إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

إجادة .. والمخالفات

علي عويض الأزوري

نفيدكم برصد المخالفة رقم: 4/3/16 للرخصة رقم 000000000 الصادر من أمانة … بلدية … لنشاط خدمات الرخص الإنشائية المهلة المحددة للتصحيح: 7 يوم/ أيام. يجب إنهاء الملاحظة وتصحيحها لتجنب إيقاع مخالفة عند الزيارة القادمة. للاطلاع على الملاحظة يرجى زيارة الرابط التالي:

تم اصدار مخالفة بقيمة 10000 ريال لرقم الرخصة 000000000 الصادر من أمانة ….

—————————————————————————–

الرسالة السابقة وصلت لصديق يوم الثلاثاء 27 يونيو 2023 أي يوم الوقوف بعرفات، وكان زمن الرسالة الساعة 3:14 مساءً، والمخالفة لوجود مخلفات بناء في الموقع الذي بدأ صديقي ببنائه ليكون استراحة يستثمرها لمستقبل أبنائه. وصباح الأربعاء 28 يونيو الساعة 3:08 صباحا (صبيحة عيد الأضحى) وصلته رسالة أخرى من منصة إيفاء تفيد بقيد مخالفة رقم 000000000 في المنصة الوطنية للمخالفات عبر وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بإجمالي 10000 ريال (عشرة آلاف ريال) وكلما حاول صديقي الاعتراض على موقع بلدي تظهر له صفحة بيضاء (من غير سوء)، ولم يستطع تسجيل اعتراضه.

ليس صديقي الأول ولا الأخير الذي تطبق عليه المخالفة من جهة رسمية يفترض منها أن تقدم المساعدة أولا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتتمكن من الدخول في عالم المنافسة والمساهمة في بناء الاقتصاد المحلي.

كان في السابق وقبل إيجاد (إجادة) تقوم الأمانات والبلديات التابعة لها بزيارة للمنشآت سواء كانت مطاعم أو مقاهي وغيرها وعند وجود مخالفة يتم طلب صاحب المنشأة ويؤخذ عليه التعهد بإزالة أو إصلاح ما يراه المراقبون أنه مخالف للأنظمة، وإذا لم يمتثل وبقيت الحال على ماهي عليه يتم مخالفته بمبلغ لا يتجاوز الألف ريال وأحيانا يصل إلى ألفي ريال.

بحثت عن (إجادة) والهدف من (إيجادها) ولماذا هذه المبادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، فكانت الإجابة من الوزارة:

إحدى مبادرات وزارة الشؤون البلدية والقروية للتحول البلدي الهادفة إلى تطبيق أفضل المعايير المهنية في مجال الرقابة البلدية، وتعد مشروعًا وطنيًا رياديًا يهدف لرفع التزام المنشآت الغذائية ومنشآت الصحة العامة والتجارية بالضوابط والاشتراطات النظامية.

وتضمنت رسالتهم: رسالتنا تحسين رضا المستفيدين وتعزيز الثقة في الخدمات المقدمة من المنشآت الغذائية ومنشآت الصحة العامة والتجارية أيضًا الارتقاء بالمستوى الرقابي للخدمات البلدية والمساهمة في تحسين جودة الحياة في مدن المملكة وإشراك أفراد المجتمع بالتوعية لتوفير بيئة حضرية ذات معيشة صحية لقاطنيها.

أهداف البرنامج:

– رفع فعالية وكفاءة الرقابة البلدية وأعمال التفتيش.

– تطوير مهارات المفتشين حسب المعايير العالمية من خلال إعادة هيكلة الأعمال الرقابية وزيادة فعاليتها حسب أعلى معايير الجودة.

– ضمان للمستفيدين الحفاظ على مستوى عالٍ من الاحترافية والفاعلية في أعمال الرقابة والتفتيش الخاضع لجميع الأنظمة واللوائح والاشتراطات الخاصة.

– رفع مستويات التزام المنشآت بالشروط والضوابط المنظمة للممارسة الأنشطة

– إيجاد مجتمع حيوي وتتماشى مع برنامج تحسين جودة الحياة

– العمل على تعزيز ثقة المجتمع وإشراكهم بالتوعية في الخدمات البلدية ورفع مستوى الرضا مما ينعكس إيجابًا على البيئة المحلية بوجه عام.

– ضمان اطلاع أصحاب المنشآت على توثيق مصور لجميع الملاحظات المرصودة وحق الاعتراض عبر القنوات الخاصة بذلك.

تلكم هي إجادة ورسالتها وأهدافها، ولكن:

أوصت اللجنة التنفيذية لتحسين أداء الأعمال في القطاع الخاص “تيسير” في اجتماع عقدته في 31 مايو 2023م، بقيام اتحاد الغرف السعودية بحصر التحديات التي تواجه أصحاب المنشآت التجارية بشأن المخالفات البلدية، وشركة إجادة والحلول المقترحة لمعالجتها.

وأوصت اللجنة أيضا بتقديم عرض عن نتائج ذلك خلال الاجتماع الدوري للجنة التنفيذية “تيسير”، على أن يتم دعوة الرئيس التنفيذي لشركة “إجادة” لحضور الاجتماع.

يأتي تحرُّك اللجنة بعد تصاعُد شكاوى وانتقادات أصحاب الأنشطة التجارية، خصوصا أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة من آليات برنامج “إجادة”، وانتقادهم للشركة بالمبالغة بفرض المخالفات، وعدم التجاوب أو الاستماع إلى شكواهم، مما اضطر الكثيرَ منهم إلى الانسحاب وإغلاق نشاطاتهم التجارية.

ووفقًا لأصحاب المنشآت التجارية فإن أبرز الملاحظات على المخالفات البلدية وبرنامج “إجادة” تتمثل بعدم وضوح الاشتراطات، ومزاجية بعض المراقبين وتعامُلهم غير الجيد، وضعف برامج التوعية لأصحاب المنشآت، وتوافر مكان واحد فقط للاعتراض، بالإضافة إلى رصد مخالفات غير موجودة في الاشتراطات واللوائح البلدية، وفرض غرامات بدون إنذار مسبق أو تنبيه، وربط المخالفات بمزايا ومكافآت المراقبين. (أخبار 24) بتاريخ 24 يونيو 2023.

الخطاب أعلاه -وحسب بحثي- تم إرساله إلى جميع الغرف التجارية بالمملكة، وأحاول الحصول على نتائج الاستطلاع.

وتحت عنوان: “غرامات إجادة تطرد صغار المستثمرين من السوق السعودي” نشرت جريدة الوطن تقريرًا؛ وأقتطف أجزاءً منه:

بدأت تتصاعد مؤخرًا شكاوى وانتقادات أصحاب الأنشطة التجارية -خاصة أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة- من آليات برنامج «إجادة» وسلوكيات وتعامل بعض مراقبي البلديات معهم، والمبالغة في مبالغ الغرامات المفروضة عليهم، وعدم التجاوب أو الاستماع إلى شكواهم، مما اضطر الكثير منهم إلى الانسحاب وإغلاق نشاطاتهم التجارية.

معاناة متواصلة:

وجه أحد أصحاب الأنشطة التجارية (فيصل بن راكان بن حثلين) رسالة إلى وزارة التجارة قال فيها: «تشوفون عملية خروج الكثير من المواطنين من السوق بشكل نهائي يزيد، والمشاكل مع وزارة التجارة والزكاة كل يوم تزيد، والأعداد التي خرجت من السوق كبيرة جدًّا وخاصة التجارة المتنوعة، والآن السوق فقط مقهى أو مطعم”.

وأضاف: “هناك مشكلة في البلديات، وغير منطقي مخالفة محل في الخفجي صغير جدًّا (20000 ريال) ومحل كبير جدًّا يدخل ملايين في الرياض (20000 ريال) قيمة المخالفة؛ يجب أن تكون على دخل المحل ومنطقة المحل التجاري وإلا إذا استمر الوضع كذا راح تشوف الكثير والكثير من المحلات للتقبيل”. وقد رأينا وقرأنا خروج الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة من السوق.

مراجعة الاشتراطات

قال سالم بن محمد العيدي: “أنا أشوف ما عملته الدولة فرصة على طبق من ذهب للسعوديين من حيث الرقابة والتستر: السعودي يجب أن يستغل هذه الإجراءات مستقبلًا للإحلال بدل الأجانب: وداعًا للفوضى ويجب علينا أن لا نلتفت لمن يمرر الإحباط في قلوبنا”. وشدد هزاع الرويلي قائلًا: “المشكلة مراقبين البلديات والعمل والتجارة كأنك عدو لهم خطأ بسيط غرامة عشرين ألف (ريال) غرامتين بالسنة تروح تشحذ”.

يشار إلى أن مجلس الوزراء أصدر في وقت سابق قرارًا يقضي بمنح وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، صلاحية وقف تطبيق جزاء بعض المخالفات البلدية والاكتفاء بتنبيه المخالف للمرة الأولى؛ لكن الملاحظ في ظل ارتفاع الشكاوى أن التنبيه قد لا يكون واقعًا بالقدر المأمول فلا يتم تنبيه المخالف. رغم أن الوزير ماجد الحقيل، أكد عند صدور القرار أن القرار سينعكس على رفع مساهمة القطاع الخاص في تنمية المدن ومراعاة رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وأضاف الحقيل حينها أن القرار يؤكد على أن الهدف من فرض العقوبات هو رفع معدلات الامتثال.

أبرز الملاحظات على برنامج إجادة والمخالفات البلدية:

– عدم وضوح الاشتراطات

– ضعف برامج التوعية لأصحاب المنشآت

– توافر مكان واحد فقط للاعتراض

– رصد مخالفات غير موجودة في الاشتراطات واللوائح البلدية

– فرض غرامات بدون إنذار مسبق أو تنبيه

– ربط المخالفات بمزايا ومكافآت المراقبين

الفقرة الأخيرة تعكس وتوضح أن (إجادة) ومراقبيها لديهم صلاحيات مطلقة، وربط المخالفات بمزايا تحددها الوزارة ومكافأتهم، فهذا يعني تسلط إداري لا يكبحه أحد، والسؤال: هل معالي الوزير ماجد الحقيل، وأيضًا المعنيين بالأمر، يعلمون بتسلط المراقبين، أم أنهم منحوا لهم تلك المزية فاستخدموا ذلك برصد وتسجيل المخالفات؟

لا يتوفر معلومات عن دخل وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان من المخالفات التي ترصدها وتسجلها (إجادة) لكنني افترضت أن هناك عشرة آلاف مخالفة في السنة (وفي ظني غير الآثم أنه رقم متواضع) وقيمة المخالفة عشرة آلاف ريال فهذا يعني أن الدخل سنويًّا يصل إلى مئة مليون ريال (وأزعم أن المبلغ يفوق ذلك بصفر أو صفرين).

إن كان الوزير الحقيل والمسؤولين في الوزارة لديهم علم ودراية بتقديم المخالفة على التنبيه من قبل (إجادة) فتلك مصيبة، وإن لم يكن يعلم فالمصيبة أعظم.

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى