إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

يا مدهشَ الوجعِ الرُّوحيِّ

أحمد جنيدو

يبكي بنا الأمسُ أمْ يبكي بنا الآتي.

إنَّا أضعنا مفاتيحَ البداياتِ.

نكرِّرُ الموتَ أصنافًا ملوَّنةً،

نعيدُ منْ رحمِ النِّيرانِ جنَّاتِ.

نلوكُ ذاكرةَ الأيَّامِ نبلعُها،

وطعمُها المرُّ آهاتٌ بآهاتِ.

نتوهُ في الخطوةِ الأولى فنلحقُها

نمضي لغايتِنا في نزعةِ الذَّاتِ.

تخبو الحياةُ ولمْ نعرفْ هويَّتَنا،

ضاعتْ حقيقتُنا في كومِ غاياتِ.

الأرضُ تُنكرُنا، والشَّمسُ تفزعُنا،

لنجهلَ القابعَ السَّاهي بمرآةِ.

منْ أنتَ يا كاتمَ التَّلميحِ في صورٍ

ألمْ تجدْ وطنًا إلَّا خرافاتي.

متى قرأتَ الأنا في دفترٍ تلفٍ،

يصنِّفُ القهرَ منْ ركنِ العباداتِ.

نبكي كأنَّ لنا محميَّةً بلعَتْ

أحلامَنا عمرَنا بيضَ الولاداتِ.

كأنَّنا كرةٌ تجري بلا هدفٍ،

منْ قرنِ ثورٍ إلى ذيلِ القناعاتِ.

منْ فوهةِ النَّارِ نبني في دوافعِنا

خرائبًا أثمرتْ لغزَ الدَّلالاتِ.

الآنَ قبلَ سجودِ الإثمِ في زللٍ،

تبخَّرتْ قبلةٌ في عزمِ مأساتي.

العابرونَ على أشلائِهمْ فتحوا

بحارَهمْ، ونسوا إرساءَ مرساةِ.

تعاظموا في فراغِ الوهمِ معجزةً،

تأليهُهمْ لعنةُ الشَّيطانِ والعاتي.

يا صفحةَ اللهِ من وجدانِنا مَسَحَتْ

حروفَها البيضَ أغوتنا مجازاتِ.

نسطِّرُ التِّيهَ عنوانًا وحاضنةً،

لنُرضعَ الطِّفلَ تفسيرَ المآلاتِ.

لذا نربِّي جماعَ الجمعِ في فُرَقٍ،

ويشبعُ الجنسُ إرضاءً لحالاتِ.

يقولُنا ذلكَ العرَّافُ مهزلةً،

تُراقصُ السِّرَّ والوسواسَ ويلاتِ.

يسوقُ خلفَ قطيعِ الذُّلِّ أدمغةً،

نهزُّ رأسًا كأنَّ الحقَّ ساداتي.

عندَ الشُّروقِ خيوطُ الضَّوءِ مسألةٌ

تخفي المسافاتُ أجسادًا لأمواتِ.

تعتِّقُ الصَّبرَ في الحلقومِ تخنقُهُ،

في الصَّوتِ حشرجةٌ أو صمتُ آياتِ.

يا مدهشَ الوجعِ الرُّوحيِّ تألفُنا

نبرُّ فاتحةً ختمَ النِّهاياتِ.

إنَّ النَّواهي ببعضِ الذَّنبِ مشرقةٌ،

ألوانُها كبوةٌ بعدَ الحماقاتِ.

تزوِّرُ الحقَّ في تعفيفِ معبدِها،

ولمْ نصلْ معبدًا بينَ المتاهاتِ.

يا مُطلَقًا في مضيقِ النَّفسِ تشهقُنا

وفي زفيرٍ تعدُّ القيدَ للآتي.

تحارُ بيْ نزعةُ الإصرارِ جاهلةً،

دمعي يسيلُ على قبرِ المسرَّاتِ.

أما عجنتَ دمي بالأرضِ يا سَفَرًا،

تُقلِّبُ القلبَ تحريفَ الحكاياتِ.

قفْ حينَ تستعجلُ الأزمانُ مرتجعًا،

إنَّ الوقوفَ لهُ أمرٌ بميقاتِ.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى