إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

في العيونِ السودِ

أحمد جنيدو

-1-

في العيونِ السودِ أسرارٌ كليلٍ

أغنياتٌ للسهارى والحنانِ.

يا دمَ التاريخِ إنّي بابُكَ الثاني،

سجينُ القلعةِ السوداءِ قلبي

وخفافيشُ الدجى أوردتي تُعلنُ أسبابَ المهانِ.

في العيونِ السودِ أوجاعُ نزيفٍ،

وبحارٌ عبرتْ أمواجَها ذائبةٌ

ثمَّ تناحتْ عن نخاعي،

خجلًا تنسى معانيها،

وتنسى بطرًا،

عنّتْ أناشيدَ انتحاري فرحًا،

وانتحرَ الحزنُ على وقع ِالزمانِ.

سجدتْ كلُّ خطايا الليلِ يا عبّادُهُ

والصوتُ مركونٌ بهذا المهرجانِ.

في العيونِ السودِ فوضى ونجومٌ،

وضحى قافلةٍ،

قدْ خسرتْ كلَّ الرهانِ.

عجبًا يا ذاتَنا الأخرى

تركْنا وجعًا مكتئبًا فوق انكساراتِ الأوانِ.

في الصليبِ الحرِّ مصلوبًا يسوعْ.

قدْ نسيْنا ما لدينا من جذورٍ وفروعْ.

تغسلُ الموتى الدموعْ.

ودعاءُ الفجرِ أكفانُ الهوانِ.

قرعتْ أجراسُها

من يسمع ُالصوتَ؟

إذا نادى الأذانُ الآنَ في صمتِ الأذانِ.

في العيونِ السودِ قطعانُ الأغاني،

سكراتٌ في الأماني،

ومغنّي الخفقانِ.

هاجسُ القبْلِ،

وبعْدُ البعدِ غيْبٌ،

هامشُ الإنسانِ نورٌ،

وظلالُ الخوفِ تمتدُّ سنينًا،

يا يتامى الروح ِقوموا،

وَصَلَ الطعْنُ حميمَ الروحِ،

واستسلمَ إنسانٌ وهانَ الحرُّ في ظلمِ الجبانِ.

في العيونِ السودِ نايٌ دونَ راعٍ،

رقصاتٌ للحواري،

وعذارى تقطفُ الوردَ من النجمِ،

وتسقي أقحواني.

في العيونِ السودِ مسلوبٌ،

وخوفٌ وخرافاتٌ وجاني.

قبلةٌ من خدِّ طفْلٍ،

ثدْيُ أمٍّ لوّنَ البؤسُ صباها،

أخذ َالليلُ حليبَ الأمِّ سلبا ً،

ثمَّ خانَ الثديَ تكتيمُ اللسانِ.

في العيون ِالسود ِأرضٌ

وسلالاتُ صبايا قبلَ تغريبِ المكانِ.

في العيونِ السودِ موتٌ،

نامَ تحتَ النخل ِعريانُ

ولم تمسحْ غبارَ الجرحِ آلافُ البنانِ.

عاثرٌ يا حظّنا المفقودَ حتّى الهذيانِ.

صامتٌ يا حلمُنا المطحونُ في كلِّ الثواني.

-2-

في العيونِ السودِ كلُّ الصلواتِ المستحيلهْ.

كلُّ أسرارِ الطفولهْ.

مذهبٌ أعمى يغنّينا الأهازيجَ الجميلهْ.

مركبٌ ينجو من الآهِ الطويلهْ.

في العيونِ السودِ أيّامٌ عليلهْ.

رغبة ٌ للموت ِبين النار ِوالقاضي فتيلهْ.

وردةٌ نامتْ على الوجهِ، يدٌ ضمّتْ شهيدًا،

في العيونِ السودِ آمالٌ قتيلهْ.

صرخةُ الليمونِ،دمعُ البيلسانِ.

للعيونِ السودِ أحلامُ الأمانِ.

-3-

وضعتْ أفئدةُ العشَّاقِ حلمًا مستباحْ.

وطوى الليلُ خطاها، وعلى الجثَّةِ ناحْ.

وسقانا قُبلًا، يقطعُها سيفُ النواحْ.

وهديرُ الحبِّ يطوينا،

وتروينا الرياحْ.

فدعانا الليلُ كي نمشي طويلًا،واستراحْ.

خائفٌ كهْفُ الضميرِ،

الذلُّ قنـّاصُ البراحْ.

فبكى آخرُ آتٍ موتَهُ.. والسرَّ باحْ.

مطلقٌ مستعرٌ،الظلمةُ تغتالُ الصباحْ.

كسرتْ أجنحةُ العصفورِ يا رامي السلاحْ.

دونَ إطلاقِ عيارٍ،ونفخْنا من جراحْ.

في زمانٍ أسودٍ قدْ أصبحَ القتْلُ مباحْ.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى