إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

تفسير الأوهام

علي عويض الأزوري

الاسم: نويصب بن كويذب

المهنة: تفسير الأحلام

المؤهلات: لحية وحفظ بعض الآيات والأحاديث

كنت أشاهد تقريرًا عن تفسير الأحلام ومفسريها على قناة الإخبارية، ومما ذكر في التقرير أنهم يلبسون عباءة الدين لتحقيق مبتغاهم والتلاعب بعواطف المتصلين والسائلين.

قال صديقي: “العجز عن تفسير الواقع أدى للجوء الناس لتفسير الأحلام”

الأحلام أكثر أمانا للتفسير  Dreams are safe to interpret.

ولا تحتاج لتقديم أي دليل They also require no proof.

الأحلام مرتبطة بالنوم.. الواقع مرتبط باليقظة.

بدأ تفسير الأحلام بشكل مكثف بعد أن رحلت الجن من حياتنا، فالأغلبية يعلمون أن الجن والمس والعين والحسد كانت مصاحبة لفترة ما يسمى (الصحوة)، فهي أدوات فاعلة استطاع كثير من رموز وجهال وسفهاء وأدعياء الدين في تلك الفترة أن ينفذوا منها إلى ذهنية الغالبية في المجتمعات الإسلامية، وعلى الأخص في مجتمعنا.

وانتشرت القنوات الفضائية التي أصبح همها الأول والأخير: تفسير الأحلام، وجني الأموال الطائلة، وتسيير المجتمع في طريق لا نهائي من الوهم.

أذكر أحدهم، وأحتفظ باسمه لنفسي (لئلا يرفع دعوى تشهير ضدي)، أنه كان يظهر بشكل يومي ولساعات على قناة فضائية يفسر أحلام التائهين، وبعد أن تم منع تلك البرامج فإذا به يغير تخصصه إلى استشاري تغذية، لكنه واصل الرقية وتفسير الأحلام على قنوات التواصل الاجتماعي، ويملك إبلا تقدر ثمنها بملايين الريالات.

ليست مبالغة إذا قلت أن ثرواتهم بالملايين -وبطريقة سهلة ومضمونة- لأنه وباعترافهم  وتكشف أرقام نشرها بعض المختصين عن تلقي إحدى القنوات التي تقدم خدمة تفسير الأحلام 12000 رسالة جوال في اليوم الواحد وقيمة الرسالة 25 ريالا (6.6 دولارات). فيما يقول المفسر المعروف يوسف العصيمي أنه يتلقى أكثر من 800 اتصال يومي من أشخاص يطلبون تفسير أحلامهم.

( 12000×25=300000 ريال، و 800X20=16000 ريال).

هذه قناة واحدة، ولو افترضت أن هناك 10 قنوات فالدخل يوميا 3 ملايين ريالا (ريال ينطح ريال)، ولو افترضت أن نصيب المفسرين 30% فذلك يعني مليون ريال تقريبا يوميا، وأكمل فرضياتي أنهم 10 فهذا يعني 100 ألف في اليوم أي أن دخل الشخص الواحد منهم شهريا 3 ملايين.

ولتفسير تلك الظاهرة يتوجب أن نتعرف على ما هي الأحلام من نواح غير دينية:

يعتقد سيغموند فرويد أن الأحلام تمثل الرغبات والأفكار والتحقق من الرغبات والدوافع اللا واعية. ويعتقد فرويد أن الناس يتحكمون في الرغبات المكبوتة واللا واعية، مثل الغرائز العدوانية والجنسية.

تختلف الآراء حول أسباب حدوث الأحلام، ولكن يمكن أن تحدث الأحلام بسبب العديد من الأسباب، مثل تناول بعض الأطعمة قبل النوم، والشعور بالتعب والإجهاد، والشعور بالحزن أو الصدمة من شيء معين، أو الخوف من أمر ما يؤدي إلى حدوث كوابيس تتعلق بتلك الأمور.

بينما يعتبر الدكتور سعد المشوح أستاذ الصحة النفسية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض أن الضغوط الاجتماعية المتزايدة والمشاكل الاقتصادية هي السبب وراء انجراف النساء خلف الأحلام، متهمًا الكثير من الذين يتصدون لتفسير الأحلام بالكذب والدجل واستغلال حاجة الناس لهم.

ويقول: ازدياد اهتمام الناس بالأحلام وتفسيرها، وخاصة النساء هي محاولة منهم للهروب من الواقع إلى الأحلام. يعاني الناس من مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة لهذا يأملون أن تكون أحلامهم أفضل. ضغوط الحياة وصعوبتها تسبب في انجراف النساء إلى عالم الأحلام والاهتمام بها على أمل أن يكون فيها ما يعوضهم عن واقعهم، إضافة إلى أن في تفسير الأحلام وازع ديني على اعتبار أن الرؤية جزء من أجزاء النبوة، ولهذا يتمسك الناس بها.

ويتهم المشوح غالبية مفسري الأحلام بالكذب وخداع الناس من خلال استغلالهم ماديا: هناك استغلال بشع وكثير لانجراف النساء خلف تفسير الأحلام، وللأسف كثير منهم دجالين ومشعوذين، فبعد إغلاق قنوات الدجل والشعوذة والتضييق عليهم من قبل الحكومات لجأ هؤلاء المشعوذون إلى باب تفسير الأحلام.

وهناك أربع نظريات تتعلّق بالأحلام:

1- النظرية الفرويدية: التي تقول إن الأحلام تكشف الحقائق المدفونة عن النفس.

2- نظرية حل المشاكل: التي تقول إن الأحلام تساعدنا للعمل على حلّ مشكلاتنا حين ننام.

3- نظرية التعلم: التي تقول إن الأحلام هي وسيلة لمعالجة الأحداث التي جرت أثناء النهار.

4- النظرية العشوائية: التي تقول إن الأحلام هي هلوسة واضحة تنتج عن قيام الدماغ بمحاولة تفسير ذبذبات عشوائية.

قال الدكتور عبد العزيز الدخيل، أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود، لنشرة الرابعة على العربية: “إن مَنْ يعمل في تفسير الأحلام هدفهم ابتزاز النساء واستغلالهم للكسب المادي، كون المرأة تعتبر أكثر من الرجل بحثًا عن تفسير أحلامها”. ولفت الدخيل إلى أن هذه فئة من مدعي تعبير الرؤى خطر على الدين وعلى سمعة المتدينين، خصوصًا أن منهم من استغل تفسير الأحلام في ابتزاز النساء ماديًّا وجنسيًّا.

ما ذكره الدكتور الدخيل أن البعض منهم هدفه ابتزاز النساء ماديًّا وجنسيًّا يجب التوقف عنده، فهذه الجزئية خطيرة فالاستغلال المادي يمكن فهمه (وتحبون المال حبًّا جمًّا)، ولكن جنسيًّا تلك جريمة يتوجب على الجهات المسؤولة متابعتهم وإيقاع أشد العقوبات بهم لأن فيها انتهاك لأعراض الناس بالدين.

أنتقل الآن إلى جزئية أخرى لا تقل خطورة عن الجزئية السابقة حيث يقول محمد الحمد (مفسر أحلام): في العامين الماضيين ارتفع عدد الرجال بشكل كبير وتحديدًا ممن يعملون في العمليات التجارية، وعالم المال والأعمال، وعمليات البيع والشراء اليومية، سواء في البورصة أو العملات أو غيرها.

بينما تلقى المفسر محمد الحمد خلال شهر واحد فقط 268 اتصالًا من سيدات أعمال يستفسرن بخصوص تجارتهن وكذلك عن أزواجهن خوفًا من أن يكون لهن ضرة.

لجوء بعض رجال وسيدات الأعمال لمفسري الأعمال ظاهرة يتوجب دراستها، فإذا كان هؤلاء ممن يملكون الملايين يلجؤون إلى مفسري الأحلام، دليل على أن الثغرة التي تحدثت عنها في مقال سابق -نُشِر في صحيفة هتون- ليست قاصرة على البسطاء، وإنما تشمل من هم متعلمون، والبعض منهم درسوا وتخرجوا من جامعات غربية لا تؤمن بمثل هذه التُّرَّهات التي تسود مجتمعاتنا، وفي ظني غير الآثم أن لجوءهم لهؤلاء الذين وصفهم الدكتور المشوح بالكذب والدجل بسبب ضعف مكتسباتهم العلمية، وضعف معرفتهم بالمجال الذي يعملون به، فيرجعون السبب في حال الخسارة إلى إرادة أقوى وترديد عبارة (قدَّرَ الله وما شاء فعل)، وفي حال المكسب يكثرون من الأحلام لأنها طريق سهل لكسب المزيد من الأموال ولو معنويًّا. هنا يأتي تغييب العقل والمنطق، فالتجارة لا تعتمد على الأحلام، وإنما على معطيات، منها العرض والطلب.

هذه الظاهرة السائدة تحتاج إلى دراسة عميقة ووضع قوانين وضوابط، وتنقية الساحة من الكذابين والدجالين والمشعوذين، لأن انتشارهم في عصر الثورة التكنولوجية يسبب تغييبًا أبديًّا للمجتمع.

وآخرًا وليس أخيرًا أو العكس.. فقد قررت أن أُصبح مفسر أحلام باستخدام الذكاء الاصطناعي، والنتائج مضمونة.

اتصلوا لتحصلوا على مرادكم.

هناك تخفيض للسيدات ورجال الأعمال (تفسير حلم بمقابل وحلمين مجانًا)

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى