في آخرِ أمطارِ الصيفِ المرجومِ هنا سلمى،
سلمى امرأةٌ أخرى،
وعيونٌ أخرى راقدةٌ،
وشموسٌ أخرى شاحبةٌ،
من تاجِ الزهرِ فمٌ، في الثلجِ خدودٌ،
فوقَ الحزنِ يدانْ.
هَيَ أنثى الموقدِ،
والخبزُ المسمومُ، وقهوتُنا العربيَّةُ،
ضوءُ سراجِ الكوخِ العدمانْ.
أنثى لا تشبهُ تشرينَ الماضي،
لا الحاضرَ، لا في القادمِ،
ليسَ لها ألوانْ.
أنثى الإيقاعِ على الأمواجِ،
غناءُ الفجرِ، وبسمةُ نيسانْ.
سلمى…
وستنزرفُ الدمعاتُ على الرمَّانْ.
ما أقبحُنا، ورأيناها،
ستموتينَ على أحلامٍ خائفةٍ،
وسألْنا أنفسَنا، كيفَ الأحلامُ تهانْ.
ما أجملَ عينيها؟!
وتشاهدُ طلقةَ موتٍ قادمةً لطفولتِها،
كي تسرقَ ليلَ ضفيرتِها،
وتضيعُ حقيبتُها بين النيرانِ،
على الدمِ بين بقايا اللحمِ،
بكينا، والإنصافُ يُدانْ.
سلمى: كتبُ التاريخِ تعالي،
سلمى بين النارِ وفي الأحزانْ.
من ينقذُنا ؟!
قدْ سيطرَ فينا الشيطانْ.
سلمى…
القيثارةُ قبل ولوجِ الفجرِ،
أيا فيروزُ رجائي انتظري في المسرحِ،
كي تبكي سلمى،
فبكاءُ (الـ سلمى) موروثٌ عربيٌّ،
كالكرمِ الصحراويِّ،
انتظري، كي يصبحَ لحنُ أغانينا إشراقَ حنانْ.
في القيدِ وفي الخصيانْ.
سلمى يا وجهَ التوبةِ،
يا ورقَ الزيتونِ،
ويا عطرَ الليمونِ، أصلّي،
كي أولدَ طفلًا مذبوحاً مسجونًا في الكتمانْ.
سلمى… في ذاتي يأتي النورُ،
لأجْلي يبدأُ دمعُ الحرْمانْ.
آهٍ سلمى!
ما يفعلُ فينا الإنسانْ.
سلمى ناياتُ الغائبِ في الأضلاعِ،
وبحّةُ أوجاعِ الفنّانْ.
هي مرحلةٌ للخنجرِ حين يعانقُ صدرَ الإيمانْ.
وسأنكبُ فوق الأرضِ على وجهي
أنا ثوبُكِ رائعتي، أنا شالُكِ غاليتي،
أنا صوتُكِ سائلتي،
أنا صيفٌ ممسوخٌ،
أنتِ المطرُ المفجوعُ، أنا العطشانْ.
ما أفعلُ ؟
كنتُ ضعيفاً، ماذا أفعلُ؟!
هل أبكي؟!
أدعَ الدمعَ المخزونَ،
يصاحبُ عينيها،
هل أكتبُ؟!
والحرفُ المجنونُ يخاصمني،
وسيأكلني ببلادتِهِ نسيانْ.
آهٍ سلمى!
يا كلَّ العمرِ وداعًا،
لونُكِ مصبوغٌ من أحشائي،
وأنا العريانُ من الأغصانْ.
فسلاماً يا عبقَ الأرواحِ، ويا دفءَ الأوطانْ.
الشاعر/ أحمد جنيدو
من ديوان: “في مداها”
