إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

والذكريات (4)

على عويض الأزوري

كنت أقرأ مجلة (المختار) في بداية الثمانينات ميلادي، والمجلة تختار مقالات ومواضيع من الريدرز دايجست النسخة الأمريكية والبريطانية، والمواضيع في شتى المعارف وشيقة ومفيدة وثرية ومختلفة. 

قرأت عن الدول الاسكندنافية: (السويد، والنرويج، والدنمارك، وفنلندا). استهوتني فكرة السفر لهذه الدول لا سيما السويد فهي أول دولة (آنذاك) في التعليم حيث دفنت آخر عجوز أمية في 1978، وأعلى دولة في دخل الفرد وفي الصحة. حصلت على التأشيرات من قنصلية السويد، ومن العجيب أن تأشيرة السويد كانت محددة في نموذج الطلب، بمعنى أن المسافر يحدد مدة إقامته وعلى أساسه تصدر الفيزا له.

غادرت مطار جدة في مارس 1982 على طيران SAS (الخطوط الاسكندنافية) متوجها إلى ستوكهولم أو شتوكهولم -كما ينطقها السويديون- وزمن الرحلة ست ساعات. لما حطت الطائرة في المطار وانتهيت من إجراءات الجوازات خرجت إلى الصالة الكبيرة للمطار وبها لوحة تضم جميع فنادق ستوكهولم وأمام اسم كل فندق صورة له توضح مكانه وإطلالته، وأمام صورة الفندق أنواع الغرف ومحتوياتها وأسعارها، وأزارير مكتوب عليها أسماء الفنادق، فما على السائح إلا أن يختار فندقا ويضغط على الإزرار ويتم حجز غرفة له وهو في المطار. اخترت أحد الفنادق واسمه بارك Park؛ لأنه يطل على حديقة، واتصلت وأعطيتهم اسمي فأخبروني أن هناك سيارة في طريقها إلي؛ وعلي الانتظار خارج المطار، وما هي إلا دقائق وإذا بسيارة مرسيدس 600 خضراء اللون تقف أمامي ونزل منها سائق يلبس زيًّا أخضر وقبعة خضراء، وسألني إن كنت علي الأزوري.

قلت: نعم

قال: تفضل، وفتح الباب الخلفي.

قلت له: هل أنت متأكد؟

قال: هل حجزت غرفة في فندق بارك؟

قلت: نعم

قال: تفضل بالركوب

قلت وأنا غير مصدق: هل أنت متأكد فهذه السيارة لا أراها إلا في التليفزيون وهي مخصصة للرؤساء والملوك

قال: تفضل. 

ركبت في المقعد الخلفي وشعرت أنني دخلت التاريخ لأنني أركب سيارة يركبها الزعماء والرؤساء.

عندما وصلت إلى الاستقبال كان كل شيء معد لي ولم أتكلف عناء السؤال عن شيء سوى أن قمت بالتوقيع على شيكات سياحية عن مدة الإقامة، وسألوني إن كنت أرغب في القيام بجولات سياحية، وناولوني كتيبا يضم أبرز المعالم التي ينصحون بزيارتها في العاصمة ستوكهولم، وأبلغوني انه يمكنني الحجز يوميًّا أو بإمكانهم ترتيب رحلات يومية تبدأ من الصباح وحتى السادسة مساءً.

ومن الأماكن التي زرتها:

– متحف سكانسن Skansen، وتسنى لي التمتع بركوب الفونيكولار أو ما يُعرف بالقطار الجبلي المائل، والذي يصل إلى أعلى قمة جبل سكانسن.

– زيارة آلة الزمن حيث يمكنك من خلال زيارة هذا الفرع من المتحف ان تشاهد كيف تطورت طريقة عيش السويديين على مر 3 قرون كاملة، ستبدأ الرحلة سنة 1720.

– زيارة المتحف البيولوجي: هذا المتحف يُعد واحدًا من أهم معالم متحف سكانسن المفتوح، وذلك لما يحتويه من لوحات فنية ذات قيمة وجمالية عالية.

– قصر ستوكهولم الملكي: هو المقر الأساسي لملك السويد، وبه متحف غوستاف الثالث الذي يضم تحفًا نادرة.

– مبنى نوبل: وبه تقام احتفالات تسليم جوائز نوبل في مختلف المجالات ما عدا جائزة السلام، والمبنى فخم في بنائه وديكوراته؛ يوجد قاعة للاحتفال وأخرى لتناول المشروبات بعد تسليم الجوائز.

ولفت نظري وأنا أتجول في إحدى الحدائق، طاولات للشطرنج من نوع مختلف، الرقعة مرسومة بشكل كبير على الأرض، واللاعبان يقفان متقابلين ويحركون أحجار الشطرنج وهما واقفان، والمشاهدون يجلسون على كراسي تحيط بالرقعة من الأربع جهات.

كنت تقدمت بتأشيرة لمدة أسبوعين وقبل انتهائها بيوم غادرت الفندق إلى المطار، والعجيب أنه عند وصولي عند مكتب الجوازات كي يضعوا ختم الخروج قالوا لي توجه إلى بوابة المغادرة فليس لدينا ختم للمغادرة.

عجبي على السويد!. 

والذكريات تتوالى.

بقلم/ علي عويض الأزوري 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى