إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الزبون دائمًا على حق

علي عويض الأزوري

وقفت أمام الشاشة الإلكترونية في محطة بادنقتون Paddington للقطارات في لندن أنتظر ظهور رقم الرصيف الذي ينطلق منه القطار من لندن إلى مدينة إكستر Exeter. كانت الساعة الثامنة وخمس وعشرون دقيقة مساءً، والقطار في العادة يتحرك الساعة الثامنة وثلاث وثلاثين دقيقة (لاحظوا الدقة.. لم تكن الثامنة والنصف أو الثامنة وخمس وثلاثين). كنت أعلم مسبقًا بالموعد وأعرف الرصيف، ولكن وقتها (كان ذلك عام 1992) وبسبب مشاكل الجيش الأيرلندي IRA قد يتغير رقم الرصيف. كانت محطة بادنقتون الأكبر في بريطانيا ويستخدمها 3 مليون مسافر يوميًّا، والشاشات التي أتحدث عنها هي نفس تلك الشاشات التي نجدها في المطارات العالمية والتي يظهر عليها الوجهة ورقم الرحلة والموعد والبوابة …إلخ.

كنت قد جئت إلى لندن صباحًا ولأنني طالب فلا يحق لي السفر إلا بعد الساعة الخامسة عصرًا، لأن التذكرة مخفضة وتكلفني 34 جنيهًا استرلينيًّا، وفي الصباح أسافر بعد الساعة التاسعة لأن التذكرة العادية تكلف ستا وسبعين جنيها، وتخول المسافر من إكستر السفر قبل التاسعة والرجوع قبل الخامسة.

ظهر رقم الرصيف المعتاد (5) ومشيت ومعي بعض البريطانيين متجهين إلى القطار، كانت الساعة الثامنة وسبع وعشرون دقيقة. دخلنا في القطار ولم يك العدد كبيرًا، وقبل أن نجلس على مقاعدنا فإذا بالمسؤول يتحدث قائلًا: الرجاء التوجه إلى الرصيف رقم (8) فهناك مشكلة فنية في القطار ونعتذر منكم ولكم. خرجنا وتوجهنا إلى الرصيف المذكور وتهادى القطار متجهًا إلى إكستر الساعة الثامنة واثنان وأربعون دقيقة، وهذا يعني تسع دقائق تأخير عن الموعد المحدد، فإذا بالكمساري يمر على الركاب وأنا منهم ويوزع علينا نموذج شكوى ضد شركة القطارات.

وصلت إلى إكستر وكان في استقبالي أخي وصديقي الدكتور نزار صبري من العراق والذي يعيش في بريطانيا منذ عام 1978، وسألني عن سبب التأخير فأخبرته، ثم سألني إن كان معي نموذج شكوى، فأخذه مني لأنه يعلم أني لن أتقدم بشكوى، فأنا تعودت على التأخير لساعات ولا فائدة من الشكوى ضد المؤسسات الربحية.

بعد يومين زارني صديقي نزار ومعه رسالة اعتذار من شركة القطارات وتذكرة مجانية ذهابًا وإيابًا من وإلى إكستر.

– دلفنا سعد عصفور (صديقي من الأردن) وأنا إلى مطعم لتناول الغداء وجلسنا على الكراسي وبيننا الطاولة، جاءنا صاحب المطعم (كنت أعرفه واسمه كريس Chris) وحياني فرددت التحية بأحسن منها، وسألنا ماذا نرغب في أن نأكل، فقلنا: بيتزا.

بعد عدة دقائق أحضر لنا البيتزا ووضعها على الطاولة ودفعت الثمن أربعة جنيهات وتسعة وتسعين بنسا عـدًّا ونقدًا. تناول كل واحد منا قطعة مثلثة من البيتزا ثم قال سعد: (البيتزا مش زاكية) مزاجه صعب في الأكل، فناديت كريس وقلت له أن البيتزا لم تعجب صديقي فأخذها وذهب إلى المطبخ وعاد بعد دقائق يحمل بيتزا أخرى، وتمنى لنا غداءً هنيئًا.. تناول كل واحد منا قطعة مثل السابق وحدث ما حدث قبلا: البيتزا مش زاكية.. قلت له: تحدث إلى كريس بنفسك فناداه وأخبره بأن البيتزا لم ترق إلى ذائقته العليا، فما كان من كريس إلا أن حمل البيتزا وذهب إلى المطبخ وعاد وبيده 4 جنيهات وتسعة وتسعون بنسًا وأخذ يعتذر أن البيتزا لم تناسبنا.

تذكرت تلك الحادثتين هذا اليوم عندما وصلتني مُـسَوَّدة أو مُـسْـوَدة لائحة حقوق المسافرين الجديدة والتي على ما أظن نُـشرت لإبداء المرئيات.

يقول المثل: لا تقل فول حتى تحط بالعدول.

العبرة بالتطبيق أو عندما ( تَـبْـيـَـضُ) (المسودة).

عمتم مساءً

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى