إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

مواقف.. والمواقف

علي عويض الأزوري

هبطتُ إلى البندر يوم السبت 19 أغسطس 2023 لشراء بعض الفول والصامولي. أوقفت سيارتي في المواقف التي تقع غرب مسجد عبد الله بن عباس -يرحمه الله- في الطائف. وقفت أمام الماكينة لأدفع مبلغ الوقوف؛ وضعت ريالين، فظهر رسالة أن النقود ليست كافية، ثم وضعت ريالًا آخر فبدأت في طباعة التذكرة.

كان هناك (ستيكر) مكتوب عليه: 2 ريال الأجرة للساعة، ومعلومات عن الأوقات الخاضعة للأجرة، ثم معلومة مكتوبة بالأحمر تفيد أن أجرة الوقوف ستخضع لضريبة القيمة المضافة 15%.

قمت بحساب الضريبة المضافة على الريالين وكانت كالتالي:

200 هللة ضرب 15 تقسيم 100 يساوي 30 هللة أي ستة قروش، وعليه تكون أجرة الموقف للساعة (ريالان وستة قروش).

وأنا في طريقي إلى محل الفول قابلت أحد العاملين بشركة مواقف وبيده الجوال يصور السيارات المخالفة وبادرته بالسؤال: كم أجرة الموقف؟ قال لي: الساعة ريالان ونصف الريال، أي ريالان وعشرة قروش.

شركة مواقف في هذه الحالة تأخذ أربعة قروش على الساعة بدون وجه حق، وبدأت أضرب أخماسًا بأسداس في رأسي، وافترضت أن هناك مليون شخص في مختلف مناطق المملكة ممن يقفون يوميًّا لمدة ساعة واحدة ويدفعون ريالين ونصف الريال.

مليون ضرب 4 قروش تقسيم 20 يساوي 200000 ريال يوميًّا، ضرب 300 يوم (حسمت أيام الأعياد وأيام الجمع لأن الشركة أثابها الله كتبت على نفس الاستيكر أن الوقوف مجاني أيام الجمعة؛ عملا بالآية الكريمة (إن الحسنات يذهبن السيئات)، فيكون المبلغ الإجمالي ستون مليون ريالًا (ريال ينطح ريال) سنويًّا.

وأخذني تفكيري الاقتصادي إلى منحى آخر: ماذا لو كان هناك 100 ألف لا يملكون نصف ريال ويدفعون مثل ما دفعته، فتكون الشركة قد أخذت منهم 14 قرشا 14 ضرب 100000 يساوي مليون وأربعمائة ألف قرش تقسيم 20 يساوي سبعون ألف ريال يوميًّا، ولكم أن تحسبوا الإجمالي سنويًّا.

هل تعلم الأمانة بذلك؟ سألتني نفسي الأمَّارة بالسوء، وكانت إجابتها: نعم.

لماذا لا تقوم الأمانات بمبادرة عالمية رائدة وتكون سباقة لحل مشكلة الأربعة قروش التي تأخذها بدون وجه حق؟

وكيف ذلك؟

تستطيع الأمانات تصميم آلة تعتمد على البصمة عند دفع النقود، وتلك الزيادة تكون رصيدًا للمواطن أو نقاطًا تحسب له تراكميًّا، ليستعملها عند الوقوف مرة أخرى، وبذلك يكون دخل الشركة نقيًّا من أي شوائب.

ويظهر أحدهم ويقول: لماذا لا تستخدم الجوال وتدفع عن طريق التطبيق؟

فكرة جيدة.. لكن هناك مئات الآلاف ممن لا يعرفون كيفية استخدام التطبيق إما لكبر سنهم وإما لجهلهم بذلك.

موقِفٌ آخر حصل لي قبل سنة عندما هبطت إلى مكة المكرمة لمقابلة ابن صديق لي من الأردن؛ جاء لتأدية العمرة، وكان يسكن في فندق لا يبعد كثيرًا عن شارع منصور. بحثت عن موقف لسيارتي فلم أجد إلا على بعد 3 كيلومترات عند أحد المساجد الصغيرة في داخل الحي. أوقفت سيارتي وبحثت عن رقم للموقف فلم أجد وعن ماكينة فلم أعثر على واحدة إلا لوحة يظهر فيها (ونشا) وسيارة مُعلقة في رافعته، وعندما عدت وجدت أن سيارتي (مكلبشة) وورقة على زجاج سيارتي برقم الشركة فاتصلت وقبل أن يرتد إليّ طرفي وصلت سيارتهم وبدأت في الاحتجاج لدى الموظف الذي لا يملك حلا (عبد مأمور) ولا يعرف جوابا غير: ادفع لنخلصك من هذه الورطة، ودفعت مرغمًا مئتين وريالين، ورفعت يدي للسماء ودعوت الله مخلصًا أن يوفق الشركة وأن يرزقها رزقًا حلالًا طيبًا غدقًا، وأن يكون حجهم مبرورًا وذنبهم مغفورًا.

سألني أحد الأصدقاء: لماذا لا يقوم المواطن برفع مخالفات على الأمانة والشركة أسوة بما تفعله الشركة والأمانة؟

فأجبته: إن الشركة والأمانة (أنثى) والمواطن (ذكر) (وليس الذكر كالأنثى).

بقلم/ علي عويض الأزوري

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى