إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

معالي العلم والتواضع الجمّ

علي عويض الأزوري

اتصلتُ به بعد صلاة المغرب ورن الجوال عدة مرات ثم ظهرت نغمة مشغول؛ وصلتني رسالة نصية بعدها منه Can I call you later؟ هل يمكنني الاتصال بك لاحقا؟، نعم، كانت إجابتي.

كانت الساعة التاسعة وأنا أجلس في الصالة أشاهد التلفزيون عندما رن الجوال وظهر المتصل: معالي الدكتور/ عبد الله بن سالم المعطاني.

معالي الدكتور/ عبد الله – نائب رئيس “مجلس الشورى السعودي” بمرتبة وزير منذ 1 يونيو (حزيران) عام 2018 إلى أكتوبر 2020. وهو عضو المجلس العلمي في “جامعة الملك عبد العزيز”، وشغل منصب المشرف العام على “هيئة حقوق الإنسان” بمنطقة مكة المكرمة، وعضو اللجنة الدائمة للترقيات العلمية في “جامعة الملك عبد العزيز”، وشغل فيها أيضًا منصب وكيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ورئيس قسم اللغة العربية، ورئيس لجنة مناهج اللغة العربية لمتطلبات الجامعة، وعضو لجنة الدراسات العليا، وعضو هيئة تحرير مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

شغل أيضًا منصب مستشار ثقافي في “الملحقية السعودية بلندن” وعضو مجلس إدارة “النادي الأدبي الثقافي بجدة”، وعضو لجنة تحكيم كل من “جائزة أبها” لعدة مرات، و”جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري” عام 1992، وعضو اللجنة الثقافية والإعلامية في “غرفة جدة”.

وكان أستاذًا زائرًا بقسم الدراسات الشرقية في “جامعة إنديانا” في الولايات المتحدة الأميركية عام 1992، وأستاذ موفد بقسم الدراسات الشرقية في “جامعة واشنطن” في سياتل، بين 1995 و1996، وعضو المجلس التنفيذي في “مركز الدراسات الأندلسية وحوار الحضارات” في الرباط، المملكة المغربية، ومستشار ثقافي في “البنك الإسلامي للتنمية بجدة”.

حاصل على دكتوراه في النقد الأدبي عام 1984 من قسم الدراسات العربية في “جامعة اكستر”، المملكة المتحدة، وماجستير في النقد الأدبي عام 1977 من “جامعة الملك عبد العزيز” ، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة ذاتها. له مؤلفات عدة في الشعر والنقد الأدبي.

بادرته بالسلام فرد التحية بأحسن منها ثم اعتذر مني بأسلوب يليق بمكانته وعلمه وأنه لم يتمكن من الرد بسبب وجوده في مناسبة. تجاذبنا أطراف الحديث يمنة ويسرة وشمالًا وجنوب غرب. قال لي أنه كان يعاني من نزلة برد وزكام فألقيت على مسامعه أبياتي التي كتبتها عن الزكام قبل 40 سنة:

قالوا صف لنا الزكمة

واجعل وصفك كم كلمة

قلت لبئس الداءُ …

تسدُ النفس عن النعمة

تعاف الشرب تعاف الأكلَ

تعاف الرز مع اللحمة

وأدهى من ذاك وهذا

تعاف النوم مع الحرمة

ضحك في وقار وقال: البيت الأخير هو لب القصيدة وزبدتها. تجولنا في أروقة الحديث حيث كان يترك لي المجال لأتكلم على سجيتي فهو يعلم أنني ثرثار بدرجة خبير ومستشار.

تعرفت على الدكتور/ عبد الله في مدينة العين في الإمارات العربية المتحدة (ولذلك قصة سأكتب عنها يومًا ما). كان ذلك في عام 1406 هجري حيث كان رئيس وفد جامعة الملك عبد العزيز المشارك في المهرجان الثقافي والفني الثاني لجامعات الخليج، وكنت ضمن وفد جامعة أم القرى. تقابلنا في الفندق الذي يسكن فيه رؤوس الوفود المشاركة وجرى بيننا حديث مقتضب ذو مساحة لحوالي الساعة. توالت السنون والأيام والساعات والثواني ودعاني الصديق الأنيق رجل الأعمال الدكتور/ محمد بن مطلق المطلق، لمصاحبتهم تلبية لدعوة من رجل أعمال آخر في جدة حيث كان والده (يرحمه الله) ضيف الشرف، وقابلت الدكتور/ عبد الله، بعد غياب دام 36 سنة؛ عرّفته على نفسي وعن لقائنا الأول فابتسم بحفاوة وقال: لا تذكر التاريخ فيظن الحاضرون أننا كبرنا في السن.

سعدت بعدها باتصال من معاليه وأخذنا في التذكر وسألني عن بعض أقاربي الذين تزامل معهم في مختلف مراحل دراسته. كان وما زال أنيقًا في حديثه معي سواء وجهًا لوجه أو على الهاتف. قال لي ليلة البارحة: أتابع واستمع لما تكتب وتسجل وأستفيد من أفكارك؛ يا لتواضع معاليه، فأنا طالب علم وأدب في ساحته وبين يديه، ولا أضاهيه في مكانته العلمية والعملية والاجتماعية.

ذلكم تواضع العلماء النجباء، وسيماء من تسنم ذرى العلم فزاده تواضعًا وإجلالًا. أغبط نفسي كثيرًا على أن لي صداقات عالية في قيمها ومقامها متواضعة في سمتها وسيمائها.

قال لي: سيقوم نادي جدة الأدبي بتكريمي في شهر فبراير، وسيرسل لك النادي دعوة للحضور. كرم ما بعده كرم من معاليه أن أكون من ضمن الحاضرين في ليلة تكريمه.

أخجل من معاملة أناس لي بهذا القدر من الرفعة والسمو، يأسرونني بجمال كلماتهم وتواضع أنفسهم، وتقديمهم وتقييمهم لي بفخر مطلق.

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى