إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عفوا أيها السادة والسيدات

موضي المطيري

قالوها وتناقلوها عبارة لتطوير الذات: (قساوة القلب عند اللزوم قد توفر الكثير من المعاناة الناتجة عن طيبة القلب).

عفوا لسنا معكم في محتواها نحن مع: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، نحن مع: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، نحن مع (ما كان الرفقُ في شيء إلا زانه)، نحن مع: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)؛ لماذا تركنا كل هذا الكلام الذي نص عليه كتابنا وسنة نبينا، لماذا وجدنا تطوير الذات في كلمات جوفاء خرقاء لا تنم إلا عن أرواح شريرة تسعى لتهدم لا لتبني، أين نحن من [الرحماء يرحمهم الله] أين نحن من المرشد المصلح والحكيم الفهيم، لماذا أصبحنا نأخذ من كل عابر كلمة ونظن أنه صاحب الهدي القويم، ولو نظرنا برهة لما حواه كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- لوجدنا فيهما أعظم الدروس في تطوير الذات وعلوم الإنسانيه، إذًا علينا أن نترجل عن صهوة جواد تطوير الذات المزعوم؛ فلا زعامة له في حضور منهج خير الرسل وأفضل كتاب مُنَزَّلٍ من رب رحيم، ألم يرسم لنا طريق تطوير الذات بدقة عندما قال سبحانه وتعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8)} [سورة الشمس 7، 8].

إذًا الحرب والجهاد ليس للآخرين بل مع نفسك، جاهدها بالخير يعم خيرك من حولك، أطلق سراحها للفجور وسوء الخلق يعم ضررها ذاتك وغيرك. إذًا منبع التغيير والتطوير منك وفيك، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ليست المشكلة في طيبة قلب بل في سلوك بشر القلوب الطيبة والرحيمة، صفة من صفات المؤمنين والأنقياء، أما السلوك فهو مكتسب يمكن إصلاحه بالنصح والتوجيه والأخذ بيد صاحبه للخير، ألم يقل الله -سبحانه وتعالى- (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، ثم امتدح أهل الإصلاح والنصح بقوله وإصلاح بين الناس، إذًا تطوير الذات في كتاب ربنا وسنة رسوله هو أن يسلم الناس من لسانك ويدك، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وأن تسعى بنشر الخير وتسد ذرائع الشر، وأن تبدأ بنفسك فتصلح اعوجاهها وتقويمها ثم تقدم المعروف وتأمر به وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وأن تُقرِئَ السلامَ على من عرفت ومن لم تعرف؛ فيعم السلام روحك ومحيطك وينشأ بذلك التآلف والألفة بين البشر، هكذا يكون تطوير الذات أيها السادة والسيدات، أما اعتزل ما يؤذيك فهي نصيحة عقيمة لا يقولها إلا شخص لا تتجاوز حكمته أرنبة أنفه. وفي حديث رسولنا خير دليل حيث قال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، وهذا دليل على فضل مخالطة الناس والاجتماع بهم وأن المؤمن الذي يداخل الناس ويجتمع بهم ويصبر على ما يصيبه من الأذى بسبب نصحهم وتوجيههم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس بل ينفرد عن مجالسهم وينزوي عنهم أو يعيش بمفرده لا يبالي إلا بنفسه وما ينفعه وحده لأنه لا يصبر على أذاهم. وفي الحديث أيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس).

وختامًا: من أراد تطويرالذات فهي بين دفتي كتاب الله وسنة رسوله ولن يبلغ مستواها كتاب دنيوي مهما علا شأن صاحبه، وأنتم أيها العاملون في سلك تطوير الذات افتحوا نوافذ الخير وأغلقوا أبواب الشر، وازرعوا الطريق بعبارات الألفة والترابط لا الفرفة وزعزة النفوس، وابنوا جسور الرحمة والود بين الناس ليعم السلام النفوس والعباد والبلاد.

بقلم/ موضي المطيري – القيصومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى