشيوعية عنها، ولاحظت أن كبار السن كانوا رافضين لفكرة التحول إلى الرأسمالية (أظن ذلك عائد إلى الألفة والعادة فالإنسان يخشى دائمًا التغيير مهما كان نوعه ومحتواه).

البولنديون شعب ودود ولطيف مع أنه في الغرب يتهمونهم بالغباء (Poles are Fools)؛ ربما ذلك بسبب حياة الفقر التي كانوا يعيشونها فأثـّرت على طريقة تفكيرهم. لاحظت أيضًا أنهم يعانون نفسيًّا وسبب ذلك راجع الى السبب السابق (الفقر المدقع الذي كانوا يعيشونه وأذكر أنه خلال أسفاري في الثمانينات ميلادي سنحت لي الفرصة لزيارة بعض الدول الشيوعية وقابلت بعضًا من أساتذة الجامعات وكانت مرتباتهم لا تتجاوز العشرة دولارات).
كان البولنديون يفرطون في شرب الكحول، وذلك نوع من الهروب Escapism

فقلما تجد بولنديا لا يشرب الكحول على طعام الإفطار، حيث كانوا يحاولون دفن مشاكلهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والحياتية في قنينة فودكا، وبرودة الجو عامل آخر، ففي فصل الشتاء تهبط درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر (15 درجة تحت الصفر) ويطلع الأخ حسن كراني البولندي ليقول أن الطقس سيكون معتدلا غدا و درجة الحرارة 8 تحت الصفر، كل شيء تحت الصفر.

سنحت لي فرصة تعلم قراءة الكف (طراطيش) على يد سيدة أرستقراطية إنجليزية، وتعلمت للفكاهة لا أقل ولا أكثر، وزارنا صديق سعودي كان متقنًا لعلم النجوم الصينية وربطها بسلوكيات الفرد، فأضاف إلى معلوماتي شيئًا جديدًا ربطت ومزجت بينه وبين قراءة الكف.

بدأت في تجربة ذلك على البولنديين بداية من (ياتشيك)، وهو رجل بولندي كان في منتصف العقد الخامس وكان يشرب الكحول بطريقة انتحارية، فأخذت في قراءة كفه (استهبال والله لأنني لا أؤمن بهذه الاشياء) ومما قلته: أنه سيموت بعد شهر بسبب افراطه في شرب الكحول، وكان معي صديق بولندي يقوم بالترجمة من الإنجليزية للبولندية؛ وحدثت المعجزة حيث توفي (ياتشيك) بعد شهر. كان توقعي مبني على أساس علمي وطبي، فالإفراط في شرب الكحول يسبب تليف الكبد الذي يؤدي عاجلًا أو آجلًا إلى الموت.

أقيمت جنازة للسيد (ياتشيك) وحضرت مع عائلته وأصدقائه في الكنسية مراسيم الصلاة، ثم في المقبرة حيث تم دفنه في يوم تتجمد فيه الأصابع والأنوف من شدة البرد، وبعدها ذهبنا الى بيته لتناول طعام الغداء. كانت الأنظار منصبة ومتمركزة علي، ولم أعرف ماذا كان يدور في رؤوس عائلته وأصدقائه، لكنني سمعت تكرار كلمة برافدا (كلمة روسية/ بولندية تعني الحقيقة والفاء تنطق v).

عرفت من صديقي المترجم أن القوم لا يأتمرون بي وإنما يرون في شخصي إنسانا ذي قوى خارقة، فقد تنبأت بموت (ياتشيك) وحددت المدة شهرا، ومات بعد ثلاثين يوما (المهلة التي أعطيته ليتوقف عن شرب الكحول … هاهاهاهاه)، ورأيت الأكف ممتدة نحوي تطلب مني قراءتها.
يوجد في شخصية كل إنسان شيطان يوسوس له، وأدعه أحيانًا يأخذ مساحة عندما أريد أن أصنع فيلما بوليوديا، ووجدتها فرصة سانحة لأمارس ألاعيبي الشيطانية عليهم.

بنيت قراءة الكف على ما تكـوّن لدي من معلومات عن حياة ومعاناة البولنديين، وكنت أنظر لكف إحداهن أو أحدهم وأقول بروبلم/ مشكلة، فيقوم المترجم بنقل الكلمة لهم، فيسردون له مشاكلهم الصغيرة قبل الكبيرة، ويترجمها لي فأقوم بتشذيب وتهذيب ووضع لمساتي على ما يقولون (إعادة صياغة) وأردها عليهم، وعند الختام أقول لمترجمي وصديقي: هناك أشياء لا أستطيع ذكرها فأنت تعلم قصة (ياتشيك) وما حدث له، فيذكر لهم الحادثة فيزيدني ذلك مصداقية.

كانت مقابلتي تحتاج إلى مواعيد وحجز مسبق ولم أكن أتقاضى أجرًا على ذلك (لله في الله حيث كنت أحتسب الأجر).

مارست ذلك الفعل لأكثر من شهرين، وكان يدعوني أناس لهم وزنهم في المجتمع وأذكر أن رئيس الشرطة في أحد الأحياء دعاني لأقرأ له كفه ولبقية أفراد القسم (خيبة عليهم).

لماذا كان أولئك الأشخاص الذين تجاوز عددهم الألفين يصدقونني؟

لماذا استطعت التأثير فيهم وعليهم مع أنهم شعب أوروبي يختلف عن شعوب أخرى، وعلى سبيل المثال أدغال أفريقيا من حيث التعليم والحياة والتكنولوجيا؟

إنها الثغرة التي تحدثت عنها في مقالي (الإنسان/ الإله).

تلك الثغرة التي يستطيع شخص ما النفاذ منها إلى تفكير الآلاف، في حالات، والملايين في حالات أخرى، والسيطرة على ذهنية المتلقي، ومن ثم يسهل قيادتهم وانقيادهم كالقطيع.

تلك الثغرة التي جعلت أمما تُؤلِّهُ أناسا عاديون (الحسين وبوذا).

تُعـرّف الثغرة في قواميس اللغة: ثُلْمة، فَتْحة، نقطة ضعيفة.

والثغرة تستخدم في النواحي الأمنية والتكنولوجية في أيامنا هذه، وهي الفتحة، لكن للإنسان هي النقطة الضعيفة.

ولأننا في شهر رمضان المبارك فإنني أقدم لكم عرضا لن تستطيعوا رفضه: قراءة أكفكم أون لاين مع اخباركم أي من النجوم الصينية أنتم (جرذ، تنين، بقرة/ كلها حيوانات).

للتواصل والحجز على الواتس آب فقط وفي المساء.

عمتم مساءً

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88