إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

قصيدة “أسايَ”

أحمد جنيدو

من أسايَ الكائنُ الناريُّ يطفو،

وشفاهُ الحبِّ تهفو باردهْ.

لمْلمي هذا الغناءَ الحرُّ،

فالنسيانُ يأتي دفعتينِ،

الموتُ، والموتُ,

وليستْ حالةُ الإتيانِ تبدو سائدهْ.

فاسْألي عنها زماناً،

ألَمُ الأرواحِ دنيا خالدهْ.

شفتيْ أيُّ نداءٍ،

تَعِبَ العشْقُ على صدري خذيني،

فعنائي بغنائي، ودعائي في المسافاتِ،

يناغي دونَ أنْ يدري وصايانا لذاتٍ جاحدهْ.

 

مرهقٌ هذا الفؤادْ.

يلْعنُ الصمْتَ على كينونةٍ،

من بعْدِ أنْ ذاقَ البعادْ.

فرصةُ العمْرِ ستأتي قبلَ أسرابِ الجرادْ.

فاجْلسي خاطرةً،

في الركْنِ نسهو بالحيادْ.

يُوصلُ الماضي بأنغامِ الأنين المستعادْ.

متعبٌ هذا السهادْ.

مرهقٌ هذا الفؤادْ.

في بلاءِ الحظ ِّ يثنيني السوادْ.

في جذورِ الحزنِ أوتادي جمادْ.

تعبي النفسيُّ أنْتِ،

النارُ في الأحْشاءِ ماتتْ واقدهْ.

من أسايَ الهائمُ الإنسيُّ ينمو،

وظلالُ الخوْفِ في الوجدانِ أمٌّ واعدهْ.

يا جياعَ الحبِّ قوموا،

فثوانينا على الأجْراسِ باتتْ جامدهْ.

وخطى المجْهولِ تدنو،

تَبْلعَ النورَ كأفعى، وكرأسِ اليأسِ ساميٍّ،

يطالُ الأفْقَ من ضعْفِ الخطايا الرائدهْ.

من جنوني يُحرقُ الزيتونُ

بين الخوفِ والخوفِ ورودٌ،

وعليهمْ إصبعانِ،

الوقتُ والقبحُ حكاياتُ التي تعرجُ فوق المستقيمِ،

اللومُ كلُّ اللومِ ذاتي حاقدهْ.

مطرُ اللحظةِ فوق الخدِّ محْفورٌ إلى القاعِ،

ويصْطادُ أماني عائدهْ.

عمرُنا التالي يوازي قبحَنا الآخرَ، عودي،

فنداءُ الأرضِ مسموعٌ إلى آخرِ نجْوى بائدهْ.

قدْ مَشَتْ، خطوتُها تَعْزفُ ألحاناً،

بكى النايُ، وغنّى، عادَ يهْذي،

ففتحْتُ الشمسَ مرّاتٍ، فخرَّتْ ساجدهْ.

 

-2-

 

ثورةٌ في الروحِ، آمنْتُ بروحي،

وسقاني الحلْمُ عشْرينَ نداءْ.

فملأتُ الصفْحةَ الأولى بدمْعي،

وعلى الأخرى دماءْ.

ورفعْتُ الأملَ المسجونَ

قبلَ الموتِ نحو الصوتِ،

لكنْ لمْ أجدْ في الدارِ، غيرَ الشيْخِ والباقي نساءْ.

هكذا مثلَ وداعاتِ العصافيرِ

تعودينَ على الموجةِ،

والأنْسامُ في زحْمتِها تشْتَاقُ،

أو تدنو قليلاً، وهْمُها يَكْسَبُ أضغاثَ لقاءْ.

هكذا أفْتحُ قلبي كي تلوذَ الأمُّ،

والطفْلُ سجينٌ في سريرِ النائمِ المجهولِ،

والأمُّ بكاءْ.

رغبةٌ في الروحِ تقتاتُ اشتهاءْ.

هكذا يمتشقُ الصارخُ في وجدانِنا،

يعْكسُ ضوءَ الروحِ فوق الجَسَدِ العاريْ،

ويهوي قمرٌ في وَرَقِ البهْتانِ،

مثْلَ النوْمِ فوق الغيْمِ،

يبكي عن جراحاتِ المساءْ.

عَبَثَ النسرينُ في أسْطحِ أنفاسي،

ليسقي بعبيرٍ من يشاءْ.

أنْتِ هذا السحْرُ،

لا يشْبِهني الخوْفُ ولا قطرةُ ماءْ.

أنْتِ هذا الحلْمُ، لا يشْبِهني الحلمُ،

أنا أرضٌ لأحلامٍ مَضَتْ، والغرباءْ.

قاحلٌ وجْهي كبستانِ زهورٍ،

في انكساراتِ الشتاءْ.

صحوةُ الموتِ أتتْني،

وأنا أحْصي سَرَادِيبَ حياتي،

تائهاً مثلَ رياحِ الضعْفِ تغزو البسطاءْ.

واقفاً كالجَبَلِ العالي أناجي،

من شموخي الأبرياءْ.

جائعاً كالنارِ أشكو الخبزَ في لسعةِ إيقاعي،

يعودُ الوترُ الباكي بشيءٍ،

يشبهُ الظلَّ وأسْمالَ الغناءْ.

ما بنا، طوبى لنا،

يؤسِفُني القوْلَ بأنّي ولدٌ فظ ٌّ،

ومعجونُ الشقاءْ.

ثورةٌ في الروحِ،

لا تأخُذُني نحْوَكِ لحنًا،

فأنا منفردٌ كالنايِ في تلكَ البراري،

ودليلي الكافُ والنونُ، وعَزْمُ الكبرياءْ.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى