توطين الوظائف بين الأرقام والواقع

أعاني من مشكلة أزلية مع الأرقام والتصريحات لأن بعضها لا يتوافق مع ما أشاهده وألمسه في حياتي اليومية.

– أكد وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أحمد بن سليمان الراجحي، اليوم الأربعاء خلال منتدى مسك العالمي، أن لدينا حوالي 12 مليون وافدًا في المملكة، وهم يساهمون إيجابيًّا في الاقتصاد. (منتدى مسك نوفمبر 2018)

– قال الدكتور غازي القصيبي -يرحمه الله- عندما كان وزيرًا للعمل في اللقاء المفتوح بمقر غرفة الرياض: السعودية ليست وكالة توظيف للشرق والغرب، أنا مهمتي أن أجد أعمالًا للشباب السعودي، والمملكة وطن، وظائفه من حق أبنائه.

شتان بين التصريحين للوزير الحالي والوزير السابق يرحمه الله.

– تصريح الوزير الراجحي لم يأخذ في الحسبان مبلغ التريليون ريال الذي خرج من المملكة عن طريق تحويلات للخارج وكان من الأولى بنصف ذلك الرقم الوطن وشبابه. ولا أعرف كيف يساهمون إيجابيًّا في الاقتصاد لأنهم يقومون بتحويل ما يحصلون عليه إلى بلدانهم ولا يصرفون هنا إلا الفتات.

– لا يكتفي نسبة لا يمكن تجاهلها من الوافدين، خصوصًا أصحاب المهن محدودة الدخل بالمرتب الشهري، ويقومون بأعمال إضافية تدر عليهم أضعاف أضعاف الراتب، وذكرت في مقال لي أن أحدهم من دولة عربية يقول إن دخله اليومي ألف ريال.

– في تصريح لوزير المالية (يوم إعلان ميزانية 2024): الاقتصاد السعودي استحدث أكثر من مليون ومئة ألف وظيفة في 2023 منها مئة وثلاثون ألف وظيفة للسعوديين، لكن معالي الوزير لم يخبرنا لمن الوظائف الباقية والتي تقدر ب 900 ألف وظيفة؟

– السماح بدخول العمالة المنتهية تأشيراتها وإلغاء القرار السابق الذي يمنع الدخول إلى المملكة 3 سنوات لمن انتهت تأشيرته الخروج والعودة وهو في الخارج، وجاء القرار بعد مطالبات تقدم بها رجال أعمال في تلك الفترة.

ليست لدي إحصائية عن أعداد تلك العمالة ولكنها تزيد الطين بلة أو العكس، وألاحظ أن بعض القرارات تصب في مصلحة رجال الأعمال والتجار لا في مصلحة الوطن والمواطن والتوطين.

– بلغ إجمالي المواطنين العاملين في القطاع الخاص خلال شهر يناير 2.327 مليون مواطن سعودي، حيث بلغ عدد المواطنين الذكور نحو 1.375 مليون مواطن، فيما بلغ عدد المواطنات السعوديات 952.4 ألف مواطنة، في المقابل بلغ إجمالي المقيمين العاملين في القطاع الخاص 8.72 مليون مقيمًا أجنبيًّا، منهم 8.386 مليون مقيمًا، و339.79 ألف مقيمة فقط.

في التقرير أعلاه يبلغ عدد المقيمين العاملين في القطاع الخاص 4 أضعاف السعوديين.

– لا يوجد بيت في السعودية إلا ويعاني من البطالة وأنا منهم. حصلت أكبر أولادي (بنت) على ماجستير العلوم في إدارة الأعمال من جامعة إدنبرة الأيرلندية + جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بتقدير 4.40 من 5 في عام 2018 وكانت أول دفعة من جامعة الأميرة نورة، ومضى أكثر من سنة وهي لا تعمل. قامت بعمل مقابلات شخصية في بعض مؤسسات القطاع الخاص، والعجيب أن غالبية من يقومون بعمل المقابلات غير سعوديين.

– أتفق جملة وتفصيلا مع ما كتبه م. عماد الرمال، بعنوان (نظام السعودة .. المعطل الحقيقي لنمو الوظائف للمواطنين) ونشر في صحيفة مال بتاريخ 29 مارس 2024 ومما كتب: “لان نظام السعودة المطبق حاليًا باحتساب أعداد الموظفين المسجلين في التأمينات الاجتماعية فقط المقياس المطبق لتقييم السعودة في القطاعات الحكومية والخاصة، واعتماد هذا المقياس لتوجيه دفة الدعم الحكومي هو السبب في تعطيل نمو الوظائف للمواطنين، وقد دعم بطريقة مباشرة او غير مباشرة الوظائف للوافدين.”

– هناك من يتم تسجيلهم في التأمينات في أكثر من وظيفة، وهنا يكمن (الوهم) بأن أعداد السعوديين أو التوطين في ازدياد بينما الحقيقة غير ذلك.

– تقوم حكومة خادم الحرمين الشريفين بقيادة الملك سلمان -حفظه الله- والأمير محمد -وفقه الله- بمساعدة الدول العربية والإسلامية والصديقة ولا يخفى ذلك على الجميع، ويستطيع رجال الأعمال الاستثمار في تلك الدول مما ينتج عنه تشغيل مواطنيهم في بلدانهم، ويحد من نسبة الاستقدام ووجود العمالة الوافدة لدينا وخلق فرص أكثر للمواطنين في المستقبل القريب.

أرجو أن تعيد الجهات المسؤولة النظر في الأرقام التي تصدرها وتأخذ بما يكتبه البعض عن التوطين والمقيمين لأن مصلحتنا جميعًا هي مصلحة الوطن أولًا وثانيًا وعاشرًا.

بقلم/ علي عويض الأزوري