إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الحياة والسلطة

خالد بركات

لكل شيء إذا ما تم نقصانُ … فلا يُغَرَّ بطيب العيش إنسانُ

العفو منكم.. إنني جمعت روايتين معًا:

الأولى راقت لي.. بما تحمل من عُبَر:

نقلت.. عبد الرحمن الثالث، تولى الحكم وعمره 21 عامًا، دام حكمه ما يزيد على خمسين سنة، هو ثامن الحكام الأمويين في الأندلس وأكثرهم سلطةً ونفوذًا، كان يلقب بملك ملوك أوروبا، وكان يخشاه الجميع، وحيث يعتبر عصره من العصور الذهبية، من حيث النهضة والعلم وسعة الرزق واتساع النفوذ، واشتهرت قرطبة وجامعتها الشهيرة في زمانه بمنارة العلم والعلماء،
ترك عبد الرحمن تاريخًا حافلًا متميزًا، ومع ذلك فقد وجد بعد وفاته بخط يده وصية كتب فيها: (عددت أيام السرور التي صفت لي دون تكدير في مدة سلطاني، فوجدتها أربعة عشر يومًا).
فالذين غرهم طول الأمل وسطوة السلطة أو طغيان المال أو كثرة الأتباع، هذه هي حال الدنيا:
إذا حلت أوحلت
وإذا جلت أوجلت
وإذا غلت أوغلت
وإذا كست أوكست
كم من حاكم رفعت له علامات فلما علا مات.

الثانية راقت لي.. بثقل العبر فيها:

يُروى أن مسكينًا شهد موكب الملك وناداه باسمه دون تعظيم أو تضخيم، فانقض عليه الحرس وقالوا له: وهل تُكلم قريبك أيها الصعلوك؟!
لكن الملك منعهم وقال لهم: دعوا الرجل يتكلم..
فتكلم الرجل: وسأل الملك هل غضبت مني لأني ناديتك باسمك، إنني أنادي مالك الملك باسمه وأقول: يا اللّه.. فلا يغضب.
يقول الملك: اقترب مني انصحني، لقد سئمت قصائد المادحين..
فقال حينها الرجل المسكين للملك:
اعلم أنه لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.. وانظر إلى الجهتين، هذه قصورهم وهذه قبورهم، كم من قبور تبنى وما تبنا، وكم من مريض عدنا وما عدنا.

الدنيا خالدة، تدوم للخالق وحده وليس للمخلوق.. تتعدد الأزمات وتتجدد المعاناة لكن تبقى أزمة المواقع هي أساس معاناة الإنسان في المجتمع.

اللهم اهدِنا للقناعة، ولكل من لا يقنع.

إن الأوقات تتغير فلا نثق بمنصب، ولا مال، ولا قوة، ولا سلطة، ولا ذكاء؛ فكله لن يدوم، ولن يبقى إلا الأثر الطيب وأعمال حسنة فُعلت في الحياة.

اللهم أكرمنا بالقناعة وبرضاك ورحمتك وغناك.. واحمِ أهل المجتمع من الأنانيين هواة المواقع.

بقلم/ أ. خالد بركات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى